461
حكم النّبيّ الأعظم - المجلّد الثّانی

قالَ : فَمَا الَّذي يَجِبَ عَلى سُفرائِكَ ؟ ألَيسَ أن يَأتوهُم عَنكَ بِعَلامَةٍ صَحيحَةٍ تَدُلُّهُم عَلى صِدقِهِم فَيَجِبُ عَلَيهِم أن يُصَدِّقوهُم ؟
قالَ : بَلى .
قالَ : يا عَبدَاللّهِ ، أرَأَيتَ سَفيرَكَ لَو أنَّهُ لَمّا سَمِعَ مِنهُم هذا عادَ إلَيكَ وقالَ [ لَكَ ] : قُم مَعي فَإِنَّهُم قَدِ اقتَرَحوا عَلَيَّ مَجيئَكَ [ مَعي ] ، ألَيسَ يَكونُ هذا لَكَ مُخالِفا ؟ وتَقولُ لَهُ : إنَّما أنتَ رَسولٌ لا مُشيرٌ ولا آمِرٌ ؟
قالَ : بَلى .
قالَ : فَكَيفَ صِرتَ تَقتَرِحُ عَلى رَسولِ رَبِّ العالَمينَ مالا تُسَوِّغُ لِأَكَرَتِكَ ومُعامِليكَ أن يَقتَرِحوهُ عَلى رَسولِكَ إلَيهِم ؟ وكَيفَ أرَدتَ مِن رَسولِ رَبِّ العالَمينَ أن يَستَذِمَّ إلى رَبِّهِ بِأَن يَأمُرَ عَلَيهِ ويَنهى ، وأنتَ لا تُسَوِّغُ مِثلَ هذا عَلى رَسولِكَ إلى أكَرَتِكَ وقُوّامِكَ ؟ هذِهِ حُجَّةٌ قاطِعَةٌ لِاءِبطالِ جَميعِ ما ذَكَرتَهُ في كُلِّ مَا اقتَرَحتَهُ يا عَبدَاللّهِ .
وأمّا قَولُكَ يا عَبدَاللّهِ : «أوَ يَكونَ لَكَ بَيتٌ مِن زُخرُفٍ» وهُوَ الذَّهَبُ ، أما بَلَغَكَ أنَّ لِعَزيزِ مِصرَ بُيوتا مِن زُخرُفٍ ؟
قالَ : بَلى .
قالَ : أفَصارَ بِذلِكَ نَبِيّا ؟
قالَ : لا .
قالَ : فَكَذلِكَ لا يوجِبُ [ ذلِكَ ] لِمُحَمَّدٍ ـ لَو كانَ لَهُ نُبُوَّةً ومُحَمَّدٌ لا يَغتَنِمُ جَهلَكَ بِحُجَجِ اللّهِ .
وأمّا قولُكَ يا عَبدَاللّهِ : «أوَ تَرقى فِي السَّماءِ» ، ثُمَّ قُلتَ : «ولَن نُؤمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتّى تُنَزِّلَ عَلَينا كِتابا نَقرَؤُهُ» . يا عَبدَاللّهِ ! الصُّعودُ إلَى السَّماءِ أصعَبُ مِنَ النُّزولِ عَنها ، وإذا اعتَرَفتَ عَلى نَفسِكَ أنَّكَ لا تُؤمِنُ إذا صَعَدتُ ، فَكَذلِكَ حُكمُ النُّزولِ .


حكم النّبيّ الأعظم - المجلّد الثّانی
460

وُقوعُهُ] ، واللّهُ عز و جل لايَجري تَدبيرُهُ عَلى ما يَلزَمُ بِهِ المُحالُ .
ثُمَّ قالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : وهَل رَأَيتَ يا عَبدَاللّهِ طَبيبا كانَ دَواؤُهُ لِلمَرضى عَلى حَسَبِ اقتِراحاتِهِم ؟ وإنَّما يَفعَلُ بِهِ ما يَعلَمُ صَلاحَهُ فيهِ ، أحَبَّهُ العَليلُ أو كَرِهَهُ ، فَأَنتُمُ المَرضى وَاللّهُ طَبيبُكُم ، فَإِن أنقَدتُم ۱ لِدَوائِهِ شَفاكُم ، وإن تَمَرَّدتُم عَلَيهِ أسقَمَكُم .
وبَعدُ ، فَمَتى رَأَيتَ يا عَبدَاللّهِ مُدَّعي حَقٍّ [ مِن ] قِبَلِ رَجُلٍ أوجَبَ عَلَيهِ حاكِمٌ مِن حُكّامِهِم فيما مَضى ـ بَيِّنَةً عَلى دَعواهُ عَلى حَسَبِ اقتِراحِ المُدَّعى عَلَيهِ ؟ إذا ما كان يَثبُتُ لِأَحَدٍ عَلى أحَدٍ دَعوًى ولا حَقٌّ ، ولا كانَ بَينَ ظالِمٍ ومَظلومٍ ولا بَينَ صادِقٍ وكاذِبٍ فَرقٌ .
ثُمَّ قالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : يا عَبدَاللّهِ وأمّا قَولُكَ : «أو تَأتِيَ بِاللّهِ وَالمَلائِكَةِ قَبيلاً يُقابِلونَنَا ونُعايِنُهُم» . فَإِنّ هذا مِنَ المُحالِ الَّذي لاخِفاءَ بِهِ ، لِأَنَّ رَبَّنا عز و جل لَيسَ كَالمَخلوقينَ يَجيءُ ويَذهَبُ ، وَيَتَحرَّكُ ويُقابِلُ شَيئا حَتّى يُؤتى بِهِ ، فَقَد سَأَلتُم بِهذَا المُحالَ ، وإنَّما هذَا الَّذي دَعَوتَ إلَيهِ ، صِفَةُ أصنامِكُمُ الضَّعيفَةِ المَنقوصَةِ الَّتي لا تَسمَعُ ، ولا تُبصِرُ ، ولا تَعلَمُ ، ولا تُغني عَنكُم شَيئا ولا عَن أحَدٍ .
يا عَبدَاللّه ! أوَ لَيسَ لَكَ ضِياعٌ وجِنانٌ بِالطّائِفِ ، وعَقارٌ بِمَكَّةَ وقُوّامٌ عَلَيها ؟
قالَ : بَلى .
قالَ : أفَتُشاهِدُ جَميعَ أحوالِها بِنَفسِكَ ، أو بِسُفَراءَ بَينَكَ وبَينَ مُعامِليكَ ؟
قالَ : بِسُفَراءَ .
قالَ : أرَأَيتَ لَو قالَ مُعامِلوكَ وأكَرَتُكَ وخَدَمُكَ لِسُفَرائِكَ : «لانُصَدِّقُكُم في هذِهِ السِّفارَةِ إلّا أن تَأتونا بِعَبدِاللّهِ بنِ أبي اُمَيَّةَ لِنُشاهِدَهُ فَنَسمَعَ ما تَقولونَ عَنهُ شِفاها» ، كُنتَ تُسَوِّغُهُم هذا ؟ أوَ كانَ يَجوزُ لَهُم عِندَكَ ذلِكَ ؟
قالَ : لا .

1.في بحار الأنوار «أنفَذتُم» .

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم - المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    لجنةٍ من المحققين
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    02/01/1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6884
صفحه از 686
پرینت  ارسال به