49
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

فلمّا سمع مقالتهم الناس أخذوا يتفرّقون ، وأخذوا ينصرفون .
قال أبو مخنف : فحدّثني المجالد بن سعيد ، أنّ المرأة كانت تأتي ابنها أو أخاها فتقول : انصرف ، الناس يكفونك ، ويجي‏ء الرجل إلى ابنه أو أخيه فيقول : غداً يأتيك أهل الشام ، فما تصنع بالحرب والشرّ! انصرف فيذهب به ، فما زالوا يتفرّقون ويتصدّعون حتّى أمسى ابن عقيل وما معه ثلاثون نفساً .
فلمّا رأى أنّه قد أمسى وليس معه إلّا اُولئك النفر خرج متوجّهاً نحو أبواب كندة ، وبلغ الأبواب ومعه منهم عشرة ، ثمّ خرج من الباب وإذا ليس معه إنسان ، والتفت فإذا هو لا يحسّ أحداً يدلّه على الطريق ، ولا يدلّه على منزل ، ولا يواسيه بنفسه إن عرض له عدوّ ، فمضى على وجهه يتلدّد في أزقة الكوفة لا يدري أين يذهب! حتّى خرج إلى دور بني جبلة من كندة ، فمشى حتّى انتهى إلى باب امرأة يقال لها : طوعة - اُمّ ولد كانت للأشعث بن قيس ، فأعتقها ، فتزوّجها أسيد الحضرمي ، فولدت له بلالاً ، وكان بلال قد خرج مع الناس واُمّه قائمة تنتظره - فسلّم عليها ابن عقيل ، فردّت عليه .

فقال لها : يا أمة اللَّه ، اسقيني ماء ، فدخلت فسقته ، فجلس ، وأدخلت الإناء ، ثمّ خرجت فقالت : يا عبداللَّه ، أ لم تشرب؟ قال : بلى ، قالت : فاذهب إلى أهلك ، فسكت ، ثمّ عادت فقالت مثل ذلك ، فسكت .
ثمّ قالت له : في اللَّه ، سبحان اللَّه يا عبداللَّه! فمرّ إلى أهلك عافاك اللَّه! فإنّه لا يصلح لك الجلوس على بابي ، ولا اُحلّه لك .
فقام فقال : يا أمة اللَّه ، ما لي في هذا المصر منزل ولا عشيرة ، فهل لك إلى أجر ومعروف ، ولعلّي مكافئك به بعد اليوم؟!
فقالت : يا عبداللَّه ، وما ذاك؟


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
48

صلخب الأزدي وهو يريد ابن عقيل ، عليه سلاحه ، فأخذه فبعث به إلى ابن زياد فحبسه ، فبعث ابن عقيل إلى محمّد بن الأشعث من المسجد عبد الرحمن بن شريح الشبامي ، فلمّا رأى محمّد بن الأشعث كثرة مَن أتاه ، أخذ يتنحّى ويتأخّر ، وأرسل القعقاع بن شور الذهلي إلى محمّد بن الأشعث : قد جُلتُ على ابن عقيل من العرار ، فتأخّر عن موقفه ، فأقبل حتّى دخل على ابن زياد من قبل دار الروميّين .

فلمّا اجتمع عند عبيد اللَّه كثير بن شهاب ومحمّد والقعقاع فيمن أطاعهم من قومهم ، قال له كثير - وكانوا مناصحين لابن زياد : أصلح اللَّه الأمير! معك في القصر ناس كثير من أشراف الناس ومن شرطك وأهل بيتك ومواليك ، فاخرج بنا إليهم ، فأبى عبيد اللَّه ، وعقد لشبث بن ربعي لواء ، فأخرجه ، وأقام الناس مع ابن عقيل يكبّرون ويثوبون حتّى المساء ، وأمرهم شديد ، فبعث عبيد اللَّه إلى الأشراف فجمعهم إليه ، ثمّ قال : أشرفوا على الناس فمنّوا أهل الطاعة الزيادة والكرامة ، وخوّفوا أهل المعصية الحرمان والعقوبة ، واعلموهم فصول الجنود من الشام إليهم .

قال أبو مخنف : حدّثني سليمان بن أبي راشد ، عن عبداللَّه بن خازم الكثيري من الأزد ، من بني كثير ، قال : أشرف علينا الأشراف ، فتكلّم كثير بن شهاب أوّل الناس حتّى كادت الشمس أن تَجِب ، فقال :
أيّها الناس ، ألحقوا بأهاليكم ، ولا تعجّلوا الشرّ ، ولا تعرّضوا أنفسكم للقتل ، فإنّ هذه جنود أمير المؤمنين يزيد قد أقبلت ، وقد أعطى اللَّهَ الأميرُ عهداً : لئن أتممتم على حربه ولم تنصرفوا من عشيّتكم أن يحرم ذرّيّتكم العطاء ، ويفرّق مقاتلتكم في مغازي أهل الشام على غير طمع ، وأن يأخذ البري‏ء بالسقيم ، والشاهد بالغائب ، حتّى لا يبقى له فيكم بقيّة من أهل المعصية إلّا أذاقها وبال ۱ما جرّت أيديها .
و تكلّم الأشراف بنحو من كلام هذا .

1.۵ / ۳۷۱

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6153
صفحه از 512
پرینت  ارسال به