صلخب الأزدي وهو يريد ابن عقيل ، عليه سلاحه ، فأخذه فبعث به إلى ابن زياد فحبسه ، فبعث ابن عقيل إلى محمّد بن الأشعث من المسجد عبد الرحمن بن شريح الشبامي ، فلمّا رأى محمّد بن الأشعث كثرة مَن أتاه ، أخذ يتنحّى ويتأخّر ، وأرسل القعقاع بن شور الذهلي إلى محمّد بن الأشعث : قد جُلتُ على ابن عقيل من العرار ، فتأخّر عن موقفه ، فأقبل حتّى دخل على ابن زياد من قبل دار الروميّين .
فلمّا اجتمع عند عبيد اللَّه كثير بن شهاب ومحمّد والقعقاع فيمن أطاعهم من قومهم ، قال له كثير - وكانوا مناصحين لابن زياد : أصلح اللَّه الأمير! معك في القصر ناس كثير من أشراف الناس ومن شرطك وأهل بيتك ومواليك ، فاخرج بنا إليهم ، فأبى عبيد اللَّه ، وعقد لشبث بن ربعي لواء ، فأخرجه ، وأقام الناس مع ابن عقيل يكبّرون ويثوبون حتّى المساء ، وأمرهم شديد ، فبعث عبيد اللَّه إلى الأشراف فجمعهم إليه ، ثمّ قال : أشرفوا على الناس فمنّوا أهل الطاعة الزيادة والكرامة ، وخوّفوا أهل المعصية الحرمان والعقوبة ، واعلموهم فصول الجنود من الشام إليهم .
قال أبو مخنف : حدّثني سليمان بن أبي راشد ، عن عبداللَّه بن خازم الكثيري من الأزد ، من بني كثير ، قال : أشرف علينا الأشراف ، فتكلّم كثير بن شهاب أوّل الناس حتّى كادت الشمس أن تَجِب ، فقال :
أيّها الناس ، ألحقوا بأهاليكم ، ولا تعجّلوا الشرّ ، ولا تعرّضوا أنفسكم للقتل ، فإنّ هذه جنود أمير المؤمنين يزيد قد أقبلت ، وقد أعطى اللَّهَ الأميرُ عهداً : لئن أتممتم على حربه ولم تنصرفوا من عشيّتكم أن يحرم ذرّيّتكم العطاء ، ويفرّق مقاتلتكم في مغازي أهل الشام على غير طمع ، وأن يأخذ البريء بالسقيم ، والشاهد بالغائب ، حتّى لا يبقى له فيكم بقيّة من أهل المعصية إلّا أذاقها وبال ۱ما جرّت أيديها .
و تكلّم الأشراف بنحو من كلام هذا .