135
الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة

قالَ: لا. قُلتُ: أفَتَشهَدُ أنَّها مُشتَمِلَةٌ عَلى نَواةٍ ولا تَراها ؟
قالَ: ما يُدريني لَعَلَّ لَيسَ فيها شَيءٌ !
قُلتُ: أفَتَرى أنَّ خَلفَ هذَا القِشرِ مِن هذِهِ الإِهليلَجَةِ غائِبٌ لَم تَرَهُ مِن لَحمٍ أو ذي لَونٍ ؟
قالَ: ما أدري، لَعَلَّ ما ثَمَّ غَيرُ ذي لَونٍ ولا لَحمٍ ؟....
قُلتُ: أفَتَقِرُّ أنَّ الإِهليلَجَةَ في أرضٍ تَنبُتُ ؟
قالَ: تِلكَ الأَرضُ وهذِهِ واحِدَةٌ وقَد رَأَيتُها.
قُلتُ: أفَما تَشهَدُ بِحُضورِ هذِهِ الإِهليلَجَةِ عَلى وُجودِ ما غابَ مِن أشباهِها ؟
قالَ: ما أدري، لَعَلَّهُ لَيسَ فِي الدُّنيا إهليلَجَةٌ غَيرُها.
فَلَمَّا اعتَصَمَ بِالجَهالَةِ قُلتُ: أخبِرني عَن هذِهِ الإِهليلَجَةِ أتُقِرُّ أنَّها خَرَجَت مِن شَجَرَةٍ ؟ أو تَقولُ: إنَّها هكَذا وُجِدَت ؟ قالَ: لا بَل مِن شَجَرَةٍ خَرَجَت. قُلتُ: فَهَل أدرَكَت حَواسُّكَ الخَمسُ ما غابَ عَنكَ مِن تِلكَ الشَّجَرَةِ ؟ قالَ: لا. قُلتُ: فَما أراكَ إلاّ قَد أقرَرتَ بِوُجودِ شَجَرَةٍ لَم تُدرِكها حَواسُّكَ ؟ قالَ: أجَل ولكِنّي أقولُ: إنَّ الإِهليلَجَةَ وَالأَشياءَ المُختَلِفَةَ شَيءٌ لَم تَزَل تُدرِكُ، فَهَل عِندَكَ في هذا شَيءٌ تَرُدُّ بِهِ قَولي ؟ قُلتُ: نَعَم.
أخبِرني عَن هذِهِ الإهليلَجَةِ هَل كُنتَ عايَنتَ شَجَرَتَها وعَرَفتَها قَبلَ


الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة
134

أسفَلَ مِنها فَوَجَدتَ ذلِكَ خَلاءً مِن مُدَبِّرٍ حَكيمٍ عالمٍ بَصيرٍ ؟
قالَ: لا.
قُلتُ: فَما يَدريكَ، لَعَلَّ الَّذي أنكَرَهُ قَلبُكَ هُوَ في بَعضِ ما لَم تُدرِكهُ حَواسُّكَ ولَم يُحِط بِهِ عِلمُكَ ؟ قالَ: لا أدري لَعَلَّ في بَعضِ ما ذَكَرتَ مُدَبِّرا! وما أدري لَعَلَّهُ لَيسَ في شَيءٍ مِن ذلِكَ شَيءٌ !
قُلتُ: أما إذ خَرَجتَ مِن حَدِّ الإِنكارِ إلى مَنزِلَةِ الشَّكِّ، فَإِنّي أرجو أن تَخرُجَ إلَى المَعرِفَةِ.
قالَ: فَإِنّما دَخَلَ عَلَيَّ الشَّكُّ لِسُؤالِكَ إيّايَ عَمّا لَم يُحِط بِهِ عِلمي، ولكِن مِن أينَ يَدخُلُ عَلَيَّ اليَقينُ بِما لَم تُدرِكهُ حَواسّي ؟
قُلتُ: مِن قِبَلِ إهليلَجَتِكَ هذِهِ.
قالَ: ذاكَ إذا أثبَتُ لِلحُجَّةِ ؛ لِأَ نَّها مِن آدابِ الطِّبِّ الَّذي اُذعِنُ بِمَعرِفَتِهِ.
قُلتُ: إنَّما أرَدتُ أن آتِيَكَ بِهِ مِن قِبَلِها لِأَ نَّها أقرَبُ الأَشياءِ إلَيكَ، ولَو كانَ شَيءٌ أقرَبَ إلَيكَ مِنها لَأَتَيتُكَ مِن قِبَلِهِ ؛ لِأَنَّ في كُلِّ شَيءٍ أثَرَ تَركيبٍ وحِكمَةً، وشاهِدا يَدُلُّ عَلَى الصَّنعَةِ الدّالَّةِ عَلى مَن صَنَعَها ولَم تَكُن شَيئا، ويُهلِكُها حَتّى لا تَكونَ شَيئا.
قُلتُ: فَأَخبِرني هَل تَرى هذِهِ إهليلَجَةً ؟
قالَ: نَعَم.
قُلتُ: أفَتَرى غَيبَ ما في جَوفِها ؟

  • نام منبع :
    الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری شهری، با همکاری: رضا برنجکار
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1394
    نوبت چاپ :
    قم
تعداد بازدید : 11104
صفحه از 216
پرینت  ارسال به