99
أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة

الأحاديث المعتبرة التي مرّت، منها حديث الخلفاء الاثني عشر، فإنّ النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أخبر عن لياقة أئمّة أهل البيت عليهم‏السلام للخلافة، وقد عيّنهم باعتبارهم خلفاء عنه صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، وأمّا قبول الناس أو عدم قبولهم لهذا الأمر فهو موضوعٌ آخر، وقد أنبأ النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله في أحاديث اُخرى عن الحوادث التي سوف تقع في الاُمّة الإسلاميّة بعده، وعمّا سوف تصنعه الاُمّة بأهل البيت عليهم‏السلام.۱

۲. عدم اتّفاق الاُمّة على خلافة أئمّة الشيعة

الإشكال الثاني هو إنّه جاء في بعض النصوص المرويّة في وصف الخلفاء الاثني عشر:

كُلُّهُم تَجتَمِعُ عَلَيهِ الاُمَّةُ.۲

من الواضح إنّ أيّاً من أئمّة الشيعة لم يكن يتوفّر فيه هذا الوصف، بناءً على ذلك فكيف يمكن تطبيق الحديث عليهم؟!

الجواب على هذا الإشكال:

أوّلاً: إنّ معظم أحاديث الخلفاء الاثني عشر خالية من هذا التعبير، والأحاديث التي ذكرت هذه العبارة هي أحاديث فاقدة للاعتبار.۳

ثانياً: على فرض كون سند هذه الرواية صحيحاً، فلا يمكن نسبة مدلولها الظاهري إلى النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ؛ لأنّه لا واقعيّة له، إذ أنّ الأكثريّة القريبة من الإجماع على أنّه لم يقع اتّفاق و اجتماع الاُمّة على كلّ من أمسك بزمام الحكم بعد النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله. بناءً

1.. راجع : ص ۵۳۷ : (القسم الحادي عشر : ظلم أهل البيت عليهم‏السلام) وموسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‏السلام :ج۴ (القسم الثامن / الفصل الأوّل : إخبار النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آلهباستشهاده) .

2.. سنن أبي داود : ج ۴ ص ۱۰۶ ح ۴۲۷۹ .

3.. راجع : سلسلة الأحاديث الصحيحة : ج ۱ ص ۶۵۱ .


أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة
98

اُخرى كثيرة يمكن أن نتصوّرها حوله.

وقد نبّه ابنُ حجر العسقلاني في نقد رأيه إلى هذه الملاحظة مشيراً إلى أنّ النصوص الموجودة في صحيح مسلم أوضحت أنّ الإسلام سيكون عزيزا منيعا في زمان هؤلاء الأشخاص الاثني عشر، فهل يمكن أن نتصوّر أن يحدث اثنا عشر افتراقا بين المسلمين ثمّ تحافظ الاُمة الإسلامية على عزّتها بعد ذلك؟!۱

هكذا يتبيّن لنا استنادا إلى الأدلّة المذكورة في الصفحات السابقة أنّ حديث الخلفاء الاثني عشر لا ينطبق إلاّ على رأي الشيعة الاثني عشرية، وأمّا التحليلات والتنظيرات الاُخرى فلا يمكن قبولها ؛ بسبب اشتمالها على إشكالات عديدة.

الجواب على إشكالَين

هناك إشكالان يمكن أن يُطرَحا حول الرأي المختار سوف نذكرهما هنا مع الإجابة عليهما:

۱. عدم وصول أكثر أئمّة الشيعة إلى الخلافة

الإشكال الأوّل هو إنّه لم يصل إلى الخلافة من بين الأئمّة الاثني عشر للشيعة سوى الإمام عليّ عليه‏السلام والإمام الحسن عليه‏السلام، وأمّا الأئمّة الآخرون فلم يتسلّموا زمام الحكم أبدا، على هذا فكيف يمكن اعتبارهم خلفاء النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ؟!

الجواب على هذا الإشكال: إنّه استناداً إلى النصوص المعتبرة ـ والتي مرّ قسم منها ـ فإنّ الخلافة هي منصب إلهيّ، وقد عيّن النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله لهذا المنصب اثني عشر من أهل بيته لأجل القيام به وتحمّل مسؤوليّته، وأمّا إعراض أكثر الناس عنهم وعدم تبعيّتهم لهم فهو لا ينافي كونهم خلفاء واقعيّين له صلى‏الله‏عليه‏و‏آله. بعبارة اُخرى: إنّه استناداً إلى

1.. فتح الباري : ج ۱۳ ص ۲۱۱ .

  • نام منبع :
    أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري، السّيّد رسول الموسوي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390/01/01
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2868
صفحه از 719
پرینت  ارسال به