89
أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة

ويدلّ هذا المشهد على أنّ الجوّ السياسي لم يكن مناسبا للإعلان عن القادة المستقبليّين للعالم الإسلامي، كما تشير إلى ذلك الآية: «وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ»۱في وقعة الغدير، وكذلك عندما كان رسول الإسلام صلى‏الله‏عليه‏و‏آله يريد خلال مرضه الّذي أدّى إلى وفاته أن يحلّ قضية القائد المقبل للعالم الإسلامي بشكل مكتوب إلاّ أنه واجه ضجّة وغوغاء، وبالتالي لم يتيسّر له التصريح بذلك.۲

۴. المراد من الخلفاء الاثني عشر

إنّ التأمّل في هذه الكلمات: «الخليفة»۳ و«الإمام»۴ و«الوصي»۵ و«الأمير»۶، والكلمات المشابهة لها في الروايات المختلفة لحديث جابر، وكذلك المنزلة العائلية للأشخاص ـ الّذين قدّمهم النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله باعتبارهم خلفاءه ـ وعددهم، والأهمّ من كلّ ذلك تأكيده صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أنّ قيام الدين وعزّة الإسلام وصلاح الاُمّة حتّى القيامة متوقّف على خلافتهم ؛ كلّ ذلك يُظهر بوضوح أنّ رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله كان يريد من هذا البلاغ الهامّ أن يُقدّم مواصفات وخصوصيّات الأشخاص الّذين يتمتّعون من بعده بالصلاحية العلمية والعملية والسياسية والإدارية اللاّزمة لقيادة المجتمع الإسلامي، الأشخاص الّذين بإمكانهم ـ من جميع الجوانب ـ أن يكونوا خلفاء اللّه‏ وخلفاء رسوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله.

وقد بلغت أهمّية هذا العنوان وهذا البلاغ حدّا، بحيث إنّ أبا بكر لم يكن يُسمّي

1.. المائدة : ۶۷ .

2.. صحيح البخاري : ج ۱ ص ۵۴ ح ۱۱۴ و ج ۴ ص ۱۶۱۲ ح ۴۱۶۸ و ج ۸ ص ۲۶۸۰ ح ۶۹۳۳ و مسندابن حنبل : ج ۱ ص ۶۹۵ ح ۲۹۹۲ والطبقات الكبرى : ج ۲ ص ۲۴۴ .

3.. راجع : ص ۷۳ (الفصل الخامس : عدد الأئمّة من أهل البيت عليهم‏السلام / ما روي بلفظ «اثنا عشر خليفة») .

4.. راجع : ص ۷۷ (الفصل الخامس : عدد الأئمّة من أهل البيت عليهم‏السلام / ما روي بلفظ «اثنا عشر اماماً») .

5.. راجع : ص ۷۸ (الفصل الخامس : عدد الأئمّة من أهل البيت عليهم‏السلام / ما روي بلفظ «اثنا عشر وصيّاً») .

6.. راجع : ص ۷۶ (الفصل الخامس : عدد الأئمّة من أهل البيت عليهم‏السلام / ما روي بلفظ «اثنا عشر أميراً») .


أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة
88

ومكانه عرفات. فيما ذكر في موضع آخر أنّ مكان صدوره منى.۱

ومن خلال التأمّل في نصوص الروايات المتعلّقة بهذه الواقعة، يظهر لنا أنّ جابر بن سمرة يبيّن لنا واقعة واحدة، واحتمال تعدّد هذه الواقعة بعيد ؛ نظرا إلى الميزات الخاصّة في النصّ.

۳. الاختلاف في نصوص الأحاديث

لقد روي نصّ حديث جابر بن سمرة بأشكال مختلفة، فقد جاءت عبارة: «اثنا عشر خليفة» في غالبيّة الروايات، وجاءت في صحيح البخاري عبارة: «اثنا عشر أميرا»، وفي الروايات الاُخرى: «اثنا عشر إماما» و«اثنا عشر ملكا» و«اثنا عشر قيّما»، وروي نصّ الحديث حسب بعض النقول:

لا يَزالُ أَمرُ النَّاسِ ماضيا ما وَليَهُم اثنا عَشَرَ رَجُلاً.۲

إنّ جميع هذه الروايات تدلّ على أنّ رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله كان بصدد التعريف بخلفائه والقادة المستقبليّين للعالم الإسلامي، وأنّ الراوي أو الرواة للحديث نقلوا كلام النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بالمعنى.

والملاحظة الملفتة للنظر هي أنّه صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وبعد أن قدّم الأشخاص الاثني عشر باعتبارهم خلفاءه، ارتفعت الأصوات في المجلس، بحيث إنّ جابر بن سمرة صرّح بأنّه لم يسمع الكلام الختامي للنبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ، فسأل أباه أو عمّه عمّا قاله النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، فقال: «كُلُّهُم مِن قُرَيشٍ»۳ أو «كُلُّهُم مِن بَني هاشِمٍ».۴

1.۱ و . مسند ابن حنبل : ج ۷ ص ۴۲۹ ح ۲۰۹۹۱ ، وراجع : ح۲۰۹۲۲ و۲۰۹۵۹ و۲۰۹۶۰ و۲۰۹۹۰.

2.. صحيح مسلم : ج ۳ ص ۱۴۵۲ ح ۶ ؛ الخصال : ص ۴۷۳ ح ۲۷ ، بحار الأنوار : ج ۳۶ ص ۲۳۹ ح ۳۵ .

3.۴ ـ . راجع : ص ۷۳ ـ ۷۴ ح ۷۷ ـ ۸۰ و مسند ابن حنبل : ج ۷ ص ۴۲۹ ح ۲۰۹۹۱ .

4.. ينابيع المودّة : ج ۲ ص ۳۱۶ ح ۹۰۸ .

  • نام منبع :
    أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري، السّيّد رسول الموسوي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390/01/01
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2781
صفحه از 719
پرینت  ارسال به