اُمُّها: زَوِّجِ ابنَتَكَ بِابنِ فُلانٍ السَّقّاءِ ـ لِرَجُلٍ مِن جيرانِنا يَسقِي الماءَ ـ فَإِنَّهُ أيسَرُ مِنّا وقَد خَطَبَها، وألَحَّت عَلَيَّ، فَلَم أقدِر عَلى إخبارِها - بِأَنَّ ذلِكَ غَيرُ جائِزٍ، ولا هُوَ بِكُفءٍ لَها ـ فَيَشيعَ خَبَري، فَجَعَلَت تُلِحَّ عَلَيَّ، فَلَم أزَل أستَكفِي اللّهَ أمرَها حَتّى ماتَت بَعدَ أيّامٍ، فَما أجِدُني آسى عَلى شَيءٍ مِنَ الدّنيا أسايَ عَلى أنَّها ماتَت ولَم تَعلَم بِمَوضِعِها مِن رَسولِ اللّهِ صلىاللهعليهوآله.
قالَ: ثُمَّ أقسَمَ عَلَيَّ أن أنصَرِفَ ولا أعودَ إليهِ، ووَدَّعَني، فَلَمّا كانَ بَعدَ ذلِكَ صِرتُ إلَى المَوضِعِ الَّذِي انتَظَرتُهُ فِيهِ لِأَراهُ فَلَم أرَهُ، وكانَ آخِرَ عَهدي بِهِ.۱
۱۲۳۳.مقاتل الطالبيّين عن المنذر بن جعفر العبديّ عن أبيه: خَرَجتُ أنَا وَالحَسَنُ وعَلِيٌّ اِبنا صالِحِ بنِ حَيٍّ، وعَبدُ رَبِّهِ بنُ عَلقَمَةَ، وجَنابُ بنُ نِسطاسٍ مَعَ عيسَى بنِ زَيدٍ حُجّاجا بَعدَ مَقتَلِ إبراهيمَ، وعيسى بَينَنا يَستُرُ نَفسَهُ في زِيِّ الجَمّالينَ، فَاجتَمَعنا بِمَكَّةَ ذاتَ لَيلَةٍ فِي المَسجِدِ الحَرامِ، فَجَعَلَ عيسَى بنُ زَيدٍ وَالحَسَنُ بنُ صالِحٍ يَتَذاكَرانِ أشياءَ مِنَ السّيرَةِ، فَاختَلَفَ هُوَ وعيسى في مَسأَلَةٍ مِنها، فَلَمّا كانَ مِنَ الغَدِ دَخَلَ عَلَينا عَبدُ رَبِّهِ بنُ عَلقَمَةَ فَقالَ: قَدِمَ عَلَيكُمُ الشِّفاءُ فيَما اختَلَفتُم فيهِ، هذا سُفيانُ الثَّورِيُّ قَد قَدِمَ.
فَقاموا بِأَجمَعِهِم فَخَرَجوا إلَيهِ، فَجاؤوهُ وهُوَ فِي المَسجِدِ جالِسٌ، فَسَلَّموا عَلَيهِ، ثُمَّ سَأَلَهُ عيسَى بنُ زَيدٍ عَن تِلكَ المَسأَلَةِ، فَقالَ: هذِهِ مَسأَلَةٌ لا أقدِرُ عَلَى الجَوابِ عَنها ؛ لِأَنَّ فيها شَيئا عَلَى السُّلطانِ، فَقالَ لَهُ الحَسَنُ: إنَّهُ عيسَى بنُ زَيدٍ، فَنَظَرَ إلى جَنابِ بنِ نِسطاسٍ مُستَثبِتا، فَقالَ لَهُ جَنابٌ: نَعَم، هُوَ عيسَى بنُ زَيدٍ. فَوَثَبَ سُفيانُ فَجَلَسَ بَينَ يَدَي عيسى وعانَقَهُ وبَكى بُكاءً شَديدا وَاعتَذَرَ إلَيهِ مِمّا خاطَبَهُ بِهِ مِنَ الرَّدِّ، ثُمَّ أجابَهُ عَنِ المَسأَلَةِ وهُوَ يَبكي. وأقبَلَ عَلَينا فَقالَ: إنَّ حُبَّ بَني فاطِمَةَ وَالجَزَعَ لَهُم مِمّا هُم عَلَيهِ مِنَ الخَوفِ وَالقَتلِ وَالتَّطريدِ لَيُبكي مَن في قَلبِهِ شَيءٌ مِنَ