565
أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة

اُمُّها: زَوِّجِ ابنَتَكَ بِابنِ فُلانٍ السَّقّاءِ ـ لِرَجُلٍ مِن جيرانِنا يَسقِي الماءَ ـ فَإِنَّهُ أيسَرُ مِنّا وقَد خَطَبَها، وألَحَّت عَلَيَّ، فَلَم أقدِر عَلى إخبارِها - بِأَنَّ ذلِكَ غَيرُ جائِزٍ، ولا هُوَ بِكُف‏ءٍ لَها ـ فَيَشيعَ خَبَري، فَجَعَلَت تُلِحَّ عَلَيَّ، فَلَم أزَل أستَكفِي اللّهَ أمرَها حَتّى ماتَت بَعدَ أيّامٍ، فَما أجِدُني آسى عَلى شَيءٍ مِنَ الدّنيا أسايَ عَلى أنَّها ماتَت ولَم تَعلَم بِمَوضِعِها مِن رَسولِ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله.
قالَ: ثُمَّ أقسَمَ عَلَيَّ أن أنصَرِفَ ولا أعودَ إليهِ، ووَدَّعَني، فَلَمّا كانَ بَعدَ ذلِكَ صِرتُ إلَى المَوضِعِ الَّذِي انتَظَرتُهُ فِيهِ لِأَراهُ فَلَم أرَهُ، وكانَ آخِرَ عَهدي بِهِ.۱

۱۲۳۳.مقاتل الطالبيّين عن المنذر بن جعفر العبديّ عن أبيه: خَرَجتُ أنَا وَالحَسَنُ وعَلِيٌّ اِبنا صالِحِ بنِ حَيٍّ، وعَبدُ رَبِّهِ بنُ عَلقَمَةَ، وجَنابُ بنُ نِسطاسٍ مَعَ عيسَى بنِ زَيدٍ حُجّاجا بَعدَ مَقتَلِ إبراهيمَ، وعيسى بَينَنا يَستُرُ نَفسَهُ في زِيِّ الجَمّالينَ، فَاجتَمَعنا بِمَكَّةَ ذاتَ لَيلَةٍ فِي المَسجِدِ الحَرامِ، فَجَعَلَ عيسَى بنُ زَيدٍ وَالحَسَنُ بنُ صالِحٍ يَتَذاكَرانِ أشياءَ مِنَ السّيرَةِ، فَاختَلَفَ هُوَ وعيسى في مَسأَلَةٍ مِنها، فَلَمّا كانَ مِنَ الغَدِ دَخَلَ عَلَينا عَبدُ رَبِّهِ بنُ عَلقَمَةَ فَقالَ: قَدِمَ عَلَيكُمُ الشِّفاءُ فيَما اختَلَفتُم فيهِ، هذا سُفيانُ الثَّورِيُّ قَد قَدِمَ.
فَقاموا بِأَجمَعِهِم فَخَرَجوا إلَيهِ، فَجاؤوهُ وهُوَ فِي المَسجِدِ جالِسٌ، فَسَلَّموا عَلَيهِ، ثُمَّ سَأَلَهُ عيسَى بنُ زَيدٍ عَن تِلكَ المَسأَلَةِ، فَقالَ: هذِهِ مَسأَلَةٌ لا أقدِرُ عَلَى الجَوابِ عَنها ؛ لِأَنَّ فيها شَيئا عَلَى السُّلطانِ، فَقالَ لَهُ الحَسَنُ: إنَّهُ عيسَى بنُ زَيدٍ، فَنَظَرَ إلى جَنابِ بنِ نِسطاسٍ مُستَثبِتا، فَقالَ لَهُ جَنابٌ: نَعَم، هُوَ عيسَى بنُ زَيدٍ. فَوَثَبَ سُفيانُ فَجَلَسَ بَينَ يَدَي عيسى وعانَقَهُ وبَكى بُكاءً شَديدا وَاعتَذَرَ إلَيهِ مِمّا خاطَبَهُ بِهِ مِنَ الرَّدِّ، ثُمَّ أجابَهُ عَنِ المَسأَلَةِ وهُوَ يَبكي. وأقبَلَ عَلَينا فَقالَ: إنَّ حُبَّ بَني فاطِمَةَ وَالجَزَعَ لَهُم مِمّا هُم عَلَيهِ مِنَ الخَوفِ وَالقَتلِ وَالتَّطريدِ لَيُبكي مَن في قَلبِهِ شَيءٌ مِنَ

1.. مقاتل الطالبيّين : ص ۳۴۵ الرقم ۳۵ .


أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة
564

قَد أثَّرَ السُّجودُ في جَبهَتِهِ، عَلَيهِ جُبَّةُ صوفٍ، يَستَقِي الماءَ عَلى جَمَلٍ، وقَدِ انصَرَفَ يَسوقُ الجَمَلَ لا يَضَعُ قَدَما ولا يَرفَعُها إلاّ ذَكَرَ اللّهَ عز و جل ودُموعُهُ تَنحَدِرُ، فَقُم وسَلِّم عَلَيهِ وعانِقهُ فَإِنَّهُ سَيَذعَرُ مِنكَ كَما يَذعَرُ الوَحشُ، فَعَرِّفهُ نَفسَكَ وَانتَسِب لَهُ فَإِنَّهُ يَسكُنُ إلَيكَ ويُحَدِّثُكَ طَويلاً، ويَسأَلُكَ عَنّا جَميعا، ويُخبِرُكَ بِشَأنِهِ ولا يَضجَرُ بِجُلوسِكَ مَعَهُ، ولا تُطِل عَلَيهِ ووَدِّعهُ، فَإِنَّهُ سَوفَ يَستَعفيكَ مِن العَودَةِ إلَيهِ، فَافعَل ما يَأمُرُكَ بِهِ مِن ذلِكَ، فَإِنَّكَ إن عُدتَ إلَيهِ تَوارى عَنكَ وَاستَوحَشَ مِنكَ وَانتَقَلَ عَن مَوضِعِهِ وعَلَيهِ في ذلِكَ مَشَقَّةٌ. فَقُلتُ: أفعَلُ كَما أمَرتَني.
ثُمَّ جَهَّزَني إلَى الكوفَةِ ووَدَّعتُهُ وخَرَجتُ. فَلَمّا وَرَدتُ الكوفَةَ قَصَدتُ سِكَّةَ بَني حَيٍّ بَعدَ العَصرِ، فَجَلَستُ خارِجَها بَعدَ أن تَعَرَّفتُ البابَ الَّذي نَعَتَهُ لي، فَلَمّا غَرَبَتِ الشَّمسُ إذا أنَا بِهِ قَد أقبَلَ يَسوقُ الجَمَلَ، وهُوَ كَما وَصَفَ لي أبي لا يَرفَعُ قَدَما ولا يَضَعُها إلاّ حَرَّكَ شَفَتَيهِ بِذِكرِ اللّهِ، ودُموعُهُ تَرَقرَقُ في عَينَيهِ وتَذرِفُ أحيانا. فَقُمتُ فَعانَقتُهُ، فَذَعِرَ مِنّي كَما يَذعَرُ الوَحشُ مِنَ الإِنسِ، فَقُلتُ: يا عَمِّ، أنَا يَحيَى بنُ الحُسَينِ بنِ زَيدٍ، اِبنُ أخيكَ.
فَضَمَّني إلَيهِ وبَكى حَتّى قُلتُ قَد جاءَت نَفسُهُ، ثُمَّ أناخَ جَمَلَهُ وجَلَسَ مَعي فَجَعَلَ يَسأَلُني عَن أهلِهِ رَجُلاً رَجُلاً وَامرَأَةً اِمرَأَةً وصَبِيّا صَبِيّا، وأنَا أشرَحُ لَهُ أخبارَهُم وهُوَ يَبكي.
ثُمَّ قالَ: يا بُنَيَّ، أنَا أستَقي عَلى هذَا الجَمَلِ الماءَ، فَأَصرِفُ ما أكتَسِبُ ـ يَعني مِن اُجرَةِ الجَمَلِ ـ إلى صاحِبِهِ وأتَقَوَّتُ باقِيَهُ، ورُبَّما عاقَني عائِقٌ عَنِ استِقاءِ الماءِ فَأَخرُجُ إلَى البَرِيَّةِ ـ يَعني بِظَهرِ الكوفَةِ ـ فَأَلتَقِطُ ما يَرمِي النّاسُ بِهِ مِنَ البُقولِ فَأَتَقَوَّتُهُ. وقَد تَزَوَّجتُ إلى هذَا الرَّجُلِ ابنَتَهُ، وهُوَ لا يَعلَمُ مَن أنَا إلى وَقتي هذا، فَوَلَدَت مِنّي بِنتا فَنَشَأَت وبَلَغَت وهِيَ أيضا لا تَعرِفُني ولا تَدري مَن أنَا، فَقالَت لي

  • نام منبع :
    أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري، السّيّد رسول الموسوي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390/01/01
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4349
صفحه از 719
پرینت  ارسال به