431
أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة

فِي الدُّنيا، فَإِنّ تَتابُعَ البَلاءِ فيها وَالشِّدَّةَ في طاعَةِ اللّهِ ووَلايَتِهِ ووَلايَةِ مَن أمَرَ بِوَلايَتِهِ خَيرٌ عاقِبَةً عِندَ اللّهِ فِي الآخِرَةِ مِن مُلكِ الدُّنيا وإن طالَ تَتابُعُ نَعيمِها وزَهرَتِها وغَضارَةُ عَيشِها في مَعصِيَةِ اللّهِ ووَلايَةِ مَن نَهَى اللّهُ عَن وَلايَتِهِ وطاعَتِهِ، فَإِنَّ اللّهَ أمَرَ بِوَلايَةِ الأَئِمَّةِ الَّذينَ سَمّاهُمُ اللّهُ في كِتابِهِ في قَولِهِ: «وَ جَعَلْنَهُمْ أَلءِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا»۱وهُمُ الَّذينَ أمَرَ اللّهُ بِوَلايَتِهم وطاعَتِهِم...
وَاعلَموا أنَّ اللّهَ إذا أرادَ بِعَبدٍ خَيرا شَرَحَ صَدرَهُ لِلإِسلامِ، فَإِذا أعطاهُ ذلِكَ أنطَقَ لِسانَهُ بِالحَقِّ وعَقَدَ قَلبَهُ عَلَيهِ فَعَمِلَ بِهِ، فَإِذا جَمَعَ اللّهُ لَهُ ذلِكَ تَمّ لَهُ إسلامُهُ وكانَ عِندَ اللّهِ ـ إن ماتَ عَلى ذلِكَ الحالِ ـ مِنَ المُسلِمينَ حَقّا، وإذا لَم يُرِدِ اللّهُ بِعَبدٍ خَيرا وَكَلَهُ إلى نَفسِهِ وكانَ صَدرُهُ ضَيِّقا حَرَجا، فَإِن جَرى عَلى لِسانِهِ حَقٌّ لَم يَعقِد قَلبَهُ عَلَيهِ، وإذا لَم يَعقِد قَلبَهُ عَلَيهِ لَم يُعطِهِ اللّهُ العَمَلَ بِهِ، فَإِذَا اجتَمَعَ ذلِكَ عَلَيهِ حَتّى يَموتَ وهُوَ عَلى تِلكَ الحالِ كانَ عِندَ اللّهِ مِنَ المُنافِقينَ، وصارَ ما جَرى عَلى لِسانِهِ ـ مِنَ الحَقِّ الَّذي لَم يُعطِهِ اللّهُ أن يَعقِدَ قَلبَهُ عَلَيهِ ولَم يُعطِهِ العَمَلَ بِهِ ـ حُجَّةً عَلَيهِ يَومَ القِيامَةِ. فَاتَّقُوا اللّه‏َ وسَلوهُ أن يَشرَحَ صُدورَكُم لِلإِسلامِ، وأن يَجعَلَ ألسِنَتَكُم تَنطِقُ بِالحَقِّ حَتّى يَتَوَفّاكُم وأنتُم عَلى ذلِكَ، وأن يَجعَلَ مُنقَلَبَكُم مُنقَلَبَ الصّالِحينَ قَبلَكُم، ولا قُوَّةَ إلاّ بِاللّهِ، وَالحَمدُ للّهِ رَبِّ العالَمينَ.
ومَن سَرَّهُ أن يَعلَمَ أنَّ اللّهَ يُحِبُّهُ فَليَعمَل بِطاعَةِ اللّهِ وليَتَّبِعنا، ألَم يَسمَع قَولَ اللّهِ عز و جل لِنَبِيِّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: «قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ»۲؟ وَاللّهِ ! لا يُطيعُ اللّهَ عَبدٌ أبَدا إلاّ أدخَلَ اللّهُ عَلَيهِ في طاعَتِهِ اتِّباعَنا، ولا وَاللّهِ ! لا يَتَّبِعُنا عَبدٌ أبَدا إلاّ أحَبَّهُ اللّهُ، ولا وَاللّهِ ! لا يَدَعُ أحَدٌ اِتِّباعَنا أبَدا إلاّ أبغَضَنا، ولا وَاللّهِ ! لا يُبغِضُنا أحَدٌ أبَدا إلاّ عَصَى اللّهَ، وَمن ماتَ عاصِيا للّهِ أخزاهُ اللّهُ وأكَبَّهُ عَلى وَجهِهِ فِي النّارِ،

1.. الأنبياء : ۷۳ .

2.. آل عمران : ۳۱ .


أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة
430

بَغى صَيَّرَ اللّهُ بَغيَهُ عَلى نَفسِهِ وصارَت نُصرَةُ اللّهِ لِمَن بُغِيَ عَلَيهِ، ومَن نَصَرَهُ اللّهُ غَلَبَ وأصابَ الظَّفَرَ مِنَ اللّهِ. وإيّاكُم أن يَحسِدَ بَعضُكُم بَعضا ؛ فَإِنَّ الكُفرَ أصلُهُ الحَسَدُ.
وإيّاكُم أن تُعينوا عَلى مُسلِمٍ مَظلومٍ فَيَدعُوَ اللّهَ عَلَيكُم ويُستَجابَ لَهُ فيكُم، فَإِنَّ أبانا رَسولَ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله كانَ يَقولُ: إنَّ دَعوَةَ المُسلِمِ المُظلومِ مُستَجابَةٌ. وَليُعِن بَعضُكُم بَعضا، فَإِنَّ أبانا رَسولَ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله كانَ يَقولُ: إنَّ مَعونَةَ المُسلِمِ خَيرٌ وأعظَمُ أجرا مِن صِيامِ شَهرٍ وَاعتِكافِهِ فِي المَسجِدِ الحَرامِ.
وإيّاكُم وإعسارَ أحَدٍ مِن إخوانِكُمُ المُسلِمينَ أن تُعسِروهُ بِالشَّيءِ يَكونُ لَكُم قِبَلُهُ وهُوَ مُعسِرٌ، فَإِنَّ أبانا رَسولَ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله كانَ يَقولُ: لَيسَ لِمُسلِمٍ أن يُعسِرَ مُسلِما، ومَن أنظَرَ مُعسِرا أظَلَّهُ اللّهُ بِظِلِّهِ يَومَ لا ظِلَّ إلاّ ظِلَّهُ...
وَاعلَموا أنَّ الإِسلامَ هُوَ التَّسليمُ، وَالتَّسليمَ هُوَ الإِسلامُ، فَمَن سَلَّمَ فَقَد أسلَمَ، ومَن لَم يُسَلِّم فَلا إسلامَ لَهُ، ومَن سَرَّهُ أن يُبلِغَ إلى نَفسِهِ فِي الإِحسانِ فَليُطِعِ اللّهَ، فَإِنَّهُ مَن أطاعَ اللّهَ فَقَد أبلَغَ إلى نَفسِهِ فِي الإِحسانِ.
وإيّاكُم ومَعاصِيَ اللّهِ أن تَركَبوها، فَإِنَّهُ مَنِ انتَهَكَ مَعاصِيَ اللّهِ فَرَكِبَها فَقَد أبلَغَ فِي الإِساءَةِ إلى نَفسِهِ. ولَيسَ بَينَ الإِحسانِ وَالإِساءَةِ مَنزِلَةٌ، فَلِأَهلِ الإِحسانِ عِندَ رَبِّهِمُ الجَنَّةُ، ولِأَهلِ الإِساءَةِ عِندَ رَبِّهِمُ النّارُ، فَاعمَلوا بِطاعَةِ اللّهِ وَاجتَنِبوا مَعاصِيَهُ.
وَاعلَموا أنَّهُ لَيسَ يُغني عَنكُم مِنَ اللّهِ أحَدٌ مِن خلَقِهِ شَيئا، لا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ولا نَبِيٌّ مُرسَلٌ ولا مَن دونَ ذلِكَ، فَمَن سَرَّهُ أن تَنفَعَهُ شَفاعَةُ الشّافِعينَ عِندَ اللّهِ فَليَطلُب إلَى اللّهِ أن يَرضى عَنهُ. وَاعلَموا أنَّ أحَدا مِن خَلقِ اللّهِ لَم يُصِب رِضَا اللّهِ إلاّ بِطاعَتِهِ وطاعَةِ رَسولِهِ وطاعَةِ وُلاةِ أمرِهِ مِن آلِ مُحَمَّدٍ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِم، ومَعصِيَتُهُم مِن مَعصِيَةِ اللّهِ، ولَم يُنكِر لَهُم فَضلاً عَظُمَ أو صَغُرَ...
سَلُوا اللّهَ العافِيَةَ وَاطلُبوها إلَيهِ، ولا حَولَ ولا قُوَّةَ إلاّ بِاللّهِ. صَبِّرُوا النَّفسَ عَلَى البَلاءِ

  • نام منبع :
    أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري، السّيّد رسول الموسوي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390/01/01
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 3203
صفحه از 719
پرینت  ارسال به