429
أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة

أيَّتُهَا العِصابَةُ الحافِظُ اللّهُ لَهُم أمرَهُم عَلَيكُم بِآثارِ رَسولِ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وسُنَّتِهِ وآثارِ الأَئِمَّةِ الهُداةِ مِن أهلِ بَيتِ رَسولِ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله مِن بَعدِهِ وسُنَّتِهِم، فَإِنَّهُ مَن أخَذَ بِذلِكَ فَقَدِ اهتَدى ومَن تَرَكَ ذلِكَ ورَغِبَ عَنهُ ضَلَّ، لِأَنَّهُم هُمُ الَّذينَ أمَرَ اللّهُ بِطاعَتِهِم ووَلايَتِهِم، وقَد قالَ أبونا رَسولُ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: المُداوَمَةُ عَلَى العَمَلِ فِي اتِّباعِ الآثارِ وَالسُّنَنِ وإن قَلَّ أرضى للّهِ وأنفَعُ عِندَهُ فِي العاقِبَةِ مِنَ الاِجتِهادِ فِي البِدَعِ وَاتِّباعِ الأَهواءِ. ألا إنَّ اتِّباعَ الأَهواءِ وَاتِّباعَ البِدَعِ بِغَيرِ هُدىً مِنَ اللّهِ ضَلالٌ، وكُلُّ ضَلالَةٍ بِدعَةٌ وكُلُّ بِدعَةٍ فِي النّارِ. ولَن يُنالَ شَيءٌ مِنَ الخَيرِ عِندَ اللّهِ إلاّ بِطاعَتِهِ وَالصَّبرِ وَالرِّضا ؛ لِأَنَّ الصَّبرَ وَالرِّضا مِن طاعَةِ اللّهِ.
وَاعلَموا أنَّهُ لَن يُؤمِنَ عَبدٌ مِن عَبيدِهِ حَتّى يَرضى عَنِ اللّهِ فيما صَنَعَ اللّهُ إلَيهِ وصَنَعَ بِهِ، عَلى ما أحَبَّ وكَرِهَ. ولَن يَصنَعَ اللّهُ بِمَن صَبَرَ ورَضِيَ عَنِ اللّهِ إلاّ ما هُوَ أهلُهُ وهُوَ خَيرٌ لَهُ مِمّا أحَبَّ وكَرِهَ.
وعَلَيكُم بِالُمحافَظَةِ عَلَى الصَّلواتِ وَالصَّلاةِ الوُسطى، وقوموا للّهِ قانِتينَ كَما أمَرَ اللّهُ بِهِ المُؤمِنينَ في كِتابِهِ مِن قَبلِكُم وإيّاكُم.
وعَلَيكُم بِحُبِّ المَساكينِ المُسلِمينَ، فَإِنَّهُ مَن حَقَّرَهُم وتَكَبَّرَ عَلَيهِم فَقَد زَلَّ عَن دينِ اللّهِ، وَاللّهُ لَهُ حاقِرٌ ماقِتٌ، وقَد قالَ أبونا رَسولُ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: أمَرَني رَبّي بِحُبِّ المَساكينِ المُسلِمينَ مِنهُم. وَاعلَموا أنَّ مَن حَقَّرَ أحَدا مِنَ المُسلِمينَ ألقَى اللّهُ عَلَيهِ المَقتَ مِنهُ وَالَمحقَرَةَ حَتّى يَمقُتَهُ النّاسُ وَاللّهُ لَهُ أشدُّ مَقتا. فَاتَّقُوا اللّهَ في إخوانِكُمُ المُسلِمينَ المَساكينَ، فَإِنَّ لَهُم عَلَيكُم حَقّا أن تُحِبّوهُم، فَإِنَّ اللّهَ أمَرَ رَسولَهُ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بِحُبِّهِم، فَمَن لَم يُحِبَّ مَن أمَرَ اللّهُ بِحُبِّهِ فَقَد عَصَى اللّهَ ورَسولَهُ، ومَن عَصَى اللّهَ ورَسولَهُ وماتَ عَلى ذلِكَ ماتَ وهُوَ مِنَ الغاوينَ.
وإيّاكُم وَالعَظَمَةَ وَالكِبرَ ؛ فَإِنَّ الكِبرَ رِداءُ اللّهِ عز و جل، فَمَن نازَعَ اللّهَ رِداءَهُ قَصَمَهُ اللّهُ وأَذلَّهُ يَومَ القِيامَةِ. وإيّاكُم أن يَبغِيَ بَعضُكُم عَلى بَعضٍ، فَإِنَّها لَيسَت مِن خِصالِ الصّالِحينَ، فَإِنَّهُ مَن


أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة
428

وَالرَّغبَةِ إلَيهِ وَالتَّضَرُّعِ إلَى اللّهِ وَالمَسأَلَةِ لَهُ، فَارغَبوا فيما رَغَّبَكُمُ اللّهُ فيهِ، وأجيبُوا اللّهَ إلى ما دَعاكُم إلَيهِ لِتُفلِحوا وتَنجوا مِن عَذابِ اللّهِ، وإيّاكُم أن تَشرَهَ أنفُسُكُم إلى شَيءٍ مِمّا حَرَّمَ اللّهُ عَلَيكُم، فَإِنَّهُ مَنِ انتَهَكَ ما حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ هاهُنا فِي الدُّنيا حالَ اللّهُ بَينَهُ وبَينَ الجَنَّةِ ونَعيمِها ولَذَّتِها وكَرامَتِها القائِمَةِ الدّائِمَةِ لِأَهلِ الجَنَّةِ أبَدَ الآبِدينَ.
وَاعلَموا أنَّهُ بِئسَ الحَظُّ الخَطَرُ لِمَن خاطَرَ اللّهَ بِتَركِ طاعَةِ اللّهِ ورُكوبِ مَعصِيَتِهِ، فَاختارَ أن يَنتَهِكَ مَحارِمَ اللّهِ في لَذّاتِ دُنيا مُنقَطِعَةٍ زائِلَةٍ عَن أهلِها، عَلى خُلودِ نَعيمٍ فِي الجَنَّةِ ولَذَّاتِها وكَرامَةِ أهلِها، وَيلٌ لاُِولئِكَ! ما أخيَبَ حَظَّهُم وأخسَرَ كَرَّتَهُم وأسوَأَ حالَهُم عِندَ رَبِّهِم يَومَ القِيامَةِ ! اِستَجيرُوا اللّهَ أن يُجيرَكُم في مِثالِهم أبَدا وأن يَبتَلِيَكُم بِمَا ابتَلاهُم بِهِ، ولا قُوَّةَ لَنا ولَكُم إلاّ بِهِ...
أكثِروا مِن أن تَدعُوا اللّهَ فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ مِن عِبادِهِ المُؤمِنينَ أن يَدعوهُ، وقَد وَعَدَ اللّه‏ُ عِبادَهُ المُؤمِنينَ بِالاِستِجابَةِ، وَاللّهُ مُصَيِّرُ دُعاءَ المُؤمِنينَ يَومَ القِيامَةِ لَهُم عَمَلاً يَزيدُهُم بِهِ فِي الجَنَّةِ، فَأَكثِروا ذِكرَ اللّهِ مَا استَطَعتُم في كُلِّ ساعَةٍ مِن ساعاتِ اللَّيلِ وَالنَّهارِ، فَإِنَّ اللّهَ أمَرَ بِكَثرَةِ الذِّكرِ لَهُ، وَاللّهُ ذاكِرٌ لِمَن ذَكَرَهُ مِنَ المُؤمِنينَ. وَاعلَموا أنَّ اللّهَ لَم يَذكُرهُ أحَدٌ مِن عِبادِهِ المُؤمِنينَ إلاّ ذَكَرَهُ بِخَيرٍ، فَأَعطُوا اللّهَ مِن أنفُسِكُمُ الاِجتِهادَ في طاعَتِهِ، فَإِنَّ اللّهَ لا يُدرَكُ شَيءٌ مِنَ الخَيرِ عِندَهُ إلاّ بِطاعَتِهِ وَاجتِنابِ مَحارِمِهِ الَّتي حَرَّمَ اللّهُ في ظاهِرِ القُرآنِ وباطِنِهِ، فَإِنَّ اللّهَ تَبارَكَ وتَعالى قالَ في كِتابِهِ وقَولُهُ الحَقُّ: «وَذَرُوا ظَهِرَ الاْءِثْمِ وَبَاطِنَهُ»۱. وَاعلَموا أنَّ ما أمَرَ اللّهُ بِهِ أن تَجتَنِبوهُ فَقَد حَرَّمَهُ. وَاتَّبِعوا آثارَ رَسولِ‏اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وسُنَّتَهُ فَخُذوا بِها، ولا تَتَّبِعوا أهواءَكُم وآراءَكُم فَتَضِلّوا، فَإِنَّ أضَلَّ النّاسِ عِندَ اللّهِ مَنِ اتَّبَعَ هَواهُ ورَأيَهُ بِغَيرِ هُدىً مِنَ اللّهِ. وأحسِنوا إلى أنفُسِكُم مَا استَطَعتُم، فَ «إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَ إِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا»۲...

1.. الأنعام : ۱۲۰ .

2.. الإسراء : ۷ .

  • نام منبع :
    أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري، السّيّد رسول الموسوي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390/01/01
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 3322
صفحه از 719
پرینت  ارسال به