أطاعوهُم قالوا: عَصَيتَ اللّهَ عز و جل، فَهَلَكَ جُهّالٌ فيما لايَعلَمونَ، اُمِّيّونَ فيما يَتلونَ، يُصَدِّقونَ بِالكِتابِ عِندَ التَّعريفِ ويُكَذِّبونَ بِهِ عِندَ التَّحريفِ، فَلا يُنكَرونَ. اُولئِكَ أشباهُ الأَحبارِ وَالرُّهبانِ، قادَةٌ فِي الهَوى، سادَةٌ فِي الرَّدى.
وآخَرونَ مِنهُم جُلوسٌ بَينَ الضَّلالَةِ وَالهُدى، لايَعرِفونَ إحدَى الطّائِفَتَينِ مِنَ الاُخرى، يَقولونَ ما كانَ النّاسُ يَعرِفونَ هذا ولا يَدرونَ ما هُوَ، وصَدَقوا، تَرَكَهُم رَسولَ اللّهِ صلىاللهعليهوآله عَلَى البَيضاءِ۱ لَيلُها مِن نَهارِها، لَم يَظهَر فيهِم بِدعَةٌ ولَم يُبَدَّل فيهِم سُنَّةٌ، لا خِلافَ عِندَهُم ولاَ اختِلافَ، فَلَمّا غَشِيَ النّاسَ ظُلمَةُ خَطاياهُم صاروا إمامَينِ: داعٍ إلَى اللّهِ تَبارَكَ وتَعالى وداعٍ إلَى النّارِ، فَعِندَ ذلِكَ نَطَقَ الشَّيطانُ، فَعَلا صَوتُهُ عَلى لِسانِ أولِيائِهِ، وكَثُرَ خَيلُهُ ورَجِلُهُ۲، وشارَكَ فِي المالِ وَالوَلَدِ مَن أشرَكَهُ، فَعَمِلَ بِالبِدعَةِ وتَرَكَ الِكتابَ وَالسُّنَّةَ. ونَطَقَ أولِياءُ اللّهِ بِالحُجَّةِ وأخَذوا بِالكِتابِ وَالحِكمَةِ، فَتَفَرَّقَ مِن ذلِكَ اليَومِ أهلُ الحَقِّ وأهلُ الباطِلِ، وتَخاذَلَ۳ وتَهادَنَ أهلُ الهُدى، وتَعاوَنَ أهلُ الضَّلالَةِ، حَتّى كانَتِ الجَماعَةُ مَعَ فُلانٍ وأشباهِهِ، فَاعرِف هذَا الصِّنفَ.
وصِنفٌ آخَرُ، فَأَبصِرهُم رَأيَ العَينِ نُجَباءَ۴، وَالزَمهُم حَتّى تَرِدَ أهلَكَ، فَ «إِنَّ الْخَسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَ أَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَمَةِ أَلاَ ذَ لِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ»۵.۶
1.. يعني الشريعة ، الواضح مجهولها عن معلومها ، وعالمها عن جاهلها الوافي : ج ۲۶ ص ۹۴ .
2.. خيله وَرَجلُه : أي فرسانَه ورجّالته ، قوله تعالى : «وَ أَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَ رَجِلِكَ» أي بفرسانِكَ ورجّالتك (مجمع البحرين : ج ۲ ص ۶۸۱ «رجل») .
3.. أي تركوا نصرة الحقّ . وفي بعض النسخ «تخادن» من الخِدْن وهو الصديق . وتهادن من المهادنة بمعنى المصالحة ، وفي بعض النسخ «تهاون» أي عن نصرة الحقّ ، وهذا أنسب للتخاذل ، كما أنّ التهادن أنسب للتخادن مرآة العقول : ج ۲۵ ص ۱۲۱ .
4.. بالنون والجيم والباء الموحّدة ، وفي بعض النسخ «تحيا» من الحياة الوافي : ج ۲۶ ص ۹۴ .
5.. الزمر : ۱۵ .
6.. الكافي : ج ۸ ص ۵۲ ح ۱۶ ، بحار الأنوار : ج ۷۸ ص ۳۵۹ ح ۲ .