فَانظُر كَيفَ شُكرُكَ لِمَن غَذّاكَ بِنِعَمِهِ صَغيرا وكَبيرا ؟ وكَيفَ إعظامُكَ لِمَن جَعَلَكَ بِدينِهِ فِي النّاسِ جَميلاً ؟ وكَيفَ صِيانَتُكَ لِكِسوَةِ مَن جَعَلَكَ بِكِسوَتِهِ فِي النّاسِ سَتيرا ؟ وكَيفَ قُربُكَ أو بُعدُكَ مِمَّن أمَرَكَ أن تَكونَ مِنهُ قَريبا ذَليلاً ؟ ما لَكَ لا تَنتَبِهُ مِن نَعسَتِكَ وتَستَقيلُ مِن عَثرَتِكَ ؟! فَتَقولَ: وَاللّهِ ما قُمتُ للّهِ مَقاما واحِدا أحيَيتُ بِهِ لَهُ دينا أو أمَتُّ لَهُ فيهِ باطِلاً، فَهذا شُكرُكَ مَنِ استَحمَلَكَ (/ استَعمَلَكَ) ! ما أخوَفَني أن تَكونَ كَمَن قالَ اللّهُ تَعالى في كِتابِهِ: «أَضَاعُوا الصَّلَوةَ وَ اتَّبَعُوا الشَّهَوَ تِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا»۱ اِستَحمَلَكَ كِتابَهُ وَاستَودَعَكَ عِلمَهُ فَأَضَعتَها، فَنَحمَدُ اللّهَ الَّذي عافانا مِمَّا ابتَلاكَ بِهِ، وَالسَّلامُ.۲
۸۴۳.الكافي عن يزيد بن عبد اللّه عمّن حدّثه: كَتَبَ أبو جَعفَرٍ عليهالسلام إلى سَعدِ الخَيرِ:
بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
أمّا بَعدُ، فَإِنّي اُوصيكَ بِتَقوَى اللّهِ فَإِنَّ فيهَا السَّلامَةَ مِنَ التَّلَفِ وَالغَنيمَةَ فِي المُنقَلَبِ، إنَّ اللّهَ عز و جل يَقي بِالتَّقوى عَنِ العَبدِ ما عَزُبَ عَنهُ عَقلُهُ۳، ويَجلي بِالتَّقوى عَنهُ عَماهُ وجَهلَهُ، وبِالتَّقوى نَجا نوحٌ ومَن مَعَهُ فِي السَّفينَةِ وصالِحٌ ومَن مَعَهُ مِنَ الصّاعِقَةِ، وبِالتَّقوى فازَ الصّابِرونَ ونَجَت تِلكَ العُصَبُ۴ مِنَ المَهالِكِ، ولَهُم إخوانٌ عَلى تِلكَ الطَريقَةِ يَلتَمِسونَ تِلكَ الفَضيلَةَ، نَبَذوا طُغيانَهُم مِنَ الإِيرادِ بِالشَّهَواتِ لِما بَلَغَهُم فِي الكِتابِ مِنَ المَثُلاتِ، حَمِدوا رَبَّهُم عَلى مارَزَقَهُم وهُوَ أهلُ الحَمدِ، وذَمّوا أنفُسَهُم
1.. مريم : ۵۹ .
2.. تحف العقول : ص ۲۷۴ ، بحار الأنوار : ج ۷۸ ص ۱۳۲ ح ۲ ؛ تاريخ دمشق : ج ۲۲ ص ۴۱ نحوه .
3.. عزب : أي بعُد (النهاية : ج ۳ ص ۲۲۶ «عزب») ، وفي بعض النسخ «نفى بالتقوى عن العبد ماعزب عنه عقله» (كما في هامش الكافي) .
4.. العصب : جمع العصبة ، و هي الجماعة من الناس من العشرة إلى الأربعين النهاية : ج ۳ ص ۲۴۳ «عصب» .