415
أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة

فَيا عَجَبا ! وما ليَ [لا] أعجَبُ وَالأَرضُ مِن غاشٍّ غَشومٍ، ومُتَصَدِّقٍ ظَلومٍ، وعامِلٍ عَلَى المُؤمِنينَ بِهِم غَيرِ رَحيمٍ، فَاللّهُ الحاكِمُ فيما فيهِ تَنازَعنا، وَالقاضي بِحُكمِهِ فيما شَجَرَ بَينَنا.
اللّهُمَّ إنَّكَ تَعلَمُ أنَّهُ لَم يَكُن ما كانَ مِنّا تَنافُسا في سُلطانٍ ولاَ الِتماسا مِن فُضولِ الحُطامِ، ولكِن لِنُرِيَ المَعالِمَ مِن دينِكَ، ونُظهِرَ الإِصلاحَ في بِلادِكَ، ويَأمَنَ المَظلومونَ مِن عِبادِكَ، ويُعمَلَ بِفَرائِضِكَ وسُنَنِكَ وأحكامِكَ، فَإِن لَم تَنصُرونا وتُنصِفونا قَوِيَ الظَّلَمَةُ عَلَيكُم وعَمِلوا في إطفاءِ نورِ نَبِيِّكُم. وحَسبُنَا اللّهُ، وعَلَيهِ تَوَكَّلنا وإلَيهِ أنَبنا وإلَيهِ المَصيرُ.۱

۸۴۲.الإمام زين العابدين عليه‏السلام ـ في كِتابِهِ إلى مُحَمَّدِ بنِ مُسلِمٍ الزُّهرِيِّ يَعِظُهُ ـ: كَفانَا اللّه‏ُ وإيّاكَ مِنَ الفِتَنِ ورَحِمَكَ مِنَ النّارِ، فَقَد أصبَحتَ بِحالٍ يَنبَغي لِمَن عَرَفَكَ بِها أن يَرحَمَكَ، فَقَد أثقَلَتكَ نِعَمُ اللّهِ بِما أصَحَّ من بَدَنِكَ وأطالَ مِن عُمُرِكَ، وقامَت عَلَيكَ حُجَجُ اللّهِ بِما حَمَّلَكَ مِن كِتابِهِ، وفَقَّهَكَ فيهِ مِن دينِهِ، وعَرَّفَكَ مِن سُنَّةِ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، فَرَضِيَ لَكَ في كُلِّ نِعمَةٍ أنعَمَ بِها عَلَيكَ، وفي كُلِّ حُجَّةٍ اِحتَجَّ بِها عَلَيكَ الفَرضَ بِما قَضى، فَما قَضى إلاَّ ابتَلى شُكرَكَ في ذلِكَ وأبدى فيهِ فَضلَهُ عَلَيكَ، فَقالَ: «لَلءِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَلءِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِى لَشَدِيدٌ».۲
فَانظُر أيَّ رَجُلٍ تَكونُ غَدا إذا وَقَفتَ بَينَ يَدَيِ اللّهِ فَسَأَلَكَ عَن نِعَمِهِ عَلَيكَ كَيفَ رَعَيتَها ؟ وعَن حُجَجِهِ عَلَيكَ كَيفَ قَضَيتَها ؟ ولا تَحسَبَنَّ اللّهَ قابِلاً مِنكَ بِالتَّعذيرِ ولا راضِيا مِنكَ بِالتَّقصيرِ، هَيهاتَ هَيهاتَ ! لَيسَ كَذلِكَ، أخَذَ عَلَى العُلَماءِ في كِتابِهِ إذ قالَ: «لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ».۳

1.. تحف العقول : ص ۲۳۷ ، بحار الأنوار : ج ۱۰۰ ص ۷۹ ح ۳۷ ؛ المعيار والموازنة : ص ۲۷۴ نحوه .

2.. إبراهيم : ۷ .

3.. آل عمران : ۱۸۷ .


أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة
414

تُكرَمونَ، وقَد تَرَونَ عُهودَ اللّهِ مَنقوضَةً فَلا تَفزَعونَ، وأنتُم لِبَعضِ ذِمَمِ آبائِكُم تَفزَعونَ، وذِمَّةُ رَسولِ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله مَحقورَةٌ (/ مَخفورَةٌ)، وَالعُميُ وَالبُكمُ وَالزَّمنى۱ فِي المَدائِنِ مُهمَلَةٌ، لا تَرحَمونَ، ولا في مَنزِلَتِكُم تَعمَلونَ، ولا مَن عَمِلَ فيها تُعينونَ، وبِالاِدِّهانِ وَالمُصانَعَةِ عِندَ الظَّلَمَةِ تَأمَنونَ، كُلُّ ذلِكَ مِمّا أمَرَكُمُ اللّهُ بِهِ مِنَ النَّهيِ وَالتَّناهي وأنتُم عَنهُ غافِلونَ. وأنتُم أعظَمُ النّاسِ مُصيبَةً لِما غُلِبتُم عَلَيهِ مِن مَنازِلِ العُلَماءِ لَو كُنتُم تَشعُرونَ (/ تَعنونَ). ذلِكَ بِأَنَّ مَجارِيَ الاُمورِ وَالأَحكامِ عَلى أيدِي العُلَماءِ بِاللّهِ الاُمَناءِ عَلى حَلالِهِ وحَرامِهِ، فَأَنتُمُ المَسلوبونَ تِلكَ المَنزِلَةَ، وما سُلِبتُم ذلِكَ إلاّ بِتَفَرُّقِكُم عَنِ الحَقِّ وَاختِلافِكُم فِي السُّنَّةِ بَعدَ البَيِّنَةِ الواضِحَةِ. ولَو صَبَرتُم عَلَى الأَذى وتَحَمَّلتُمُ المَؤونَةَ في ذاتِ اللّهِ كانَت اُمورُ اللّهِ عَلَيكُم تَرِدُ وعَنكُم تَصدُرُ وإلَيكُم تَرجِعُ، ولكِنَّكُم مَكَّنتُمُ الظَّلَمَةَ مِن مَنزِلَتِكُم، وأسلَمتُم۲ اُمورَ اللّهِ في أيديهِم، يَعمَلونَ بِالشُّبُهاتِ ويَسيرونَ فِي الشَّهَواتِ، سَلَّطَهُم عَلى ذلِكَ فِرارُكُم مِنَ المَوتِ وإعجابُكُم بِالحَياةِ الَّتي هِيَ مُفارِقَتُكُم، فَأَسلَمتُمُ الضُّعَفاءَ في أيديهِم، فَمِن بَينِ مُستَعبَدٍ مَقهورٍ وبَينَ مُستَضعَفٍ عَلى مَعيشَتِهِ مَغلوبٍ، يَتَقَلَّبونَ فِي المُلكِ بِآرائِهِم (/ بآراءِكُم) ويَستَشعِرونَ الخِزيَ بِأَهوائِهِمُ، اقتِداءً بِالأَشرارِ وجُرأَةً عَلَى الجَبّارِ. في كُلِّ بَلَدٍ مِنهُم عَلى مِنبَرِهِ خَطيبٌ يَصقَعُ، فَالأَرضُ لَهُم شاغِرَةٌ، وأيديهِم فيها مَبسوطَةٌ، وَالنّاسُ لَهُم خَوَلٌ۳، لا يَدفَعونَ يَدَ لامِسٍ، فَمِن بَينِ جَبّارٍ عَنيدٍ وذي سَطوَةٍ عَلَى الضَّعَفَةِ شَديدٍ، مُطاعٍ لا يَعرِفُ المُبدِئَ المُعيدَ.

1.. الزَّمنى: جمع زَمِن : جنس للبلايا التي يصابون بها ويدخلون فيها وهم لها كارهون لسان العرب : ج ۱۳ ص ۱۹۹ «زمن».

2.. في الطبعة المعتمدة «واستسلمتم» ، والصواب ما أثبتناه كما في طبعة النجف سنة ۱۳۸۰ ه : ص ۱۶۹ .

3.. الخَوَل : الخدم والحشم المصباح المنير : ص ۱۸۴ «خال» .

  • نام منبع :
    أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري، السّيّد رسول الموسوي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390/01/01
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4380
صفحه از 719
پرینت  ارسال به