فَيا عَجَبا ! وما ليَ [لا] أعجَبُ وَالأَرضُ مِن غاشٍّ غَشومٍ، ومُتَصَدِّقٍ ظَلومٍ، وعامِلٍ عَلَى المُؤمِنينَ بِهِم غَيرِ رَحيمٍ، فَاللّهُ الحاكِمُ فيما فيهِ تَنازَعنا، وَالقاضي بِحُكمِهِ فيما شَجَرَ بَينَنا.
اللّهُمَّ إنَّكَ تَعلَمُ أنَّهُ لَم يَكُن ما كانَ مِنّا تَنافُسا في سُلطانٍ ولاَ الِتماسا مِن فُضولِ الحُطامِ، ولكِن لِنُرِيَ المَعالِمَ مِن دينِكَ، ونُظهِرَ الإِصلاحَ في بِلادِكَ، ويَأمَنَ المَظلومونَ مِن عِبادِكَ، ويُعمَلَ بِفَرائِضِكَ وسُنَنِكَ وأحكامِكَ، فَإِن لَم تَنصُرونا وتُنصِفونا قَوِيَ الظَّلَمَةُ عَلَيكُم وعَمِلوا في إطفاءِ نورِ نَبِيِّكُم. وحَسبُنَا اللّهُ، وعَلَيهِ تَوَكَّلنا وإلَيهِ أنَبنا وإلَيهِ المَصيرُ.۱
۸۴۲.الإمام زين العابدين عليهالسلام ـ في كِتابِهِ إلى مُحَمَّدِ بنِ مُسلِمٍ الزُّهرِيِّ يَعِظُهُ ـ: كَفانَا اللّهُ وإيّاكَ مِنَ الفِتَنِ ورَحِمَكَ مِنَ النّارِ، فَقَد أصبَحتَ بِحالٍ يَنبَغي لِمَن عَرَفَكَ بِها أن يَرحَمَكَ، فَقَد أثقَلَتكَ نِعَمُ اللّهِ بِما أصَحَّ من بَدَنِكَ وأطالَ مِن عُمُرِكَ، وقامَت عَلَيكَ حُجَجُ اللّهِ بِما حَمَّلَكَ مِن كِتابِهِ، وفَقَّهَكَ فيهِ مِن دينِهِ، وعَرَّفَكَ مِن سُنَّةِ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صلىاللهعليهوآله، فَرَضِيَ لَكَ في كُلِّ نِعمَةٍ أنعَمَ بِها عَلَيكَ، وفي كُلِّ حُجَّةٍ اِحتَجَّ بِها عَلَيكَ الفَرضَ بِما قَضى، فَما قَضى إلاَّ ابتَلى شُكرَكَ في ذلِكَ وأبدى فيهِ فَضلَهُ عَلَيكَ، فَقالَ: «لَلءِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَلءِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِى لَشَدِيدٌ».۲
فَانظُر أيَّ رَجُلٍ تَكونُ غَدا إذا وَقَفتَ بَينَ يَدَيِ اللّهِ فَسَأَلَكَ عَن نِعَمِهِ عَلَيكَ كَيفَ رَعَيتَها ؟ وعَن حُجَجِهِ عَلَيكَ كَيفَ قَضَيتَها ؟ ولا تَحسَبَنَّ اللّهَ قابِلاً مِنكَ بِالتَّعذيرِ ولا راضِيا مِنكَ بِالتَّقصيرِ، هَيهاتَ هَيهاتَ ! لَيسَ كَذلِكَ، أخَذَ عَلَى العُلَماءِ في كِتابِهِ إذ قالَ: «لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ».۳