413
أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة

لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ»۱. وإنَّما عابَ اللّهُ ذلِكَ عَلَيهِم لِأَنَّهُم كانوا يَرَونَ مِنَ الظَّلَمَةِ الَّذينَ بَينَ أظهُرِهِمُ المُنكَرَ وَالفَسادَ فَلا يَنهَونَهُم عَن ذلِكَ ؛ رَغبَةً فيما كانوا يَنالونَ مِنهُم، ورَهبَةً مِمّا يَحذَرونَ، وَاللّهُ يَقولُ: «فَلاَ تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ»۲.
وقالَ: «وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ»۳، فَبَدَأَ اللّهُ بِالأَمرِ بِالمَعروفِ وَالنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ فَريضَةً مِنهُ ؛ لِعلمِهِ بِأَنَّها إذا اُدِّيَت واُقيمَتِ استَقامَتِ الفَرائِضُ كُلُّها هَيِّنُها وصَعبُها، وذلِكَ أنَّ الأَمرَ بِالمَعروفِ وَالنَّهيَ عَنِ المُنكَرِ دُعاءٌ إلَى الإِسلامِ، مَعَ رَدِّ المَظالِمِ ومُخالَفَةِ الظّالِمِ وقِسمَةِ الفَيءِ وَالغَنائِمِ وأخذِ الصَّدَقاتِ مِن مَواضِعِها ووَضعِها في حَقِّها.
ثُمَّ أنتُم أيَّتُهَا العِصابَةُ عِصابَةٌ بِالعِلمِ مَشهورَةٌ، وبِالخَيرِ مَذكورَةٌ، وبِالنَّصيحَةِ مَعروفَةٌ، وبِاللّهِ في أنفُسِ النّاسِ مُهابَةٌ، يَهابُكُمُ الشَّريفُ، ويُكرِمُكُمُ الضَّعيفُ، ويُؤثِرُكُم مَن لا فَضلَ لَكُم عَلَيهِ ولا يَدَ لَكُم عِندَهُ، تَشفَعونَ فِي الحَوائِجِ إذَا امتَنَعَت مِن طُلاّبِها، وتَمشونَ فِي الطَّريقِ بِهَيبَةِ (/ بِهَيئَةِ) المُلوكِ وكَرامَةِ الأَكابِرِ، ألَيسَ كُلُّ ذلِكَ إنَّما نِلتُموهُ بِما يُرجى عِندَكُم مِنَ‏القِيامِ بِحَقِّ اللّهِ وإن كُنتُم عَن أكثَرِ حَقِّه تُقَصِّرونَ ؟! فَاستَخفَفتُم بِحَقِّ الأَئِمَّةِ، فَأَمّا حَقَّ الضُّعَفاءِ فَضَيَّعتُم، وأمّا حَقَّكُم بِزَعمِكُم فَطَلَبتُم، فَلا مالاً بَذَلُتموهُ، ولا نَفسا خاطَرتُم بِها لِلَّذي خَلَقَها، ولا عَشيرَةً عادَيتُموها في ذاتِ اللّهِ، أنتُم تَتَمَنَّونَ عَلَى اللّهِ جَنَّتَهُ ومُجاوَرَةَ رُسُلِهِ وأمانا مِن عَذابِهِ.
لَقَد خَشيتُ عَلَيكُم أيُّهَا المُتَمَنّونَ عَلَى اللّهِ أن تَحُلَّ بِكُم نَقِمَةٌ مِن نَقِماتِهِ ؛ لِأَنَّكُم بَلَغتُم مِن كَرامَةِ اللّهِ مَنزِلَةً فُضِّلتُم بِها، ومَن يُعرَفُ بِاللّهِ لا تُكرِمونَ وأنتُم بِاللّهِ في عِبادِهِ

1.. المائدة : ۷۸ و ۷۹ .

2.. المائدة : ۴۴ .

3.. التوبة : ۷۱ .


أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة
412

ونَصَبَ لِلنّاسِ أشراكا مِن حَبائِلِ غُرورٍ، وقَولِ زورٍ، قَد حَمَلَ الكِتابَ عَلى آرائِهِ، وعَطَفَ الحَقَّ عَلى أهوائِهِ، يُؤمِنُ النّاسَ مِنَ العَظائِمِ، ويُهَوِّنُ كَبيرَ الجَرائِمِ، يَقولُ: أقِفُ عِندَ الشُّبُهاتِ وفيها وَقَعَ، ويَقولُ: أعتَزِلُ البِدَعَ وبَينَهَا اضطَجَعَ، فَالصّورَةُ صورَةُ إنسانٍ، وَالقَلبُ قَلبُ حَيَوانٍ، لا يَعرِفُ بابَ الهُدى فَيَتَّبِعَهُ، ولا بابَ العَمى فَيَصُدَّ عَنهُ، وذلِكَ مَيِّتُ الأَحياءِ.
فَأَينَ تَذهَبونَ ؟! وأنّى تُؤفَكونَ ؟! وَالأَعلامُ قائِمَةٌ، وَالآياتُ واضِحَةٌ، وَالمَنارُ مَنصوبَةٌ، فَأَينَ يُتاهُ بِكُم ؟! وكَيفَ تَعمَهونَ وبَينَكُم عِترَةُ نَبِيِّكُم وهُم أزِمَّةُ الحَقِّ، وأعلامُ الدّينِ، وألسِنَةُ الصِّدقِ ؟! فَأَنزِلوهُم بِأَحسَنِ مَنازِلِ القُرآنِ، ورِدوهُم وُرودَ الهِيمِ العِطاشِ.
أيُّهَا النّاسُ ! خُذوها عَن خاتَمِ النَّبِيّينَ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إنَّهُ يَموتُ مَن ماتَ مِنّا ولَيسَ بَمَيِّتٍ، ويَبلى مَن بَلِيَ مِنّا ولَيسَ بِبالٍ، فَلا تَقولوا بِما لا تَعرِفونَ، فَإِنَّ أكثَرَ الحَقِّ فيما تُنكِرونَ، وَاعذِروا مَن لا حُجَّةَ لَكُم عَلَيهِ وهُوَ أنَا. ألَم أعمَل فيكُم بِالثَّقَلِ الأَكبَرِ وأترُك فيكُمُ الثَّقَلَ الأَصغَرَ ؟! قَد رَكَزتُ فيكُم رايَةَ الإِيمانِ، ووَقَفتُكُم عَلى حُدودِ الحَلالِ وَالحَرامِ، وألبَستُكُمُ العافِيَةَ مِن عَدلي، وفَرَشتُكُمُ‏المَعروفَ مِن قَولي وفِعلي، وأرَيتُكُم كَرائِمَ الأَخلاقِ مِن نَفسي، فَلا تَستَعمِلُوا الرَّأيَ فيما لا يُدرِكُ قَعرَهُ البَصَرُ، ولا تَتَغَلغَلُ إلَيهِ الفِكَرُ.۱

۸۴۱.الإمام الحسين عليه‏السلام ـ فِي الأَمرِ بِالمَعروفِ وَالنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ ـ: اِعتَبِروا أيُّهَا النّاسُ بِما وَعَظَ اللّهُ بِهِ أولِياءَهُ مِن سوءِ ثَنائِهِ عَلَى الأَحبارِ إذ يَقولُ: «لَوْلاَ يَنْهَلهُمُ الرَّبَّنِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الاْءِثْمَ»۲ وقالَ: «لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِى إِسْرَ ءِيلَ ـ إلى قوله: ـ

1.. نهج البلاغة : الخطبة ۸۷ ، بحار الأنوار : ج ۲ ص ۵۶ ح ۳۶ .

2.. المائدة : ۶۳ .

  • نام منبع :
    أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري، السّيّد رسول الموسوي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390/01/01
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4396
صفحه از 719
پرینت  ارسال به