فَسَأَلَهُ عَن حالِهِ سُؤالاً حَفِيّا ثُمَّ أجلَسَهُ بِجَنبِهِ، فَأَقبَلَ جابِرٌ عَلَيهِ يَقولُ: يَا بنَ رَسولِ اللّهِ، أماعَلِمتَ أنَّ اللّهَ تَعالى إنَّما خَلَقَ الجَنَّةَ لَكُم ولِمَن أحَبَّكُم وخَلَقَ النّارَ لِمَن أبغَضَكُم وعاداكُم، فَما هذَا الجَهدُ الَّذي كَلَّفتَهُ نَفسَكَ ؟
قالَ لَهُ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليهالسلام: يا صاحِبَ رَسولِ اللّهِ، أما عَلِمتَ أنَّ جَدّي رَسولَ اللّهِ صلىاللهعليهوآله قَد غَفَرَ اللّهُ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ وما تَأَخَّرَ فَلَم يَدَعِ الاِجتِهادَ لَهُ، وتَعَبَّدَ ـ بِأَبي هُوَ واُمّي ـ حَتَّى انتَفَخَ السّاقُ ووَرِمَ القَدَمُ، وقيلَ لَهُ: أتَفعَلُ هذا وقَد غُفِرَ لَكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وما تَأَخَّرَ ؟ قالَ: أفَلا أكونُ عَبدا شَكورا ؟!
فَلَمّا نَظَرَ جابِرٌ إلى عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ عليهالسلام ولَيسَ يُغني فيهِ مِن قَولٍ يَستَميلُهُ مِنَ الجَهدِ وَالتَّعَبِ إلَى القَصدِ قالَ لَهُ: يَابنَ رَسولِ اللّهِ، البُقيا عَلى نَفسِكَ، فَإِنَّكَ لَمِن اُسرَةٍ بِهِم يُستَدفَعُ البَلاءُ وتُستَكشَفُ اللَأواءُ۱ وبِهِم تُستَمطَرُ السَّماءُ.
فَقالَ: يا جابِرُ، لا أزالُ عَلى مِنهاجِ أبَوَيَّ مُؤتَسِيا بِهِما صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِما حَتّى ألقاهُما.
فَأَقبَلَ جابِرٌ عَلى مَن حَضَرَ فَقالَ لَهُم: وَاللّهِ، ما أرى في أولادِ الأَنبِياءِ مِثلَ عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ إلاّ يوسُفَ بنَ يَعقوبَ عليهماالسلام. وَاللّهِ لَذُرِّيَّةُ عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ عليهالسلام أفضَلُ مِن ذُرِّيَّةِ يوسُفَ بنِ يَعقوبَ، إنَّ مِنهُم لَمَن يَملَأُ الأَرضَ عَدلاً كَما مُلِئَت جَورا.۲
۶۸۰.الإمام الصادق عليهالسلام: كانَ أبي رضىاللهعنه يُصَلّي في جَوفِ اللَّيلِ، فَيَسجُدُ السَّجدَةَ فَيُطيلُ حَتّى نَقولُ: إنَّهُ راقِدٌ.۳
1.. الّلأْواءُ : المشقّة والشدّة (لسان العرب : ج ۱۵ ص ۲۳۸ «لأي») .
2.. الأمالي للطوسي : ص ۶۳۶ ح ۱۳۱۴ ، المناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۱۴۸ من دون إسنادٍ إلىأحدٍ من أهل البيت عليهمالسلام نحوه ، بشارة المصطفى : ص ۶۶ عن عمر بن عبداللّه بن هند الجمليّ عن الإمام الصادق عليهالسلام ، بحار الأنوار : ج ۴۶ ص ۶۰ ح ۱۸ .
3.. قرب الإسناد : ص ۵ ح ۱۵ عن مسعدة بن صدقة ، بحار الأنوار : ج ۸۷ ص ۱۹۷ ح ۴ .