35
أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة

مضافاً إلى أنّه لو دعا اُمّ سلمة للأكل معه هذا اليوم فإنّ كلام اللّه‏ سبحانه حول أهل البيت سوف يفهم بشكل آخر، ولهذا فإنّ النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله لم يدعُ اُمّ سلمة لتناول الطعام بشكل استثنائي. فنزل جبرئيل الأمين على النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بهذه الآية الكريمة: «إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهيراً».۱

فمدّ النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله كساءً خيبريّاً على صهره وابنته وولديهما، ورفع يديه نحو السماء وقال:

اللَّهُمَّ هؤاءِ أهلُ بَيتي، اللّهُمَّ أذهِب عَنهُمُ الرِّجسَ وطَهِّرهُم تَطهيرا. وفي رواية أخرى: اللَّهُمَّ هؤاءِ أهلُ بَيتي وخاصَّتي فَاذهَب عَنهُمُ الرِّجسَ وطَهِّرهُم تَطهِيرَاً وفي رواية ثالثة: اللَّهُمَّ إنَّ هؤاءِ آلُ مُحَمَّدٍ فَاجعَل صَلَواتِكَ وبَرَكاتِكَ عَلى مُحَمَّدٍ وعَلى آلِ مُحَمَّدٍ إنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ.

حتّى ذلك الحين كانت اُمّ سلمة في جانب من البيت، وهي تنظر إلى هذه القضيّة النورانيّة، فلمّا رأت ما ذكرناه لم تطق البقاء جانباً، بل أقبلت وجلست إلى جانب الكساء وأخذت طرفه لتدخل تحته وتصير مشمولة بهذه الفضيلة، إلاّ أنّ النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله سحب الكساء من يدها ومنعها من الدخول في أهل بيته القرآنيّين. وكأنّه دخل قلب اُمّ سلمة من ذلك شيء، فقالت: أنا يا رسول اللّه‏، ألست من أهل البيت؟ قال:

إنَّكِ إلى خَيرٍ، أنتِ مِن أزواجِ النَّبِيِّ.۲

۳. أجواء الحادثة

التأمّل في حادثة الكساء والأحاديث الواردة فيها يرشدنا إلى أنّ هذه الحادثة ليست كما يصوّره بعض الكتّاب من أنّها قضيّة عاديّة، وصارت فيما بعد ذات أهمّية كبرى!!

1.. الأحزاب : ۳۳ .

2.. تفسير الطبري : ج ۱۲ الجزء ۲۲ ص ۷ .


أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة
34

۲. كيفيّة وقوع الحادثة

لو راجعنا الأحاديث الواردة في هذه الواقعة التاريخية لوجدنا أنّه لم يرد في واحد منها ذكر الواقعة بشكل كامل، وإنّما تعرّض كلّ منها لجزء من هذه القضيّة، ولهذا فإنّنا سنحاول أن نستعين بجميع هذه النصوص لاستعراض صورة كاملة نسبيّاً عن هذه الحادثة:

أتى النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ذات يوم إلى بيت زوجته المكرّمة اُمّ سلمة، وكان من المقرّر أن ينزل عليه من اللّه‏ أمر مهمّ فيما يخصّ عدداً من مقرّبيه، ولهذا فإنّ النبيّ كان قد أوصى اُمّ سلمة بأن لا تسمح لأحد بالدخول إلى بيتها. من جهة اُخرى فإنّ السيّدة فاطمة الزهراء عليهاالسلام كانت قد صمّمت أن تصنع عصيدة لأبيها صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، فصنعتها في قدر من حجر، ووضعته في طبق وجاءت به لأبيها.

تقول اُمّ سلمة: لم أتمكّن من منع فاطمة عن الدخول، وكيف تتمكّن اُمّ سلمة من منع فاطمة عن رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وهي بضعته وفلذة كبده؟ بل إنّ النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله إنّما أخلى بيته لفاطمة وبعلها وابنيها! فجاءت فاطمة بطبق الطعام للنبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، فقال لها النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: اذهبي وائتيني ببعلك وولديك. فما لبثت فاطمة أن رجعت إلى بيتها، وبعد سويعة أقبلت مع بعلها وولديها ـ وكانا عندئذ طفلين صغيرين ـ فدخلت بيت النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله.

وقامت اُمّ سلمة بإشارة من النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وتنحّت جانباً وأخذت تصلّي، فصار المجلس مجلسا خاصّا، وجلس النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله إلى جانب عليّ عليه‏السلام ـ الذي كان يراه نفسه ـ وفاطمة ـ التي كان يقول: إنّها بضعة منّي ـ وولديه الحسن والحسين ـ اللذين كان يقول في حقّهما: «هما ريحانتيّ من الدنيا» ـ فاجتمع هولاء الخمسة عليهم‏السلام لوحدهم على الخوان، في حين أنّ النبي صلى‏الله‏عليه‏و‏آله كان من عادته أن لا يأكل بدون زوجته، إلاّ أنّ الوضع في هذا اليوم هو بنحو آخر ؛ فالجلوس على الخوان أفراد خاصّون،

  • نام منبع :
    أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري، السّيّد رسول الموسوي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390/01/01
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2828
صفحه از 719
پرینت  ارسال به