205
أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة

ينسجم مع عنوان الباب وهو «اتّصال الوصية من لدن آدم عليه‏السلام».

ومن المفيد أن نلفت الانتباه إلى بضع ملاحظات في ختام البحث:

أ ـ إنّ الكلام السابق لا يعني نفي حجّية سنّة النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ؛ لأنّ الأدلّة القرآنيّة والروائيّة والعقليّة لحجّية سنّة النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله تبلغ من الإحكام والقوّة درجة تنفي احتمال اعتبارها وحجّيتها. بناء على ذلك فإنّ إنكار صدور هذه الرواية لا يعني إنكار سنّة النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله.

ب ـ اقتران وجوب التمسّك بالعترة بحجيّة الكتاب والسنّة إنّما يدلّ على أنّ النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله كان يريد أن يبيّن أنّ هداية القرآن والسنّة تتيسّر من خلال التمسّك بالعترة. ومن الممكن أن تكون هناك قراءات مختلفة للسنّة كما توجد في الاتّجاهات الشيعية والسنّية المختلفة، ولكن الرواية الوحيدة الّتي تعتبر حجّة بشأن سنّة النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله هي الّتي تصلنا عن طريق العترة، وهذا المعنى يتضمّن التلازم الوثيق بين العترة والسنّة.

ج ـ من الاحتمالات الّتي تبدو قويّة للغاية هي أنّ تسلّط بني اُميّة وبني العبّاس وحكمهم الطويل أدّى إلى أن يكون نقل الحديث في بيان فضائل أهل البيت والعترة صعبا وعسيرا للغاية. فمن الطبيعي أنّ يكون نقل حديث بهذه الصراحة غير ممكن في ظلّ تلك الظروف الخطيرة، لأنّ من شأنه أن يتمخّض عن تبعات خطيرة، ويتّجه البعض إلى النقل بالمعنى حسب تصوّرهم ؛ فيغيّروا لفظ «العترة» إلى «السنّة» ؛ كي ينعموا بحياة مطمئنّة.

خاصّةً وأنّ الراوي لموضوع البحث ـ إسماعيل بن أبي أويس ـ الذي صرّح بأنّه كان ينتحل الحديث في حالات اختلاف أهل المدينة.

د ـ إنّ الاحتمال المخالف للرأي السابق ـ أي أنّ لفظ الحديث الأصلي هو «كِتابَ اللّه‏ِ وسُنَّتي» ونقلت هذه العبارة بالمعنى هكذا: «كِتابَ اللّهِ وعِترَتي» ـ مستبعد للغاية، ولا يمكن الأخذ به ؛ ففي ظلّ الأجواء الّتي كانت سائدة في ذلك العصر لم يكن هناك أحد يمتلك الدافع للنقل بمثل هذا المعنى الّذي كان يشكّل خطورة كبيرة على الناقل.


أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة
204

بالإضافة إلى ذلك فإنّه ليس من رجال البخاري ومسلم، وقد جاء حديثه خطأً في كتاب المستدرك على الصحيحين. نعم إسماعيل بن أبي أويس من رجال مسلم ولكنّه ضعّف بشدة وبكثرة، فقد قيل في حقّه: «مخلّط»، «كذّاب»، «ليس بشيء»، «كان يضع الحديث»، «يسرق الحديث»، وغير ذلك، وقد نُقل عنه قوله: «ربما كنت أضع الحديث لأهل المدينة إذا اختلفوا في شيء بينهم».۱

وقد ورد هذان الرجلان في جميع أسانيد الرواية التي ورد فيها «كِتابَ اللّهِ وَسُنَّتي» وبذلك سلبا الاعتبار منها.

ج ـ اعتبر الحاكم النيسابوري هذه الرواية صحيحة، ولكنّه ذكر أنّ لفظ «السنّة» غريب وقال:

هذا الحديث لخطبة النبيّ متّفق على إخراجه في الصحيح: «يا أيُّها النَّاسُ، إنِّي قَد تَرَكتُ فيكُم ما لَن تَضِلُّوا بَعدَهُ إن اعتَصَمتُم بِهِ ؛ كِتابَ اللّهِ وأنتُم مَسؤولونَ عَنّي فما أنتُم قائلون»، وذكر الاعتصام بالسنّة في هذه الخطبة غريب ويحتاج إليها.۲

واستنادا إلى ذلك فإنّ الرواية المذكورة لحديث الثّقلين غير معتبرة، ولا يمكن أن تحلّ محلّ الرواية المشهورة له والتي فيها «كِتابَ اللّهِ وعِترَتي».

د ـ جاء في بعض أحاديث الشيعة تعبير «كِتابَ اللّهِ وسُنَّتي» بدلاً من «كِتابَ اللّه‏ِ وعِترَتي» ؛ فقد نقل الشيخ الصدوق رحمه‏اللهفي كتاب كمال الدين ـ بعد نقل الرواية المشهورة لحديث الثّقلين ـ هذا النصّ عن أبي هريرة.۳ ولكن سنده ضعيف، ومن المحتمل أنّ الشيخ الصدوق رحمه‏الله ذكر هذه الرواية للإشارة إلى الاختلاف المذكور ؛ ذلك لأنّ نقله لهذه الرواية لا ينسجم مع هدفه من تأليف كتاب كمال الدين، وكذلك لا

1.. تهذيب التهذيب : ج ۱ ص ۲۵۵ الرقم ۵۶۸ .

2.. المستدرك على الصحيحين : ج ۱ ص ۱۷۱ ح ۳۱۸ .

3.. راجع : كمال الدين : ص ۲۳۵ ح ۴۷ .

  • نام منبع :
    أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري، السّيّد رسول الموسوي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390/01/01
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 3257
صفحه از 719
پرینت  ارسال به