203
أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة

بالقرآن والعترة، جاء في بعض المصادر الحديثية لفظ «السنّة» بدلاً من «العترة»، كما نقل ذلك مالك في الموطأ برواية مرسلة عن النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله:

تَرَكتُ فيكُم أمرَينِ لَن تَضِلُّوا ما مَسَكتُم بِهِما ؛ كِتابَ اللّهِ وسُنَّةَ نَبِيِّهِ.۱

وذكر الحاكم في مستدركه هذه الرواية كالتالي:

يا أيُّهَا النَّاسُ، إنِّي قَد تَرَكتُ فيكُم ما إن اعتَصَمتُم بِهِ فَلَن تَضِلُّوا أبَدا ؛ كِتابَ اللّه‏ِ وسُنَّةَ نَبِيِّهِ.۲

نظرا إلى عدم التجانس بين هذين النصّين وبين الرواية المشهورة لحديث الثّقلين، فإنّ من الضروري تقويم سنديهما.

تقويم سند الرواية

أ ـ يعتبر موطأ مالك أهم مصدر للنصّ «كِتابَ اللّهِ وسُنَّةَ نَبِيِّهِ» حيث نقل هذه الرواية بشكلٍ مرسل. ونظرا لعدم رواية أصحاب الصحاح الستّة لها من جانب، وروايتها عبارة «كِتابَ اللّهِ وعِترَتي» كما في صحيح مسلم وسنن الترمذي والنسائي والدارمي ومسند ابن حنبل من جانب آخر، فإنّ ما جاء في الموطأ لا يتمتّع بالاعتبار اللاّزم.

ب ـ نقل الحاكم النيسابوري الرواية المذكورة بطريقين، كلاهما مشتمل على بعض الضعاف، فإنّ صالح بن موسى الطلحي وإسماعيل بن أبي أويس من رواة هذا النصّ، وقد نسب علماء رجال أهل السنّة الضعف إليهما، وأنكروهما بشدّة. فوصفوا صالح بن موسى بأنّه «ضعيف الحديث جدّا»، «متروك الحديث»، «يروي المناكير»، وما إلى ذلك.۳

1.. الموطأ : ج ۲ ص ۸۹۹ ح ۳ .

2.. المستدرك على الصحيحين: ج۱ ص۱۷۱ ح۳۱۸ . وراجع : السنن الكبرى : ج۱۰ ص۱۹۴ ح۲۰۳۶.

3.. راجع : تهذيب التهذيب : ج ۲ ص ۵۳۵ الرقم ۳۳۶۷ .


أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة
202

۳. كيفية التمسّك بالإمام الغائب

اتّضح لنا حتّى الآن وبالاستناد إلى حديث الثّقلين أنّ أحد أهل بيت النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله باقٍ حتّى القيامة، وأنّ التمسّك بهم في الدين والسياسة واجب، ولكنّ المسألة المهمّة هي كيف يمكن للمجتمع المسلم أن يتمسّك بإمامٍ غائب؟

يتّضح من خلال قليل من التأمّل أنّ التمسّك بالإمام الغائب يعني اتّباع نوّابه الخاصّين والعامّين، والتبليغ لمذهب أهل البيت عليهم‏السلام ونشره، ومحاربة موانع ظهوره، والسعي من أجل الربط بين القرآن والعترة والدين والسياسة، وأخيرا تهيئة الأرضيّات الثقافيّة والسياسيّة والاقتصاديّة لحكومة الإسلام العالمية بقيادة أهل البيت عليهم‏السلام، وهي مهمّة بالغة الصعوبة، حيث روي عن الإمام الصادق عليه‏السلام في هذا المجال:

إنَّ لِصاحِبِ هذا الأمرِ غَيبَةً، المُتَمَسِّكُ فيها بِدينِهِ كَالخارِطِ لِلقَتادِ.۱

وهكذا فإنّ الموالين الحقيقيّين والمتمسّكين بأهل البيت في عصر الغيبة لهم ثواب ألف شهيد كشهداء بدر واُحد۲.۳

ثامنا: دراسة رواية اُخرى لحديث الثّقلين

في مقابل‏النصّ المتواتر لحديث الثّقلين‏الّذي أوصى فيه رسول‏اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله الاُمّة بالتمسّك

1.. الكافي : ج ۱ ص ۳۳۵ ح ۱ ، كمال الدين : ص ۳۴۶ ح ۳۴ ، الغيبة للطوسي : ص ۴۵۵ ح ۴۶۵ ، الغيبةللنعماني : ص ۱۶۹ ح ۱۱ ، بحارالأنوار : ج ۵۲ ص ۱۱۱ ح ۲۱ .

2.. شبهة : على هذا الفرض يمكن القول بأنّ المراد من التمسّك ، اتّباع السنّة ونهج أهل البيت ، وعلى هذافإنّنا سوف لا نكون محتاجين إلى حضور أهل البيت في المجتمع .
جوابها : هذا الكلام يعني : التمسّك بالسنّة لا التمسّك بالعترة . في حين أنّ النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آلهأوصى صراحةً بالتمسّك بالعترة وذكّر به . إن التمسّك بالسنّة في عصر الغيبة واتّباع نواب الأئمّة عليهم‏السلام إنّما هو من جهة أنّ الارتباط بالإمام الغائب عليه‏السلامواتّباعه دون واسطة متعذّر في هذا العصر . وعلى هذا فليس هناك من سبيل سوى الأخذ بهذه الطريقة .

3.. راجع : كمال الدين : ص ۳۲۳ ح ۷ وإعلام الورى : ج ۲ ص ۲۳۲ وكشف الغمّة : ج ۳ ص ۳۱۲ .

  • نام منبع :
    أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري، السّيّد رسول الموسوي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390/01/01
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2902
صفحه از 719
پرینت  ارسال به