199
أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة

ولإيضاح هذه الرسالة نرى من الضروري بيان ثلاث اُمور:

۱. غيبة الإمام المهدي عليه‏السلام

إنّ حديث الثّقلين هو في الحقيقة أحد أدلّة إمامة الإمام المهدي عليه‏السلام وغيبته، ومن الممكن إثبات هذا الادّعاء بمقدّمتين:

المقدّمة الاُولى

استنادا إلى هذا الحديث فإنّه كما سيبقى نصّ القرآن حتّى يوم القيامة، فإنّ أحد أئمّة أهل البيت عليهم‏السلام سيبقى على قيد الحياة حتّى القيامة، وسيكون إلى جانب القرآن.

هناك في نصّ حديث الثّقلين ثلاث قرائن تدلّ بوضوح على هذا الادّعاء:

أ ـ جملة «إنِّي تارِكٌ فيكُم الثِّقلَينِ»، فلا شكّ في أنّ هذا الخطاب لا يختصّ بأصحاب النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، بل يشمل جميع الاُمّة الإسلامية حتّى يوم القيامة ؛ وإلاّ ستكون عبارتا «لَن تَضِلُّوا» و «حَتَّى يَرِدا عَلَيَّ الحَوضَ» عديمتي المعنى.

بناءً على ذلك فإنّ واحدا من أهل البيت يجب أن يكون حيّا حتّى القيامة ؛ كي تكون جملة «إنِّي تارِكٌ....» صادقة.

ب ـ عبارة «إن تَمَسَّكتُم بِهِما لَن تَضِلُّوا» قرينة اُخرى على استمرار إمامة واحدٍ من أهل البيت عليهم‏السلام بشكلٍ دائم، فلو لم يكن أحدهم باقيا إلى جانب القرآن إلى يوم القيامة لكان وجوب استمرار التمسّك بأهل البيت عليهم‏السلام ضربا من العبث.

ج ـ تدلّ جملة «لَن يَفتَرِقا حَتَّى يَرِدا عَلَيَّ الحَوضَ» ـ بالإضافة إلى الجملتين السابقتين ـ على أنّ نفس الأشخاص الّذين خلّفهم النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بين الاُمّة، وأوصى


أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة
198

إنّ الإمام الخميني قدس‏سره يشير في بداية وصيّته القيّمة ـ المستلهمة من وصيّة النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله السياسيّة الإلهيّة ـ في شرح حديث الثّقلين إلى هذه الملاحظة المهمّة قائلاً:

لعلّ قوله: «لَن يَفتَرِقا حَتّى يَرِدا عَلَيَّ الحَوضَ» إشارة إلى أنّ كلّ ما يجري على أحد هذين الثّقلين بعد رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، يجري على الآخر، وأنّ هجر أي منهما يعني هجر الآخر.۱

لقد أثبت التاريخ السياسي للإسلام بوضوح ـ وكما كان رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله قد تنبّأ به ـ أنّ من غير الممكن تحقيق أحكام القرآن في المجتمع بدون القيادة السياسيّة لأهل البيت، بل إنّ فصل أهل البيت عن القرآن رغم إقامة حروف هذا الكتاب السماوي قد هيّأ الأرضيّة لتضييع حدوده في المجتمع الإسلامي.۲

سابعا: دلالة الحديث على إمامة الإمام المهدي عليه‏السلام

من أوضح رسالات حديث الثّقلين هي بقاء أهل البيت حتّى يوم القيامة، فلو لم يكن آل النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله باقين حتّى القيامة، لما كان هناك من معنى للوصيّة بالتمسّك بهم حتّى يوم الدين.۳

1.. صحيفه امام بالفارسيّة : ج ۲۱ ص ۳۹۴ .

2.. كما ذكر الإمام الخميني في وصيّته السياسية الإلهية : «لقد اتّخذ الجبابرة والطواغيت القرآن الكريموسيلة لإقامة حكومات مناهضة للقرآن ، وأقصوا المفسّرين الحقيقيّين للقرآن والعارفين بالحقائق الّذين كانوا قد أدركوا القرآن برمته من النبيّ الأعظم صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ، وكان نداء «إنّي تارك فيكم الثّقلين» في أسماعهم ، وذلك بذرائع مختلفة ومؤامرات مخطّط لها مسبقا ، وفي الحقيقة فإنّهم أقصوا القرآن من الساحة ، القرآن الّذي كان وما يزال أكبر نهج للحياة المادّية والمعنوية ، وأبطلوا حكومة العدل الإلهي الّتي كانت وما تزال أحد أهداف هذا الكتاب المقدّس (صحيفه امام[بالفارسيّة] : ج ۲۱ ص ۳۹۴) .

3.. وفي أحاديث الحثّ على التمسّك بأهل البيت إشارة إلى عدم انقطاع متأهّل منهم للتمسّك به إلى يومالقيامة ، كما أنّ الكتاب العزيز كذلك ، ولهذا كانوا أماناً لأهل الأرض كما يأتي ، ويشهد لذلك الخبر السابق : «في كلّ خلف من اُمّتي عدول من أهل بيتي...» إلى آخره . ثمّ أحقّ من يتمسّك به منهم إمامهم وعالمهم عليّ بن أبي طالب كرّم اللّه‏ وجهه ، لما قدّمناه من مزيد علمه ودقائق مستنبطاته ، ومن ثمّ قال أبوبكر: «عليّ عترة رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله» ؛ أي الذين حثّ على التمسّك بهم ، فخصّه لما قلناه ، وكذلك خصّه صلى‏الله‏عليه‏و‏آلهبما مرّ يوم غدير خم الصواعق المحرقة : ص ۱۵۱ .

  • نام منبع :
    أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري، السّيّد رسول الموسوي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390/01/01
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2848
صفحه از 719
پرینت  ارسال به