197
أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة

ومن الملفت للنظر أنّ الإشارة إلى المكانة العلميّة لأهل البيت وردت في بعض روايات حديث الثّقلين أيضا.۱

بالإضافة إلى ذلك فإنّ حديث الثّقلين يبيّن بصراحة المرجعيّة العلميّة لأهل البيت عليهم‏السلام إلى جانب القرآن قائلاً:

إنِّي تارِكٌ فيكُمُ الثِّقلَينِ ما إن تَمَسَّكتُم بِهِما لَن تَضِلُّوا ؛ كِتابَ اللّهِ وعِترَتي أهلَ بَيتي.

وهذا يعني أنّ مرجعيّة أهل البيت عليهم‏السلام العلميّة إلى جانب القرآن تستوجب عصمتهم من الضلال في القضايا الدينية، وأنّ الّذين لا يذعنون بمرجعيّتهم العلميّة لا يمكنهم أن يطمئنّوا بعقائدهم الدينيّة.

۳. التلازم بين الإعراض عن أهل البيت عليهم‏السلام والإعراض عن القرآن

إنّ حديث الثّقلين هو ـ في الحقيقة ـ الوصيّة السياسيّة الإلهيّة لرسول اللّه‏، فقد كان صلى‏الله‏عليه‏و‏آله يعلم جيّدا أنّ من غير الممكن من الناحية العمليّة الفصل بين مرجعيّة أهل البيت عليهم‏السلام العلميّة وزعامتهم السياسيّة، فإن لم تكن قيادة الاُمّة لهم، لم يكن بإمكان المجتمع الإسلامي والعالم الانتفاع من بحر علم أهل البيت غيرِ المحدود بالنحو المطلوب. لذلك فإنّ حديث الثّقلين يحمل للاُمّة الإسلاميّة رسالة سياسيّة إلهيّة هامّة، هي التلاحم المصيري بين القرآن والعترة. وبعبارة اُخرى: فإنّ القرآن ـ الّذي يمثّل رسالة التكامل المادّي والمعنوي للإنسان ـ لا يمكن أن ينفصل عن العترة الّتي تحفظ هذه الرسالة، وتواصل نهج السنّة النبويّة. وباختصار فإنّ الدين لا ينفصل عن السياسة، وإن هجر كلّ منهما في المجتمع الإسلامي يعني هجر الآخر.

1.. وهذا مثل قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله : «إنّي تارك فيكم أمرين إن أخذتم بهما لن تضلّوا : كتاب اللّه‏ عز و جل ، وأهل بيتي عترتي .أيّها الناس ، اسمعوا وقد بلّغت أنّكم سترِدون عليّ الحوض ، فأسألكم عمّا فعلتم في الثّقلين ، والثقلان : كتاب اللّه‏ جلّ ذكره وأهل بيتي ، فلا تسبقوهم فتهلكوا ، ولا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم» راجع : ص ۲۶۰ ح ۴۵۰ .


أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة
196

حديث الثّقلين أعلن بصراحة الترابط الوثيق بين القرآن وأهل البيت وعدم افتراقهما. وبهذا الشأن يقول الشيخ المفيد:

وذلك موجب لعصمتهم من الآثام ومانع من تعلّق السهو بهم والنسيان ؛ إذ لو وقع منهم عصيان أو سهو في الأحكام لفارقوا به القرآن فيما ضمّنه البرهان.۱

بناءً على ذلك، فإنّ حديث الثّقلين دليل آخر على عصمة أهل البيت من الذنوب والأخطاء إلى جانب آيه‏التطهير. كما أنّ الأحاديث الدالّة على طهارة أهل البيت تدلّ على عصمتهم أيضا.۲

۲. المرجعية العلميّة لأهل البيت عليهم‏السلام

تمثّل المرجعية العلميّة لأهل البيت ثاني رسالة واضحة لحديث الثّقلين إلى الاُمّة الإسلاميّة، ومعادلة أهل البيت للقرآن وعصمتهم العلميّة تكفيان لإثبات هذه الرسالة. وهذا يعني أن لا أحد ـ سوى أهل البيت ـ بإمكانه أن يبيّن حقائق القرآن للناس ويبيّن لهم المعارف الأصيلة للإسلام، كما روي عن الإمام الصادق عليه‏السلام:

إنَّ اللّهَ عَلَّمَ نَبِيَّهُ التَّنزيلَ وَالتَّأويلَ، فَعَلَّمَهُ رَسولُ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله عَلِيَّا عليه‏السلام، قالَ: وعَلَّمَنا وَاللّهِ.۳

إنّ جميع الأحاديث الّتي تؤكّد المكانة العلميّة لأهل البيت، كالأحاديث الّتي تصفهم بأنّهم خزنة العلم الإلهي، أو ورثة علم الأنبياء، أو تعتبر كلامهم كلام رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ۴، هي في الحقيقة بيان لهذه الرسالة، وتأكيد المرجعيّة العلميّة لأهل البيت.

1.. المسائل الجاروديّة : ص ۴۲ .

2.. راجع: ص ۱۵۷ (القسم الثالث / الفصل الأوّل : أهمّ خصائصهم / الطهارة) .

3.. الكافي : ج ۷ ص ۴۴۲ ح ۱۵ ، تهذيب الأحكام : ج ۸ ص ۲۸۶ ح ۱۰۵۲ .

4.. راجع : ص ۲۵۳ (القسم الرابع / الفصل الأوّل : خصائصهم في العلم) .

  • نام منبع :
    أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري، السّيّد رسول الموسوي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390/01/01
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2998
صفحه از 719
پرینت  ارسال به