195
أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة

على إمامة الإمام المهديّ عليه‏السلام ووجوب معرفته والتمسّك به، ولكن وقبل تقديم أيّ إيضاح في هذا المجال، سنشير إشارة قصيرة إلى ثلاث رسائل مهمّة ومصيريّة تضمّنها هذا الحديث الشريف فيما يتعلّق بإمامة أهل البيت عليهم‏السلام وزعامتهم:

۱. عصمة أهل البيت عليهم‏السلام

ضمن اللّه‏ ـ سبحانه وتعالى ـ عصمة القرآن من كلّ خطأ واشتباه، كما في صريح قوله:

«إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحَفِظُونَ».۱

ويؤكّد عَزَّ من قائل في قوله:

«لا يَأْتِيهِ الْبَطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ».۲

والرسالة الواضحة للتلازم بين أهل البيت والقرآن في حديث الثّقلين هي عصمة أهل البيت عليهم‏السلام، للأسباب التالية:

أوّلاً: إنّ أمر النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله القاضي بالتمسّك بأهل البيت إلى جانب القرآن يعني وجوب طاعتهم، فإذا لم يكن أهل البيت معصومين من الخطأ كالقرآن، فلا مبرّر لوجوب طاعتهم.

روي عن الإمام عليّ عليه‏السلام في إيضاح هذا الدليل وفيما يتعلّق بوجوب طاعة اُولي الأمر قوله:

إنَّما اُمِرَ بِطاعَةِ أولي الأمرِ۳ لأنَّهُم مَعصومونَ مُطَهَّرونَ، لا يَأمرونَ بِمَعصِيَتِهِ.۴

ثانيا: إنّ عدم عصمة أهل البيت عن الخطأ يخلّ بارتباطهم بالقرآن، في حين أنّ

1.. الحجر : ۹ .

2.. فصّلت : ۴۲ .

3.. يشير إلى الآية «أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِى الْأَمْرِ مِنكُمْ»النساء : ۵۹ .

4.. الخصال : ص ۱۳۹ ح ۱۵۸ ، علل الشرائع : ص ۱۲۳ ح ۱ .


أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة
194

وعلى الرغم من أنّ «العترة» لم تطبّق بهذه الصراحة في الأحاديث المعتبرة لأهل السنّة على الأئمّة الاثني عشر من أهل بيت الرسالة، ولكنّ الأحاديث الّتي تؤكّد أنّ خلفاء رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله اثنا عشر شخصا لا يمكن تبريرها۱ إلاّ بالأساس العقيدي لأتباع أهل البيت، مثل الحديث التالي:

لا يَزالُ الدِّينُ قائِما حَتَّى تَقومَ السّاعَةُ، أو يَكونَ عَلَيكُم اثنا عَشَرَ خَليفَةً، كُلُّهُم مِن قُرَيشٍ.۲

وجاء في نقل آخر:

لا يَزالُ الإسلامُ عَزيزا إلى اثنَي عَشَرَ خَليفَةً.۳

وبذلك يمكن القول إنّ هذا النوع من الأحاديث يشير إلى توسيع مفهوم «العترة» إلى سائر الأئمّة، كما صُرّح بذلك في روايات أهل البيت.

سادسا: معنى الحديث

استنادا إلى الإسناد المعتبر الّذي مضت الإشارة إليه، روي عن رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أنّه خاطب الناس في أواخر عمره الشريف، ووجّه كلامه إلى الاُمّة الإسلامية حتّى يوم القيامة، قائلاً:

إنِّي تارِكٌ فيكُمُ الثِّقلَينِ ما إن تَمَسَّكتُم بِهِما لَن تَضِلُّوا ؛ كِتابَ اللّهِ وعِترَتي أهلَ بَيتي، فَإنَّهُما لَن يَفتَرِقا حَتَّى يَرِدا عَلَيَّ الحَوضَ.

فالقرآن والعترة ـ وفقا لهذا الحديث الشريف ـ أمانتان خطيرتان متلازمتان أودعهما خاتم الأنبياء صلى‏الله‏عليه‏و‏آله عند اُمّته، وطلب منها أن تحافظ عليهما حتّى يوم القيامة.

ومن أهمّ الملاحظات في بيان معنى حديث الثّقلين دلالة هذا الحديث الشريف

1.. راجع : ص ۸۵ (دراسة حول أحاديث عدد الأئمّة عليهم‏السلام) .

2.. راجع : ص ۷۴ ح ۷۹ .

3.. راجع : ص ۷۳ ح ۷۷ .

  • نام منبع :
    أهل البیت علیهم السلام في الکتاب والسنّة
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري، السّيّد رسول الموسوي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390/01/01
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2922
صفحه از 719
پرینت  ارسال به