507
حكم النّبيّ الأعظم - المجلّد الأوّل

۵ . إحياء العقل وإماتة النفس

تتنامى القوى العقلانيّة للسالك إلى اللّه تدريجا بتطبيقه التعاليم الأَربعة التي مرّ شرحها ، وتموت فيه الأَهواء البهيميّة إِلى أن يبلغ نقطةً يقول إمام العارفين وأَميرالمؤمنين ـ صلوات اللّه وسلامه عليه ـ في وصفه لها :
قَد أَحيا عَقلَهُ ، وأَماتَ نَفسَهُ ، حَتّى دَقَّ جَليلُهُ ، ولَطُفَ غَليظُهُ ، وبَرَقَ لَهُ لامِعٌ كَثيرُ البَرقِ ، فَأَبانَ لَهُ الطَّريقَ وسَلَكَ بِهِ السَّبيلَ ، وتَدافَعَتهُ الأَبوابُ إلى بابِ السَّلامَةِ ، ودارِ الإقامَةِ ، وثَبَتَت رِجلاهُ بِطُمَأنينَةِ بَدَنِهِ في قَرارِ الأَمنِ وَالرّاحَةِ بِما استَعمَلَ قَلبَهُ ، وأَرضى رَبَّهُ . ۱

1.نهج البلاغة : الخطبة ۲۲۰ ، بحار الأنوار : ج ۶۹ ص ۳۱۶ ح ۳۴ .


حكم النّبيّ الأعظم - المجلّد الأوّل
506

وما ورد من أَدعية أَهل البيت عليهم السلام التي ترشدنا إلى الحصول على مراتب عالية من معرفة اللّه ـ جلّ شأنه ـ .
وبشأن هذا الأَمر نقطتان جديرتان بالاهتمام ، هما :

أ ـ الدعاء مع السعي

النقطة الأُولى هي أنّ الدعاء يُثمر إذا رافقه السعي وبذل غاية الجهد للقيام بسائر التعاليم المشار إليها ، بل لا تتحقّق حقيقه الدعاء إلّا بالمجاهدة ، لذا قال الإمام الرضا عليه السلام في حديث عنه :
مَن سَأَلَ اللّهَ التَّوفيقَ ولَم يَجتَهِد فَقَدِ استَهَزأَ بِنَفسِهِ . ۱

ب ـ أهمّ شروط الدعاء

لاستجابة الدعاء شروط فصّلتها الأَحاديث والروايات المأثورة ، لكنّ أَهمّها الإخلاص ، وموافقة القلب اللسان بخاصّة الانقطاع عن الأَسباب والتوجّه التامّ إلى المولى الحقّ عظم شأنه ، بل إنّ سائر الشروط مقدّمة لتحقيق هذه الحالة عند المتضرّع الداعي ، كما نقل عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال في جواب من طلب منه الاسم الأَعظم حتّى يُستجاب دعاؤه :
كُلُّ اسمٍ مِن أَسماءِ اللّهِ ، فَفَرِّغ قَلبَكَ عَن كُلِّ ما سِواهُ وَادعُهُ بِأَيِّ اسمٍ شِئتَ . ۲
إنّ أَفضل عامل للانقطاع عن غير اللّه عشقه ومحبّته سبحانه. وإكسير المحبّة يستقطب السالك إلى اللّه استقطابا يقطع آصرة روحه عن كلّ ما سواه ، وكلّما زاد الحبّ زادت حالة الانقطاع عن غير اللّه وتضاعف الاتّصال بمعدن العظمة .

1.كنز الفوائد : ج ۱ ص ۳۳۰ ، معدن الجواهر : ص ۵۹ ، بحار الأنوار : ج ۷۸ ص ۳۵۶ ح ۱۱ .

2.مصباح الشريعة : ص ۱۲۹ ، بحار الأنوار : ج ۹۳ ص ۳۲۲ ح ۳۶ .

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم - المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    لجنةٍ من المحققين
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1386
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6521
صفحه از 690
پرینت  ارسال به