503
حكم النّبيّ الأعظم - المجلّد الأوّل

بالنصح والموعظة الحسنة . ۱
بكلام آخر : إِنّ الهداية الباطنيّة النورانيّة التي تتهيّأ للإنسان إِثر قيامه بالواجبات الإلهيّة تُفاض عليه بواسطة الإنسان الكامل والإمام ۲ ، من هنا ، لا تفعل الأَعمال الصالحة في تكامل الإنسان فعلها بلاصلة معنويّة به ، ولهذا عُدَّت ولاية أَهل البيت شرطا لقبول الأَعمال ، كما قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله :
وَالَّذي بَعَثَني بِالحَقِّ نَبِيّا لَو أَنَّ رَجُلاً لَقِيَ اللّهَ بِعَمَلِ سَبعينَ نَبِيّا ثُمَّ لَم يَأتِ بِوِلايَةِ أُولِي الأَمرِ مِنّا أهلَ البَيتِ ما قَبِلَ اللّهُ مِنهُ صَرفا ولا عَدلاً . ۳
ونقرأَ في الزيارة الجامعة المرويّة عن الإمام الهادي عليه السلام :
وبِمُوالاتِكُم تُقبَلُ الطّاعَةُ المُفتَرَضَةُ ، ولَكُمُ المَوَدَّةُ الواجِبَةُ . ۴
أجل ، ببركة ولاية أَهل البيت عليهم السلام وطاعتهم يستطيع السالك أن يظفر بأَعلى مراتب التوحيد والمعرفة الشهوديّة ، كما قال الإمام الرضا عليه السلام :
مَن سَرَّهُ أَن يَنظُرَ إِلَى اللّهِ بِغَيرِ حِجابٍ ، ويَنظُرَ اللّهُ إلَيهِ بِغَيرِ حِجابٍ فَليَتَوَلَّ آلَ مُحَمَّدٍ ، وَليَتَبَرّأ مِن عَدُوِّهِم . ۵

ج ـ التأثير المتبادل لمعرفة اللّه ومعرفة أَهل البيت

النقطة الأُخرى اللافتة للنظر فيما يخصّ تأثير أَهل البيت في معرفة اللّه هي تأَكيد عدد من الروايات أَنّ معرفة اللّه عز و جل لا تتيسّر إِلّا عن طريق معرفة أَهل البيت عليهم السلام ، ومن جهة أُخرى ، جاء في بعض الرّوايات أنّ معرفة أَهل البيت متأخّرة عن معرفة

1.الميزان في تفسير القرآن : ج ۱ ص ۲۷۲ .

2.لمزيد من التوضيح راجع : القيادة في الإسلام : ص ۷۳ (القيادة الباطنيّة) .

3.الأمالي للمفيد : ص ۱۱۵ ح ۸ ، بحار الأنوار : ج ۲۷ ص ۱۹۲ ح ۴۹ .

4.تهذيب الأحكام : ج ۶ ص ۹۹ ح ۱۷۷ .

5.المحاسن : ج ۱ ص ۱۳۳ ح ۱۶۵ ، بحار الأنوار : ج ۲۷ ص ۹۰ ح ۴۲ .


حكم النّبيّ الأعظم - المجلّد الأوّل
502

قُلوبِ المُؤمِنينَ أنوَرُ مِنَ الشَّمسِ المُضيئَةِ بِالنَّهارِ؛ وهُم وَاللّهِ يُنَوِّرونَ قُلوبَ المُؤمِنينَ ، ويَحجُبُ اللّهُ عز و جل نورَهُم عَمَّن يَشاءُ فَتُظلِمُ قُلوبُهُم؛ وَاللّهِ يا أبا خالِدٍ لا يُحِبُّنا عَبدٌ ويَتَوَلّانا حَتّى يُطَهِّرَ اللّهُ قَلبَهُ . ۱
فمن وحي هذا الكلام نعرف أنّ الإمام كالشَّمس الساطعة تشعُّ على الباطن الخافي للعالم أَكثر ممّا تشعّه الشَّمس المحسوسة ، وتُنير ملكوت السَّماوات والأَرض وسرائر المؤمنين . وهذا النور لا يُبيّن طريق السير والسلوك لهم فحسب ، بل يرافقهم حتّى بلوغ الهدف .
بعبارة أُخرى : كما أنّ الشَّمس المحسوسة ـ فضلاً عن إِضاءتها ـ تؤثّر في التكامل المادّي للإنسان تكوينيّا ، فإنّ الشمس المعنويّة للإمام ـ مضافا إلى إِرشادها التشريعيّ ـ تؤثّر في التكامل المعنويّ للإنسان تكوينيّا أَيضا .
أَطلق القرآن الكريم كلمة «الإمام» على مَن له درجات القرب ، وكان أَميرا لقافلة أَهل الولاية ، وحافظا لارتباط الإنسانية بهذه الحقيقة ، فالإمام هو الّذي اصطفاه اللّه سبحانه للسير بصراط الولاية قُدما ، وهو الّذي أَمسك بزمام الهداية المعنوية ، وعندما تشعُّ الولاية في قلوب العباد فإنّها أَشعة وخطوط ضوئيّة من منبع النور الّذي عنده ، والمواهب المتفرّقة روافد متصلة ببحره اللامتناهي . ۲
إنّ العلّامة الطباطبائيّ ـ رضوان اللّه عليه ـ يقول في هذا الشأن :
وبالجمله فالإمام هادٍ يهدي بأَمر ملكوتيّ يصاحبه ، فالإمامة بحسب الباطن نحو ولاية للنَّاس في أَعمالهم ، وهدايتها إيصالها إيّاهم إلى المطلوب بأَمر اللّه دون مجرّد إراءة الطريق الذي هو شأَن النبيّ والرسول وكلّ مؤمن يهدي إلى اللّه سبحانه

1.الكافي : ج ۱ ص ۱۹۴ ح ۱ ، تفسير القمّي : ج ۲ ص ۳۷۱ ، مختصر بصائر الدرجات : ص ۹۶ ، بحار الأنوار : ج ۲۳ ص ۳۰۸ ح ۵ .

2.خلافت و ولايت (بالفارسية) : ص ۳۸۰ .

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم - المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    لجنةٍ من المحققين
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1386
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6452
صفحه از 690
پرینت  ارسال به