شرط تحقّقه واستمراره ، فإنّ زوال الإيمان يكون ممكنا عن طريق الإنكار اللساني أو بايجاد أسباب الكفر. ۱
و على هذا الأساس ، فعلى الرغم من أنّ المرحوم المجلسي اعتبر في بحارالأنوار وفي القسم الأوّل من مباحثه الإيمان المستند إلى العلم القطعيّ غير قابل للزوال ، ولكن يجب القول استنادا إلى ما ذكره في مرآة العقول في تفسير الإيمان إنّ رأيه النهائي لا يختلف عن رأي معظم المتكلّمين .
الرأي الرابع : درجات الإيمان العليا غير قابلة للزوال
يبدو أنّ الرأي الصحيح في القضيّة موضوع البحث ، هو هذا الرأي والذي يمكن استنباطه بوضوح من روايات أهل البيت عليهم السلام ، فقد روي بسند معتبر عن الإمام الباقر ، أو الإمام الصادق عليهماالسلام قوله :
إنَّ اللّهَ عز و جل خَلَقَ خَلقا لِلإِيمانِ لا زَوالَ لَهُ ، وخَلَقَ خَلقا لِلكُفرِ لا زَوالَ لَهُ ، وخَلَقَ خَلقا بَينَ ذلِكَ ، وَاستَودَعَ بَعضَهُمُ الإِيمانَ ، فَإِن يَشَأ أن يُتِمَّهُ لَهُم أتمّهُ ، وإن يَشَأ أن يَسلُبَهُم إيّاهُ سَلَبَهُم . ۲
ونقل في رواية اُخرى عن الإمام الصادق عليه السلام :
إنَّ اللّهَ ... جَبَلَ بَعضَ المُؤمِنينَ عَلَى الإِيمانِ فَلا يَرتَدّون أبَدا ، ومِنهُم مَن اُعيرَ الإِيمانَ عارِيَّةً ، فَإِذا هُوَ دَعا وأَلحَّ فِي الدُّعاءِ ماتَ عَلَى الإِيمانِ . ۳
وتدلّ هاتان الروايتان بوضوح على أنّ الإنسان قد يصل أحيانا خلال مسيرته التكاملية إلى مرتبة عالية من الإيمان على إثر الرياضة والمجاهدة ، حيث تكون هذه المرتبة غير قابلة للزوال ، بمعنى أنّ اللّه ـ تعالى ـ يضمن حفظه من الانزلاق .