65
منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّي الله عليه و آله

من منازل السلوك وبلوغ ذروة اليقين والمعرفة الشهوديّة إِلّا بالعمل بها ، وعلى هذا المنوال تبدأُ حركة الإنسان نحو الكمال المطلق حقّا وموجز القول في بيان هذه الطرق ، كما يلي :

۱ . ذكر اللّه عز و جل

أَلا بذكر اللّه سبحانه تبدأُ أَوّل خطوة في السير والسلوك إِلى اللّه ، قال الإمام أَميرالمؤمنين عليّ بن أَبي طالب عليه السلام عن تأثير ذكر اللّه في بناء الإنسان :
أصلُ صَلاحِ القَلبِ اشتِغالُهُ بِذِكرِ اللّهِ . ۱
إِنّ ذكر اللّه في الحقيقة مفتاح تزكية النفس ، ذلك أَنّه يُفرغ المرء من بهيميّته ويطهّر قلبه من الرذائل الأَخلاقيّة ، ويُعِدّه لتلقّي نور اليقين تدريجا ، وقد اهتمّت النّصوص الإسلاميّة بالتأثير المصيريّ الحاسم لذكر اللّه في بناء الإنسان مفصّلاً .

حقيقة الذِّكر

النقطة الرئيسيّة هي أنّ حقيقة الذِّكر ، هي الشعور بالحضور في رحاب اللّه ـ جلّ جلاله ـ ، من هنا فإنّ الذكر اللفظيّ بلا توجّه قلبيّ لا يؤثّر في تنوير القلب تأَثيرا يُذكَر . وآية التوجّه القلبيّ إِلى خالق الكون الشعور بالمسؤوليّة في جميع المجالات ، والذِّكر بهذا المعنى بخاصّة استمراره وديمومته صعب مستصعب ، كما قال الإمام الصادق عليه السلام لأَحدأَصحابه :
ألا أُخبِرُكَ بِأَشَدِّ ما فَرَضَ اللّهُ عز و جلعَلى خَلقِهِ [ ثلاث ]؟ قُلتُ : بَلى . قالَ : إنصافُ النّاسِ مِن نَفسِكَ ، ومُؤاساتُكَ أخاكَ ، وذِكرُ اللّهِ في كُلِّ مَوطِنٍ . أما إنّي لا أقولُ : سُبحانَ اللّهِ ، وَالحَمدُ للّهِِ ، ولا إلهَ إلَا اللّهُ ، واللّهُ أكبَرُ ، وإن كانَ هذا مِن ذاكَ ، ولكِن ذِكرُ اللّهِ ـ جَلَّ وعَزَّ ـ في كُلِّ مَوطِنٍ إذا هَجَمتَ عَلى طاعَةٍ أو عَلى مَعصِيَةٍ . ۲

۲ . رعاية آداب الطعام

إنّ ذكر اللّه عز و جل غذاء الروح ، وكلّما ازداد هذا الغذاء فيها زادت قوّتها ، وعظم صفاء القلب ونورانيّته ، وعلى العكس من ذلك الأَغذية المادّيّة ، فكلّما أَكثر الإنسان منها تضاعف ضررها على جسمه وروحه ، والاكتفاء بالمقدار الضروريّ من الزاد يضمن صحّة الإنسان جسما وروحا .
كما رُوي عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :
مَن أكَلَ مِنَ الحَلالِ صَفا قَلبُهُ ورَقَّ . ۳
مَن أكَلَ الحَلالَ أربَعينَ يَوما، نَوَّرَ اللّهُ قَلبَهُ، وأَجرى يَنابيعَ الحِكمَةِ مِن قَلبِهِ عَلى لِسانِهِ . ۴

۳ . ولاية أهل البيت عليهم السلام

إنّ طريق التوحيد والسلوك إِلى المعرفة الشهوديّة والكمال المطلق صعب مستصعَب ، وفيه قُطّاع طرقٍ كثيرون ، فقطعه بلاتوجيه وإِرشاد ومؤازرة من القادة الربّانيّين الذين بلغوا الهدف وعُصموا من الزلل ـ وهم

1.غرر الحكم : ح ۳۰۸۳ .

2.الكافي : ج ۲ ص ۱۴۵ ح ۸ معاني الأخبار : ص ۱۹۳ ح ۳ ، بحار الأنوار : ج ۷۵ ص ۳۴ ح ۲۹ .

3.مجمع البحرين : ج ۱ ص ۴۴۷ .

4.إحياء علوم الدين : ج ۲ ص ۱۳۴ ، المغني عن حمل الأسفار : ج ۱ ص ۴۳۵ ح ۱۶۵۲ .


منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّي الله عليه و آله
64

تَقِيكُم بَأْسَكُمْ» . ۱

۸ . أَدوات استيعاب العلم

إِنّ تدارك الأَدوات الداخلية والخارجية لاستيعاب العلم آية أُخرى تضاف إِلى آيات خلق الإنسان ، ودليل آخر يضاف إِلى إِثبات التوحيد ومعرفه الخالق.

۹ . اختلاف اللغات والصور

إِنّ اختلاف لغات الناس وصورهم وأَلوانهم واحدة أُخرى من دلائل معرفة الخالق ـ جلّ وعلا ـ ، فإذا كان الصانع مجردامن الشعور حاله حال المصانع الانتاجية الأُخرى فإنّ إِنتاجه سيكون بلا شكّ على وتيرةٍ واحدةٍ ونمطٍ واحدٍ .
«وَ مِنْ ءَايَـتِهِ خَلْقُ السَّمَـوَ تِ وَ الْأَرْضِ وَاخْتِلَـفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَ أَلْوَ نِكُم إِنَّ فِى ذَ لِكَ لَأيَـتٍ لِّلْعَــلِمِينَ» . ۲

۱ / ۷ . طُرُقُ الوُصولِ إلى أسمى مَراتِبِ مَعرِفَةِ اللّهِ عز و جل

أ ـ ذِكرُ اللّهِ عز و جل

الكتاب

« يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اذْكُرُواْ اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَ سَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِيلاً * هُوَ الَّذِى يُصَلِّى عَلَيْكُمْ وَ مَلَئِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّـلُمَـتِ إِلَى النُّورِ وَ كَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا » . ۳

الحديث

۳۰۴.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :يَقولُ اللّهُ تَعالى : إِذا كانَ الغالِبُ عَلى عَبدِيَ الاِشتِغالَ بي جَعَلتُ نَعيمَهُ ولَذَّتَهُ في ذِكري، فَإِذا جَعَلتُ نَعيمَهُ ولَذَّتَهُ فيذِكري عَشَقَني وعَشَقتُهُ ، فَإِذا عَشَقَني وعَشَقتُهُ رَفَعتُ الحِجابَ فيما بَيني وبَينَهُ ، وصِرتُ مَعالِما بَين عَينَيهِ ، لا يَسهو إِذا سَهَا النَّاسُ ، أُولئِكَ كَلامُهُم كَلامُ الأَنبِياءِ . ۴

ب ـ مَحَبَّةُ اللّهِ عز و جل

۳۰۵.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :المَحَبَّةُ أَساسُ المَعرِفَةِ . ۵

ج ـ الاِنقِطاعُ إلَى اللّهِ عز و جل

۳۰۶.رسول اللّه صلى الله عليه و آلهـ فِي الدُّعاءِ ـ: إِلهي مَن ذَا الَّذِي انقَطَعَ إِلَيكَ فَلَم تَصِلهُ؟! ۶

د ـ وِلايَةُ أَهلِ البَيتِ عليهم السلام

۳۰۷.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :نَحنُ الوَسيلَةُ إِلَى اللّهِ ، وَالوُصلَةُ إِلى رِضوانِ اللّهِ . ۷

كلام حول طرق الوصول إلى أسمى درجات معرفة اللّه عز و جل

إِنّ ما مرّ من النصوص تحت عنوان «طرق الوصول إِلى أَسمى مراتب معرفة اللّه » يعدّ من أَهمّ التعاليم في السير والسلوك إِلى اللّه وأَقومها وأَضمنها ، وهو ما أُشير إِليه في النصوص الإسلاميّة ، ولا يتسنّى العبور

1.النحل : ۸۱ .

2.الروم : ۲۲ .

3.الأحزاب : ۴۱ ـ ۴۳ .

4.حلية الأولياء : ج ۶ ص ۱۶۵ .

5.المواعظ العدديّة : ص ۱۴۴ .

6.بحار الأنوار : ج ۹۰ ص ۳۴۲ ح ۵۴ .

7.بحار الأنوار : ج ۲۵ ص ۲۳ ح ۳۸ .

  • نام منبع :
    منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّي الله عليه و آله
    سایر پدیدآورندگان :
    عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1388
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8696
صفحه از 604
پرینت  ارسال به