ومع الأسف إنّ الخطر الكبير الذي يهدّد المجتمع البشري هذا اليوم هو أنّ العلم قد تقدم كثيرا ، بَيْد أنّه فقد جوهره وخاصّيته واتّجاهه السديد ، واستُخدم باتّجاه انحطاط الإنسانيّة وسقوطها .
ويمكن أن ندرك بتأمّلٍ يسيرٍ ، الآفات التي فرضها العلم على المجتمع البشريّ في واقعنا المعاصر ، ونفهم ماذا تجرّع الإنسان من ويلات حين قبضت القوى الكبرى على سلاح العلم .
فهل يمكن أن نسمّي وسائل النهب ، والجوع ، والقتل ، والفساد علما !
وهل الذي يسوق المجتمع نحو الفساد والضياع ، هو علم ونور أم هو الجهل والظلمة ؟
وهنا يستبين معنى الكلام النبويّ الدقيق ، إذ قال صلى الله عليه و آله :
إنَّ مِنَ العِلمِ جَهلاً . ۱
لقد مُني العلم اليوم بهذا المصير المشؤوم بعد فقده جوهره واتّجاهه المستقيم السديد ، فأصبح كالجهل قاتلاً ، مُفسدا ، مدمِّرا ، بل أصبح أشدّ ضررا من الجهل!
ما أروع كلام الإمام عليّ عليه السلام وما أدقّه ! إذ قال :
رُبَّ عالِمٍ قَد قَتَلَهُ جَهلُهُ ، وعِلمُهُ مَعَهُ لا يَنفَعُهُ . ۲
الحكمة في القرآن والحديث
تكررت كلمة (الحكمة) في القرآن الكريم عشرين مرة، كما امتدح الحقّ تعالى ذاته المقدّسة بصفة (الحكيم) ۹۱ مرّة .
إنّ التأمّل في موارد استعمال هذه الكلمة في النصوص الإسلامية، يشير إلى أنّ الحكمة من وجهة نظر القرآن والحديث عبارة عن المقدّمات المتقنة والثابتة في المجالات العلمية والعملية والروحية لنيل المقاصد الإنسانية السامية ، وما ورد في الأحاديث الشريفة في تفسير الحكمة انما هو مصداق من مصاديق هذا التعريف الاجمالي .
الفصل الأوّل : الحثّ على طلب العلم والحكمة
۱ / ۱ . فَضلُ العِلمِ
۶۹.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :أكثَرُ النّاسِ قيمَةً أكثَرُهُم عِلماً ، وأقَلُّ النّاسِ قيمَةً أقَلُّهُم عِلماً. ۳
۷۰.عنه صلى الله عليه و آله :العِلمُ رَأسُ الخَيرِ كُلِّهِ. ۴
۷۱.عنه صلى الله عليه و آله :إنَّ اللّهَ عز و جل يَقولُ : تَذاكُرُ العِلمِ بَينَ عِبادي مِمّا تَحيا عَلَيهِ القُلوبُ المَيِّتَةُ إذا هُمُ انتَهَوا فيهِ إلى أمري . ۵
۷۲.عنه صلى الله عليه و آله :نِعمَ وَزيرُ الإِيمانِ العِلمُ. ۶
۷۳.عنه صلى الله عليه و آله :العِلمُ حَياةُ الإِسلامِ وعِمادُ الإِيمانِ. ۷
1.سنن أبي داوود : ج ۴ ص ۳۰۳ ح ۵۰۱۲ .
2.نهج البلاغة : الحكمة ۱۰۷ .
3.كتاب من لا يحضره الفقيه : ج ۴ ص ۳۹۵ ح ۵۸۴۰ .
4.جامع الأحاديث للقمّي : ص ۱۰۲ .
5.الكافي : ج ۱ ص ۴۰ ح ۶ .
6.الكافي : ج ۱ ص ۴۸ ح ۳ .
7.الجامع الصغير: ج۲ ص۱۹۲ ح۵۷۱۱ .