263
منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّي الله عليه و آله

يكونوا مرشدين وموجّهين لولاة الاُمور .

۲ . الإدارة الاقتصاديّة الذاتيّة

الطريق الآخر لتأمين الحاجات الاقتصاديّة للمبلّغين هو الإدارة الاقتصاديّة الذاتيّة لشريحة علماء الدين ؛ أي أن يتولّى مدراء الحوزات العلميّة تنظيم الميزانيّة الخاصّة لدراسة وتبليغ العلوم الدينيّة على نحو يوفّر معيشة متوسّطة وكريمة لجميع الدارسين والباحثين والمبلّغين . ولا أشكّ في أنّه مع وجود إدارة صحيحة للأموال الموجودة حاليّا تحت تصرّف علماء الدين ـ الواردة عن طريق الخمس والزكاة والهدايا وغير ذلك ـ فإنّ الحاجات الاقتصاديّة لجميع المنتسبين لهذا القطاع ستكون مؤمّنة بكلّ سهولة .

۳ . تقوية الجانب المعنوي والايمان بضمان اللّه

صرّحت روايات عديدة أنّ الباري تعالى ، علاوةً على ما تكفّل به من رزق كلّ إنسان وكلّ دابّة ، فإنّه قد أولى عناية خاصّة بضمان رزق أصحاب العلم ومن نذروا حياتهم لإرشاد الناس وهدايتهم .
وقد ورد عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنّه قال في هذا المجال :
إنَّ اللّهَ تَعالى قَد تَكَفَّلَ لِطالِبِ العِلمِ بِرزقِهِ خاصَّةً عَمّا ضَمِنَهُ لِغَيرِهِ . ۱
مَن تَفَقَّهَ في دينِ اللّهِ كَفاهُ اللّهُ هَمَّهُ ورَزَقَهُ مِن حَيثُ لا يَحتَسِبُ . ۲
وفي الحقيقة أنّ هذه الأحاديث أتت مفسّرة لآيات قرآنية كريمة جاء فيها :
مَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَ مَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ . ۳
ولا شكّ أنّ أحد المصاديق البارزة للتقوى والتوكّل هو التفقّه في الدين في سبيل اللّه وفي سبيل خدمة الخلق .
إنّ من يعمل في سبيل تقوية الجانب المعنوي في ذاته ، وينطلق للدراسة والبحث وإرشاد الناس برأسمال التقوى والتوكّل ، فقد ضمن له اللّه أن يأتيه برزقه من حيث لا يحتسب . والتجربة القطعيّة لحملة العلم تؤيّد الحقيقة التي صرّح بها القرآن الكريم والأحاديث الشريفة .

1.منية المريد : ص ۱۶۰ ، الأنوار النعمانيّة : ج ۳ ح ۳۴۱ .

2.جامع بيان العلم : ج ۱ ص ۴۵ .

3.الطلاق : ۲ و ۳ .


منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّي الله عليه و آله
262

عليّ عليه السلام بقوله : يَطلُبُ الدُّنيا بِعَمَلِ الآخِرَةَ ، ولا يَطلُبُ الآخِرَةَ بِعَمَلِ الدُّنيا . ۱

۲ . انخفاض تأثير التبليغ

عندما يتزعزع ركن الإخلاص يتناقص تلقائيّاً تأثير التبليغ في حياة الآخرين ، حتّى يصل أحياناً إلى حدّ الصفر ، بل قد تنعكس عنه أحياناً نتائج سلبيّة ؛ وذلك لأنّ الناس يحقّ لهم عندئذٍ النظر بعين التهمة إلى كلّ من يتّخذ دين اللّه كوسيلة لضمان حياته المادّيّة .

۳ . تحريف القيم الدينيّة

إنّ أجسم الأضرار التي تنجم عن تبليغ الدين لقاء الأجر هو تحريف القيم الدينيّة . فعندما ينزَّل التبليغ على شكل سلعة ، يميل المبلّغ إلى أخذ رغبة المخاطب بنظر الاعتبار بدلاً من النظر إلى حاجته . ومن هنا يجد نفسه مضطرّا إلى عرض سلعته وفقاً لرغبة المخاطب ، وهكذا فقد يرى من الضرورة أحياناً تحريف القيم الدينيّة في سبيل نيل أغراضه الدنيويّة .

ب ـ أخذ الأجر على التبليغ من دون طلبه

إنّ الانعكاسات السلبيّة ـ التي سبقت الإشارة إليها ـ تظهر في الوقت الذي يتصرّف المبلّغ تصرّفا يعاكس تماما ما كان يتصرّفه الأنبياء ؛ وذلك أنّ الأنبياء كانوا يقولون : إنّنا لا نريد أجراً على التبليغ ، أمّا هو فيقول : اُريد أجرا عليه ، ويتعامل بدين اللّه كسلعة . لكن في صورة ما إذا لم يطلب المبلّغ أجراً وبادر الناس إلى تقديم الأجر له من تلقاء أنفسهم لأجل تأمين شؤونه المعاشيّة ، فلا مانع عندئذٍ من قبوله . وقد روي في هذا المجال عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال :
المُعَلِّمُ لا يُعَلِّمُ بِالأَجرِ ، وَيَقبَلُ الهَدِيَّةَ إذا اُهدِيَ إلَيهِ . ۲

ج ـ سبل تأمين الحاجات الاقتصاديّة للمبلّغ

۱ . تأمين الحاجات الاقتصاديّة للمبلّغ من قبل الحكومة

عندما يُتاح للنظام الإسلامي تطبيق أحكام الإسلام النيّرة على نحوٍ كامل ، ويصبح بيت المال تحت تصرّف الدولة الإسلاميّة من جهة ، وعدم الحاجة إلى إشراف الحوزات العلميّة والزعماء الدينيّين على الأجهزة التنفيذيّة والتشريعيّة والقضائيّة من جهة اُخرى ، فلعلّ أفضل طريق لتوفير الحاجات الاقتصاديّة لعلماء الدين ، ومنهم المبلّغون ، هو الدولة الإسلاميّة . بيد أنّ مثل هذه الظروف لا تتحقّق إلّا في عصر حكومة الإمام المهدي (عجل اللّه تعالى فرجه) .
أمّا في ظلّ الظروف الحاليّة ، فيبدو الاستقلال الاقتصادي لعلماء الدين أمرا ضروريّا ، وعدم استقلال علماء الدين يعني اتّباعهم لسياسة الحكومات وانقيادهم لها ، في حين أنّهم يجب أن

1.نهج البلاغة : الخطبة ۳۲ ، بحار الأنوار : ج ۷۸ ص ۵ ح ۵۴ .

2.تهذيب الأحكام : ج ۶ ص ۳۶۵ ح ۱۰۴۷ .

  • نام منبع :
    منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّي الله عليه و آله
    سایر پدیدآورندگان :
    عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1388
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8948
صفحه از 604
پرینت  ارسال به