وما يجدر الانتباه إليه ، أن الفوضى عمّت المجلس بعد تعيين الرسول اثني عشر شخصا خلفاء له ۱ ، حيث يقول جابر بن سمرة بأنه لم يسمع باقي حديث الرسول صلى الله عليه و آله ۲ ، وقد سأل أباه أو عمه عمّا قاله الرسول ، فأجابه بأنه قال : «كلّهم من قريش» ۳ أو «كلّهم من بني هاشم» . ۴
ويتبيّن ممّا جرى بأنّ المناخ السياسي لم يكن مناسبا للإعلان عن أمراء العالم الإسلامي بعد الرسول صلى الله عليه و آله ، مما تشير إليه عبارة «واللّه يعصمك من الناس» في ما جرى بغدير خم . ويدلّ على ذلك أيضا عدم مقدرة الرسول صلى الله عليه و آله بإعطاء تصريح مكتوب حول هذا الموضوع حين شارف على الموت وهو في سرير مرضه ، حيث واجهه الناس بالفوضى والغوغاء .
۴ . المقصود من اثني عشر خليفة
التأمل في عبارات «الخليفة» ، «الإمام» ، «الوصي» ، «الأمير» والألفاظ المشابهة لها التي وردت في تقارير حديث جابر ، وعدد الأشخاص الذين عيّنهم الرسول صلى الله عليه و آله خلفاء له ، وانتمائهم العائلي ، والأهم من كل ذلك ، تأكيد الرسول صلى الله عليه و آله على أنّ إقامة الدين وعزّة الإسلام وصلاح الأمة إلى يوم القيامة متوقف على خلافتهم إياه ، يدلّنا بوضوح إلى أنّ الجدارة العلمية والعملية والسياسية والإدارية اللازمة لإمرة المجتمع الإسلامي متوفرة لدى الأشخاص الذين عدّهم الرسول صلى الله عليه و آله في حديثه المهمّ هذا ، فهم جديرون بخلافة اللّه وخلافة رسوله صلى الله عليه و آله .
كان لهذا العنوان في ذلك الزمان من الأهميّة ما جعل أبا بكر ينفيه عن نفسه في أوائل خلافته حسب نقل ابن عباس ، فعندما قال له شخص : أنت خليفة رسول
1.مسند ابن حنبل : ج۷ ص۴۲۹ ح ۲۰۹۹۱ .
2.راجع : مسند ابن حنبل : ج۷ ص۴۲۹ ح ۲۰۹۹۱ .
3.راجع : مسند ابن حنبل : ج ۷ ص ۴۲۹ ح ۲۰۹۹۱ .
4.ينابيع المودة : ج ۲ ص ۳۱۶ ح ۹۰۸ .