649
حكم النّبيّ الأعظم - المجلّد الثّانی

اللّه صلى الله عليه و آله . أجاب : لا . سأله : فما أنت ؟ فأجاب أبو بكر : أنا الخالفة بعده . ۱
التأمل في كلمة الخليفة يظهر هذا المعنى .
الخليفة من يخلف آخر ، فهو من يقوم مقامه ويليه في مكانه ومكانته .
هداية الناس وإرشادهم إلى السعادة والفلاح تقع في محور مهام الرسول صلى الله عليه و آله . فأجدر الناس بخلافته من يمكنه القيام بهذه المهمة بأحسن وجه . ولهذا قال الرسول صلى الله عليه و آله عن مبلّغي الدين بأنّهم خلفاءه :
اللّهمّ ارحم خلفائي . قيل : ومن خلفاءك يا رسول اللّه ؟ قال : الذين يأتون من بعدي ، يروون حديثي وسنّتي . ۲
السلطة ليست الّا أداة يحقق الرسول صلى الله عليه و آله بها أهدافه . فإن كانت الحكومة له أو لم تكن له (كفترة مكة العصيبة) يؤدي مهامه بأكمل وجه .
تبيّن تأويلات أهل الحديث السنّة بأنّهم لم يلاحظوا العلّة الغائية من بعثة الرسل حين تبنّوا المعنى المشهور من الخليفة ، وبحثوا عن خلفاء الرسول صلى الله عليه و آله بين الحكّام والأمراء . ومن البديهي أنّه لا يمكننا اعتبار حكّام ظلمة وسفّاكين للدماء ، كيزيد وعبد الملك ، خلفاء لأعظم الأنبياء وخاتمهم .
ومما لا شك فيه أنّ النبي أراد تعيين أفضل الناس لإمرة المسلمين بعده . وبما أنّ حديثه بعيد كلّ البعد عن اللغو والألغاز ، تبقى القضية الأهم في فقه الحديث وفهم معنى حديث الرسول صلى الله عليه و آله ، تعيين المصاديق لاثني عشر خليفة عيّنهم الرسول صلى الله عليه و آله بعده خلفاء صالحين .
الجواب واضح لدى أتباع أهل البيت عليهم السلام ، فهم يؤمنون بأن اثني عشر خليفة لرسول اللّه صلى الله عليه و آله ، هم اثنا عشر شخصا من أهل بيته ، أولهم الإمام عليّ بن

1.النهاية : ج ۲ ص ۶۹ .

2.كتاب من لا يحضره الفقيه : ج ۴ ص ۴۲۰ ح ۵۹۱۹.


حكم النّبيّ الأعظم - المجلّد الثّانی
648

وما يجدر الانتباه إليه ، أن الفوضى عمّت المجلس بعد تعيين الرسول اثني عشر شخصا خلفاء له ۱ ، حيث يقول جابر بن سمرة بأنه لم يسمع باقي حديث الرسول صلى الله عليه و آله ۲ ، وقد سأل أباه أو عمه عمّا قاله الرسول ، فأجابه بأنه قال : «كلّهم من قريش» ۳ أو «كلّهم من بني هاشم» . ۴
ويتبيّن ممّا جرى بأنّ المناخ السياسي لم يكن مناسبا للإعلان عن أمراء العالم الإسلامي بعد الرسول صلى الله عليه و آله ، مما تشير إليه عبارة «واللّه يعصمك من الناس» في ما جرى بغدير خم . ويدلّ على ذلك أيضا عدم مقدرة الرسول صلى الله عليه و آله بإعطاء تصريح مكتوب حول هذا الموضوع حين شارف على الموت وهو في سرير مرضه ، حيث واجهه الناس بالفوضى والغوغاء .

۴ . المقصود من اثني عشر خليفة

التأمل في عبارات «الخليفة» ، «الإمام» ، «الوصي» ، «الأمير» والألفاظ المشابهة لها التي وردت في تقارير حديث جابر ، وعدد الأشخاص الذين عيّنهم الرسول صلى الله عليه و آله خلفاء له ، وانتمائهم العائلي ، والأهم من كل ذلك ، تأكيد الرسول صلى الله عليه و آله على أنّ إقامة الدين وعزّة الإسلام وصلاح الأمة إلى يوم القيامة متوقف على خلافتهم إياه ، يدلّنا بوضوح إلى أنّ الجدارة العلمية والعملية والسياسية والإدارية اللازمة لإمرة المجتمع الإسلامي متوفرة لدى الأشخاص الذين عدّهم الرسول صلى الله عليه و آله في حديثه المهمّ هذا ، فهم جديرون بخلافة اللّه وخلافة رسوله صلى الله عليه و آله .
كان لهذا العنوان في ذلك الزمان من الأهميّة ما جعل أبا بكر ينفيه عن نفسه في أوائل خلافته حسب نقل ابن عباس ، فعندما قال له شخص : أنت خليفة رسول

1.مسند ابن حنبل : ج۷ ص۴۲۹ ح ۲۰۹۹۱ .

2.راجع : مسند ابن حنبل : ج۷ ص۴۲۹ ح ۲۰۹۹۱ .

3.راجع : مسند ابن حنبل : ج ۷ ص ۴۲۹ ح ۲۰۹۹۱ .

4.ينابيع المودة : ج ۲ ص ۳۱۶ ح ۹۰۸ .

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم - المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    لجنةٍ من المحققين
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    02/01/1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6334
صفحه از 686
پرینت  ارسال به