363
حكم النّبيّ الأعظم - المجلّد الثّانی

ولابدَّ من الإشارة إلى أنّ العمل بهذا التقويم لم يتمّ إلّا بعد مرور قرون عديدة على ولادة السيّد المسيح عليه السلام ، فقد ظلّ التقويم على ما كان عليه سابقا، وهو تاريخ مدينة روما الأُسطوريّة، وعلى أساس التعديل الذي أجراه «جولين» عليه .
وبقي التّقويم الرُّومي يعتمد على هذا الأساس، إلى أن انتهى عهد «أوغست» و «دقيانوس» وبدأ عهد «ديوكليسين» في عام «۵۶۰ م» .
وفي هذا الوقت اقترح القسُّ «ديوني سيوس أكزيكوس ۱ ـ Dionysius Exiguus»ـ بعد «۷۵۹» عاما على بناء مدينة روما ـ أن يجعل المسيحيون تقويمهم على أساس ولادة نبيّهم عيسى عليه السلام ، والهدف الباعث له على ذلك، هو أنَّ التقويم القائم على تاريخ مدينة روما الاُسطورية، فيه إحياء لذكرى شخصيّات ظالمة من إمبراطورات روما، فرأى هذا القسّ أن تذكر شخصية عيسى عليه السلام بدل اُولئك الظالمين، فجعل مبدأ التّاريخ المسيحي هو ولادة السيّد المسيح عليه السلام ، فاعتمدته الكنيسة، وطلبت من جميع المسيحيين العمل به .
وكانت نتيجة الحسابات التي أجراها، أن كانت سنة «۲۴۷» الدقيانوسية، مقابلةً لسنة «۵۲۵» الميلادية .
ثمّ جعل بداية العام الميلادي يوم «۲۵» مارس، بناءً على اقتراح دينس، وبهذا تكون بداية السَّنة بعد مضي «۷» أيّام على ولادة السيّد المسيح عليه السلام ، وبمرور الزمن تغيّر ذلك، فصارت بداية السنة أوّل شهر مارس، وأصبح العيد المسيحي المقدّس بين «۲۵» ديسمبر وبين الأوّل من يناير ۲ . ۳

1.في عهد هذا الإمبراطور اُقيم حفل بمناسبة مرور ألف عام على بناء روما ، وذلك في سنة ۲۸۹ للميلاد . ( راجع : تقويم وتاريخ در إيران ، (بالفارسية) ، العدد ۱۵ ص ۷۲ ) .

2.تقويم وتقويم نگارى در تاريخ (بالفارسيّة) : ص ۱۰۷ و ۱۰۸ .

3.يعتقد بعض المحقّقين وجود شخصين باسم عيسى في التّاريخ . الأوّل : «عيسى المصلوب» والآخر ف «عيسى غير المصلوب» وبينهما أكثر من خمسة قرون . والتّاريخ الميلادي لا يتطابق مع أي واحد منهما ، لأنّ المسيح غير المصلوب يتقدّم على التّاريخ الميلادي ۲۵۰ عاما ، والمسيح المصلوب يتأخّر ۲۹۰ عاما على هذا التّاريخ (راجع : الميزان في تفسير القرآن : ج ۳ ص ۳۱۴) .


حكم النّبيّ الأعظم - المجلّد الثّانی
362

ملك سليمان إلى مبعث عيسى بن مريم ، ومن مبعث عيسى بن مريم إلى مبعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وعلى جميع أنبيائه ورسله .
وأرَّخ بنو إسماعيل من نار إبراهيم إلى بناء البيت ، حتّى بناه إبراهيم وإسماعيل . ثمّ أرَّخ بنو إسماعيل من بنيان البيت حتّى تفرّقت مَعَدُّ ، فكان كلّما خرج قوم من تهامة أرَّخوا مخرجهم ، ومن بقي من تهامة من بني إسماعيل يؤرِّخون خروج مَعَدٍّ ونَهْدٍ وجُهينَةَ ـ من بني زيد ـ من تهامة ، حتّى مات كعب بن لؤي إلى الفيل ، فكان التّاريخ من الفيل حتّى أرَّخ عمر بن الخطّاب من الهجرة، وذلك سنة سبع عشرة أو ثمان عشرة. ۱
والمسعودي يقول :
لم يزل مَن وَصَفنا من قبائل العرب يؤرِّخون بالاُمور المشهورة : من موت رؤسائهم ، ووقائع وحروب كانت بينهم ، إلى أن جاء اللّه بالإسلام فأجمع المسلمون على التّاريخ من الهجرة . ۲
وهكذا بتطوّر الثقافة والعلم ، انساقت مسيرة كتابة التّاريخ نحو التوحّد والتعميم ، فأضحى التّاريخ الميلاديّ عالميّا ، وغدا التّاريخ الهجريّ في العالم الإسلاميّ رسميّا ، ولا بأس ـ بهذه المناسبة ـ أن نشير باختصار ، إلى اُسس التقاويم : الميلاديّوالهجريّ القمريّ والهجريّ الشمسيّ .

مبدأُ التَّقويمِ الميلادي

إنّ أساس التقويم الذي يعتمده عالَمنا اليوم قائم على ولادة السيّد المسيح عليه السلام ، علما أنّ عيسى عليه السلام ـ كما نعلم ـ قد ولد في مدينة بيت لحم، في زمن امبراطوريّة «أوغست» ملك الرُّوم المعروف .

1.تاريخ دمشق : ج ۱ ص ۳۴ .

2.التنبيه والإشراف : ص ۱۷۸ .

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم - المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    لجنةٍ من المحققين
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    02/01/1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6062
صفحه از 686
پرینت  ارسال به