311
حكم النّبيّ الأعظم - المجلّد الثّانی

أنَا المُنذِرُ، وعَلِيٌّ الهادي، وكُلُّ إمامٍ هادٍ لِلقَرنِ الَّذي هُوَ فيهِ . ۱
وجاء في رواية اُخرى عن الإمام الباقر عليه السلام :
رَسولُ اللّهِ المُنذِرُ، وعَلِيٌّ الهادي، أمَا وَاللّهِ ما ذَهَبَ مِنّا و ما زالَت فينا إلَى السّاعَةِ . ۲
وقد ورد التأكيد على هذه الحقيقة في حديث الثقلين المتواتر والقطعي الصدور أيضا ، ۳ وبذلك استمرّت الإمامة والقيادة الإلهيّة لأهل بيت النبوّة حتّى مدّة تقرب من ثلاثة قرون . ولكن بعد وفاة الإمام الحسن العسكري عليه السلام اقتضت الحكمة الإلهية أن يختفي الإمام من بعده ـ والّذي هو الأب الروحي للاُمّة الإسلامية ـ عن الأنظار وأن يوكل أمر المجتمع الإسلامي اليتيم إلى رعاية الفقهاء والعلماء ، كما روي عن الإمام العسكريّ عليه السلام :
حدّثني أبي ، عن آبائه ، عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله : أشَدُّ مِن يُتمِ اليَتيمِ الَّذِي انقَطَعَ مِن اُمِّهِ وأبيهِ ، يُتمُ يَتيمٍ انقَطَعَ عَن إمامِهِ ولا يَقدِرُ عَلَى الوُصولِ إلَيهِ ولا يَدري كَيفَ حُكمُهُ فيما يُبتَلى بِهِ مِن شَرائِعِ دينِهِ ، ألا فَمَن كانَ مِن شيعَتِنا عالِماً بِعُلُومِنا ، وهذَا الجاهِلُ بِشَريعَتِهِ المُنقَطِعُ عَن مُشاهَدَتِنا يَتيمٌ في حِجرِهِ ، ألا فَمَن هَداهُ وأرشَدَهُ وعَلَّمَهُ شَريعَتَنا كانَ مَعَنا فِي الرَّفيقِ الأعلى . ۴
ومن حكم غيبة إمام العصر(عج) أن تجرّب البشرية أنواع أنظمة الحكم المدّعية للعدالة والحريّة وحقوق الإنسان ، وأن تدرك من خلال هذه التجربة أنّ قيادة الزعماء الإلهيين هي الوحيدة الّتي تستطيع إقامة العدالة في العالم ، وأن تدرك الاُمّة

1.راجع : موسوعة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام : ج۲ ( القسم الثالث : جهود النبي صلى الله عليه و آله لقيادة الإمام علي عليه السلام / الفصل الثامن : أحاديث الهداية ) .

2.راجع : كتاب الإمام المهدي من منظار حديث الثقلين .

3.الاحتجاج : ج ۱ ص ۷ .


حكم النّبيّ الأعظم - المجلّد الثّانی
310

لَبِنَةٍ ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطوفونَ بِالبِناءِ ويَعجَبونَ مِنهُ ويَقولونَ : لَو تَمَّ مَوضِعُ تِلكَ اللَّبِنَةِ ! وأنا فِي النَّبِيِّينَ بِموضِعِ تِلكَ اللَّبِنَةِ . ۱
واستنادا إلى هذا المثل ، فإنّ اللّه تعالى أراد من خلال بعثة الرّسل أن يشيّد بناءً معنويّا في العالم لتربية الإنسان الكامل ، لم يكن العالم يستطيع بدونه أن يربّي سوى الحيوان .
ورغم أنّ اللّه سبحانه كان مهندس هذا البناء ، إلّا أنّ بناءه استغرق قرونا عديدة ؛ ذلك لأنّه كان من المتعيّن أن تهيّأ أجزاؤه وأرضية بنائه على مدى القرون . وتتمثّل اللبنة المباركة الاُولى لهذا البناء المعنوي في سيّدنا آدم عليه السلام ، وآخرها في خاتم الأنبياء صلى الله عليه و آله ، فمع بعثة خاتم الأنبياء اكتملت المدرسة التربوية للمجتمع البشري من جميع الجوانب ، حيث تكفي برامج هذه المدرسة لتكامل جميع أبناء البشر من الناحيتين الماديّة والمعنويّة حتّى نهاية العالم ، وبذلك انتهت النبوّة .
ولكن إمامة الاُمّة وهدايتها استمرّتا بعد انتهاء النبوّة بواسطة خاتم الأنبياء صلى الله عليه و آله ، عبر أهل البيت عليهم السلام ، كما يصرّح بذلك القرآن الكريم :
« إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ» . ۲
وقد صرّحت أحاديث الفريقين أنّ المراد من «الهادي» هو الإمام عليّ عليه السلام ، ۳ كما ورد في تاريخ دمشق :
لمّا نزلت : «إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ . . .» قال النبيّ : أنَا المُنذِرُ وعَلِيٌّ الهادي . ۴
ثمّ استمرّت الإمامة بعد الإمام عليّ عليه السلام في أهل بيته ، كما روي عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :

1.سنن الترمذي : ج ۵ ص ۵۸۶ ح ۳۶۱۳ عن أبي بن كعب .

2.الرعد : ۷ .

3.راجع : موسوعة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام : ج۸ ( القسم التاسع / الفصل الأوّل : عليّ عن لسان القرآن / الهادي ) .

4.تاريخ دمشق : ج ۴۲ ص ۳۵۹ .

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم - المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    لجنةٍ من المحققين
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    02/01/1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6697
صفحه از 686
پرینت  ارسال به