301
حكم النّبيّ الأعظم - المجلّد الثّانی

ضُعَفاؤهُم . قالَ : أيَزيدونَ أم يَنقُصونَ ؟ قالَ : قُلتُ : لا ، بَل يَزيدونَ ، قالَ : هَل يَرتَدُّ أحَدٌ مِنهُم عَن دينهِ بَعدَ أن يَدخُلَ فيهِ سَخطَةً لَهُ ؟ قالَ : قُلتُ : لا . قالَ : فَهَل قاتَلتُموهُ ؟ قُلتُ : نَعَم . قالَ : فَكَيفَ كانَ قِتالُكُم إيَّاهُ ؟ قالَ : قُلتُ : تَكونُ الحَربُ بَينَنا وبَينَهُ سِجالاً ، يُصيبُ مِنَّا ونُصيبُ مِنهُ . قالَ : فَهَل يَغدِرُ ؟ قُلتُ : لا ، ونَحنُ مِنهُ في مُدَّةٍ لا نَدري ما هُوَ صانِعٌ فيها ... قالَ : فَهَل قالَ هذا القَولَ أحَدٌ قَبلَهُ ؟ قالَ : قُلتُ : لا ... .
قالَ : إن يَكُن ما تَقولُ فيهِ حَقَّا فَإنَّهُ نَبِيٌّ ، وقَد كُنتُ أعلَمُ أ نَّهُ خارِجٌ ، ولَم أكُن أظُنُّهُ مِنكُم ، ولَو أ نَّي أعلَمُ أنَّي أخلُصُ إلَيهِ لَأحبَبتُ لِقاءَهُ ، ولَو كُنتُ عِندَهُ لَغَسَلتُ عَن قَدَمَيهِ ، وليَبلُغَنَّ مُلكُهُ ما تَحتَ قَدَمَيَّ .
قالَ : ثُمَّ دَعا بِكِتابِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله فَقَرَأهُ ، فَإذا فيهِ : بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ، مِن مُحَمَّدٍ رَسولِ اللّهِ إلى هِرَقلَ عَظيمِ الرُّومِ ، سَلامٌ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الهُدى . أ مّا بَعدُ ، فَإنّي أدعوكَ بِدِعايَةِ الإسلامِ ، أسلِم تَسلَم ، وأسلِم يُؤتِكَ اللّهُ أجرَكَ مَرَّتَينِ ، وإن تَوَلَّيتَ فَإنَّ عَلَيكَ إثمَ الأريسيِّينَ ، «قُلْ يَـأَهْلَ الْكِتَـبِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلِمَةٍ سَوَآءِم بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَا نَعْبُدَ إِلَا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ ...» ۱ .
فَلَمَّا فَرَغَ مِن قِراءَةِ الكِتابِ ارتَفَعَتِ الأصواتُ عِندَهُ وكَثُرَ اللَّغطُ ، وأمَرَ بِنا فَأُخرِجنا . قالَ : فَقُلتُ لِأصحابي حينَ خَرَجنا : لَقَد أمِرَ ۲ أمرُ ابنِ أبي كَبشَةَ ! ۳

د ـ رِسالَتُهُ إلَى كِسرى مَلِكِ إيرانَ

۲۰۵۸.الطبقات الكبرى :بَعَثَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله عَبدَاللّهِ بنَ حُذافَةَ السَّهميِّ ـ وهوَ أحَدُ السِّتَّةِ ـ إلى كِسرى يَدعوهُ إلَى الإسلامِ ، وكَتَبَ مَعَهُ كِتابا .

1.آل عمران : ۶۴.

2.أمِرَ أمرُ ابن أبي كبشة : أي كَثُرَ وارتَفَعَ شأنُه ؛ يعني النبيّ صلى الله عليه و آله (النهاية : ج ۱ ص ۶۵ «أمر») .

3.صحيح مسلم : ج ۳ ص ۱۳۹۳ ح ۷۴ .


حكم النّبيّ الأعظم - المجلّد الثّانی
300

قَيصَرَ يَدعوهُ إلَى الإسلامِ ، وكَتَبَ مَعَهُ كِتابا وأمَرَهُ أن يَدفَعَهُ إلى عَظيمِ بُصرى لِيَدفَعَهُ إلى قَيصَرَ ، فَدَفَعَهُ عَظيمُ بُصرى إلَيهِ وهُو يَومَئِذٍ بِحِمصَ ، وقَيصَرُ يَومَئِذٍ ماشٍ في نَذرٍ كانَ عَلَيهِ : إن ظَهَرتِ الرُّومُ عَلى فارِسَ أن يَمشِيَ حافِيا مِن قُسطَنطينيَّةَ إلى إيلياءَ .
فَقَرَأ الكِتابَ وأذَّنَ لِعُظَماءِ الرُّومِ في دَسكَرَةٍ لَهُ بِحِمصَ ، فَقَالَ : يا مَعشَرَ الرُّومِ ، هَل لَكُم فِي الفَلاحِ وَالرُّشدِ ، وأن يَثبُتَ لَكُم مُلكُكُم وتَتَّبِعونَ ما قالَ عيسَى بنُ مَريَمَ ؟
قالَتِ الرُّومُ: وما ذاكَ أيُّهَا المَلِكُ ؟ قالَ : تَتَّبِعونَ هذا النَّبِيَّ العَرَبِيَّ .
قالَ : فَحاصُوا حَيصَةَ حُمُرِ الوَحشِ وتَناحَزوا ورَفَعوا الصَّليبَ . فَلَمّا رأى هِرَقلُ ذلِكَ مِنهُم يَئِسَ مِن إسلامِهِم وخافَهُم عَلى نَفسِهِ ومُلكِهِ ، فَسَكَّنَهُم ثُمَّ قالَ : إنَّما قُلتُ لَكُم ما قُلتُ أختَبِرُكُم لِأنظُرَ كَيفَ صَلابَتُكُم في دِينِكُم ، فَقَد رأيتُ مِنكُمُ الَّذي أُحِبُّ . فَسَجَدوا لَهُ . ۱

۲۰۵۷.صحيح مسلم عن أبي سفيان :بَينا أنا بِالشَّامِ إذ جيءَ بِكِتابٍ مِن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله إلى هِرَقلَ ... فَقالَ هِرَقلُ : هَل هاهُنا أحَدٌ مِن قَومِ هذا الرَّجُلِ الَّذي يَزعُمُ أ نَّهُ نَبِيٌّ ؟
قالوا : نَعَم .
قالَ : فَدُعيتُ في نَفَرٍ مِن قُرَيشٍ ، فَدَخَلنا عَلى هِرَقلَ فأجلَسَنا بَينَ يَدَيهِ ... وأجلَسوا أصحابي خَلفي ... .
ثُمَّ قالَ لِتَرجُمانِهِ : سَلهُ ، كَيفَ حَسَبُهُ فيكُم ؟ قالَ : قُلتُ : هُوَ فينا ذو حَسَبٍ . قالَ : فَهَل كانَ مِن آبائِهِ مَلِكٌ ؟ قُلتُ : لا . قالَ : فَهَل كُنتُم تَتَّهِمونَهُ بِالكَذِبِ قَبلَ أن يَقولَ ما قالَ ؟ قُلتُ : لا . قالَ : ومَن يَتَّبِعُهُ ؛ أشرافُ النَّاسِ أم ضُعَفاؤهُم ؟ قالَ : قُلتُ : بَل

1.الطبقات الكبرى : ج ۱ ص ۲۵۹ .

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم - المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    لجنةٍ من المحققين
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    02/01/1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6522
صفحه از 686
پرینت  ارسال به