قَيصَرَ يَدعوهُ إلَى الإسلامِ ، وكَتَبَ مَعَهُ كِتابا وأمَرَهُ أن يَدفَعَهُ إلى عَظيمِ بُصرى لِيَدفَعَهُ إلى قَيصَرَ ، فَدَفَعَهُ عَظيمُ بُصرى إلَيهِ وهُو يَومَئِذٍ بِحِمصَ ، وقَيصَرُ يَومَئِذٍ ماشٍ في نَذرٍ كانَ عَلَيهِ : إن ظَهَرتِ الرُّومُ عَلى فارِسَ أن يَمشِيَ حافِيا مِن قُسطَنطينيَّةَ إلى إيلياءَ .
فَقَرَأ الكِتابَ وأذَّنَ لِعُظَماءِ الرُّومِ في دَسكَرَةٍ لَهُ بِحِمصَ ، فَقَالَ : يا مَعشَرَ الرُّومِ ، هَل لَكُم فِي الفَلاحِ وَالرُّشدِ ، وأن يَثبُتَ لَكُم مُلكُكُم وتَتَّبِعونَ ما قالَ عيسَى بنُ مَريَمَ ؟
قالَتِ الرُّومُ: وما ذاكَ أيُّهَا المَلِكُ ؟ قالَ : تَتَّبِعونَ هذا النَّبِيَّ العَرَبِيَّ .
قالَ : فَحاصُوا حَيصَةَ حُمُرِ الوَحشِ وتَناحَزوا ورَفَعوا الصَّليبَ . فَلَمّا رأى هِرَقلُ ذلِكَ مِنهُم يَئِسَ مِن إسلامِهِم وخافَهُم عَلى نَفسِهِ ومُلكِهِ ، فَسَكَّنَهُم ثُمَّ قالَ : إنَّما قُلتُ لَكُم ما قُلتُ أختَبِرُكُم لِأنظُرَ كَيفَ صَلابَتُكُم في دِينِكُم ، فَقَد رأيتُ مِنكُمُ الَّذي أُحِبُّ . فَسَجَدوا لَهُ . ۱
۲۰۵۷.صحيح مسلم عن أبي سفيان :بَينا أنا بِالشَّامِ إذ جيءَ بِكِتابٍ مِن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله إلى هِرَقلَ ... فَقالَ هِرَقلُ : هَل هاهُنا أحَدٌ مِن قَومِ هذا الرَّجُلِ الَّذي يَزعُمُ أ نَّهُ نَبِيٌّ ؟
قالوا : نَعَم .
قالَ : فَدُعيتُ في نَفَرٍ مِن قُرَيشٍ ، فَدَخَلنا عَلى هِرَقلَ فأجلَسَنا بَينَ يَدَيهِ ... وأجلَسوا أصحابي خَلفي ... .
ثُمَّ قالَ لِتَرجُمانِهِ : سَلهُ ، كَيفَ حَسَبُهُ فيكُم ؟ قالَ : قُلتُ : هُوَ فينا ذو حَسَبٍ . قالَ : فَهَل كانَ مِن آبائِهِ مَلِكٌ ؟ قُلتُ : لا . قالَ : فَهَل كُنتُم تَتَّهِمونَهُ بِالكَذِبِ قَبلَ أن يَقولَ ما قالَ ؟ قُلتُ : لا . قالَ : ومَن يَتَّبِعُهُ ؛ أشرافُ النَّاسِ أم ضُعَفاؤهُم ؟ قالَ : قُلتُ : بَل