293
حكم النّبيّ الأعظم - المجلّد الثّانی

الرؤية قد تبلغ أحيانا درجة من القوّة بحيث يرى الإنسان برؤيته القلبية ، نور النبوّة في شخصية الرسول ، كما شاهد ذلك الإمام عليّ عليه السلام في رسول اللّه صلى الله عليه و آله .
وتُسمّى مثل هذه المعرفة بالمعرفة القلبية والكشف والشهود الباطنيّين .
على أنّ هذه الرؤية قد لا تسمو أحيانا إلى هذه المرتبة ، فالإنسان قد يلاحظ بالرؤية العقلية آثار النبوّة وعلاماتها في شخص الرسول الإلهي ، وتُسمّى مثل هذه المعرفة بالمعرفة العقلية .
وكلا هذين النوعين من المعرفة هما ـ من المنظار القرآني ـ معرفة علمية ، وينسبان إلى البصيرة العلمية .

المَعرفةُ القلبيةُ للنبوّةِ من وجهةِ نَظَرِ الغزالي

يرى الغزالي في كتاب المنقذ من الضلال أنّ أفضل طرق معرفة الأنبياء وأوثقها ، المعرفة القلبية والكشف والشهود الباطنيان . ۱ وهذه هي الحقيقة ؛ ذلك لأنّ الشخص الّذي يرى ببصيرته القلبية ويلاحظ نبوّة محمّد صلى الله عليه و آله بطريقة سماوية ، سوف يرتقي إلى أعلى درجات المعرفة والبصيرة ، بالإضافة إلى استغنائه عن أي نوع من الأدلّة لإثبات نبوّة محمّد صلى الله عليه و آله .

1.المنقذ من الضلال للغزالي : ص ۱۰۴ و ۱۰۶ .


حكم النّبيّ الأعظم - المجلّد الثّانی
292

۵ . عندما يقترن العلم ، بشكلٍ عام ، بالبصيرة العلمية ، فإنّه سيكون في الحقيقة علم التوحيد ومعرفة اللّه ، ولذلك ، يرى القرآن الكريم أنّ العلم يستتبع عموما الخوف والخشية من اللّه : « إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَـؤُاْ» .
وتُقدِّم لنا هذه الآية مفهومين :
أ ـ المراد من العلم ، البصيرة العلمية بنفس المعنى الّذي بيّناه ؛ لأنّ كلّ علم ـ حتّى علم التوحيد ـ إن لم يتضمّن روح العلم وجوهره ، فإنّه سوف لا يؤدي إلى الخشية .
ب ـ العلاقة بين العلم والإيمان هي علاقة وثيقة ، بمعنى أنّ الإنسان لا يمكنه أن يرى العالم كما هو دون أن يرى آثار قدرة اللّه وصنعه .
ومن هنا يضع القرآن الكريم اُولي العلم في صفّ الملائكة ؛ باعتبارهم شهداء على وحدانية خالق العالم ، حيث يقول :
۶ . إنّ العلم ـ بالمفهوم السابق ـ لا يقترن بالإيمان بتوحيد اللّه ـ سبحانه ـ وحسب ، بل إنّه يقترن أيضا بالإيمان بالنبوّة ، فكما أنّ من المحال أن يرى الإنسان العالم دون أن ينتهي عمله هذا بالإيمان باللّه ـ عزّوجلّ ـ ، فإنّ من غير الممكن أيضا أن يرى الإنسان العالم وصانعه دون أن يعرف مكانته في الوجود ويؤمن بالرسالة الإلهيّة الّتي تقود البشر إلى حكمة الخلق :
وقد أثبتنا في بحث النبوّة العامّة أنّ نفي النبوّة يعادل نفي التوحيد .
۷ . إنّ العلم ـ بالمفهوم السابق ـ لا يقترن بالإيمان بالتوحيد والنبوّة العامّة فقط ، بل يقترن أيضا بالنبوّة الخاصّة . بمعنى أنّ الإنسان عندما يحصل على البصيرة العلمية ويشاهد اللّه على ضوء نور المعرفة وعن طريق ملاحظة آثار الوجود ، فإنّه يستطيع بسهولة أن يعرف رسل اللّه الحقيقيّين على أساس تلك البصيرة نفسها وعلى ضوء تلك المعرفة ذاتها ومن خلال ملاحظة آثار النبوّة ، غاية ما في الأمر أنّ هذه

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم - المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    لجنةٍ من المحققين
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    02/01/1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6015
صفحه از 686
پرینت  ارسال به