أَيُّها النّاسُ ! إنَّ اللّهَ قَد أعاذَكُم مِن أَن يَجورَ عَلَيكُم ، وَلَم يُعِذكُم مِن أَن يَبتَلِيَكُم . ۱
وممّا يجدر ذكره أنّ الاختبار الإلهي ليس الهدف منه الكشف عن الحقيقة المجهولة له أو للآخرين، بل لكي ينمّي مواهب الإنسان الدفينة بإرادته واختياره ، بحيث ينكشف ما في داخله تلقائيّا، كما روي عن الإمام عليّ عليه السلام :
أَلا إنَّ اللّهَ قَد كَشَفَ الخَلقَ كَشفَةً ، لا أَنَّهُ جَهِلَ ما أَخفَوهُ مِن مَصونِ أسرارِهِم ومَكنونِ ضَمائِرِهِم ، وَلكِن لِيَبلُوَهُم أَيُّهُم أَحسَنُ عَمَلاً ، فَيَكونَ الثَّوابُ جَزاءً وَالعِقابُ بَواءً . ۲
فروح الإنسان تنصقل وتقوى من خلال المصائب ؛ كجسمه، ولهذا روي عن الإمام عليّ عليه السلام ردّا على ما يظنّه بعض الناس من أنّ الحياة في ظلّ الظروف الصعبة والتغذية البسيطة تؤدّي إلى ضعف الجسم وعجزه، قوله:
أَلا وَإِنَّ الشَّجَرَةَ البَرِّيَّةَ أَصلَبُ عودا ، وَالرَّواتِعَ الخَضِرَةَ أَرَقُّ جُلودا ، وَالنّابِتاتِ العِذيَةَ أَقوى وَقودا وَأَبطَأ خُمودا . ۳
إنّ الهدف من المصائب والمشاكل الّتي يواجهها أهل الإيمان في ظلّ النظام الحكيم الّذي يسود العالم هو تربية المواهب الباطنة وتكاملها، وفي الحقيقة فإنّ اللّه ـ تعالى ـ يغذّي أرواح أوليائه في هذا العالم بالبلاء، كما نرى ذلك في العبارة الجميلة التالية المرويّة عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :
إنَّ اللّهَ لَيُغَذّي عَبدَهُ المُؤمِنَ بِالبَلاءِ ، كَما تُغَذِّي الوالِدَةُ وَلَدَها بِاللَّبَنِ . ۴
كما أنّ كلّ من كان أقرب إلى الحضرة الإلهيّة سقي أكثر من كؤوس البلاء، كما جاء في الحديث النبويّ :
1.نهج البلاغة : الخطبة ۱۰۳ .
2.نهج البلاغة : الخطبة ۱۴۴ .
3.نهج البلاغة : الكتاب ۴۵ .
4.راجع : موسوعة العقائد الإسلاميّة : ج ۶ ح ۶۴۸۸ .