والصفات الحسنة ، ترويض النفس وتعويدها على آثار تلك الصفة ، مثال ذلك : التحلّم لتحصيل صفة الحلم ، فالحادّ المزاج العصبيّ ـ مثلاً ـ إذا أكثر الترويض وأكره نفسه على التصرّف كالحليم ، فسوف يصبح الحلم والتحمّل عادة له بالتدريج حتّى يصير حليما ، وكما يقول أمير المؤمنين عليه السلام :
إن لَم تَكُن حَليما فَتَحَلَّم ، فَإِنَّهُ قَلَّ مَن تَشَبَّهَ بِقَومٍ إلّا أوشَكَ أن يَكونَ مِنهُم . ۱
ولأجل تحصيل فضيلة الزهد يمكن الاستفادة من هذه الطريقة أيضا ؛ يعني كما أنّ التحلّم يؤدّي إلى الحلم بالتدريج فكذلك التزهّد ينتهي إلى الزهد ، وقد نقل في رواية عن أمير المؤمنين عليه السلام :
التَّزَهُّدُ يُؤَدّي إلَى الزُّهدِ . ۲
بناءً على ذلك فإنّ بساطة العيش وتجنّب مظاهر الترف والإسراف في الحياة وإن لم تكن بمعنى الزهد وعدم الرغبة في الدنيا لكنّها من الطرق المهمّة لتحصيل الزهد ، لذلك فإنّ إشاعة ثقافة بساطة العيش في المجتمع تنتهي إلى تقوية ثقافة الزهد . على أنّ مطالعة السيرة العمليّة لأئمّة الدين مفيدة جدّا في هذا الخصوص ، وسيأتي في الفصل السادس ۳ المزيد ممّا يخصّ هذا الموضوع.
۵ . الاستمداد من اللّه تعالى
إلى جانب السعي لتحصيل العوامل الأربعة المتقدّمة ، فإنّ طلب العَون من اللّه تعالى للوصول إلى فضيلة الزهد واستمرارها له مكانته الخاصّة ؛ لذلك نجد أنّ أحد مضامين أدعية أئمّة الدين الذين كانوا قدوةً في الزهد ، هو طلب الزهد في الدنيا من اللّه سبحانه ، وفي هذا السياق يقول أمير المؤمنين عليه السلام في دعاءٍ له قُبيل وقعة الجمل :
1.نهج البلاغة ، الحكمة ۲۰۷ .
2.راجع : الدنيا والآخرة في الكتاب والسنة : ( القسم الثالث / الفصل الرابع : مبادئ الزهد : ح ۱۰۶۶ ) .
3.راجع : الدنيا والآخرة في الكتاب والسنة : ( القسم الثالث / الفصل السادس : أماثل الزهاد ) .