385
حكم النّبيّ الأعظم - المجلّد الخامس

توضيح حول الاعتداء في الدّعاء

من الأُمور التي لايحسُن للداعي فعلُها الاعتداء ، أي : تجاوز الحدّ في الدعاء . قال تعالى :
«ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ» . ۱
فهذه الآية توصي المؤمنين أن يدعوا ربّهم (علانيةً) وسرّا ويطلبوا منه حاجاتهم ، ولكن ليس لهم أن يتجاوزوا الحدّ في دعائهم وطلبهم من اللّه تعالى .
ويُثار هنا سؤال ، وهو : ماحدّ الدعاء الذي يُذَمُّ تجاوزُه ولا يُحبُّ اللّه ُ متجاوزَه؟
حدّ الدعاء هو الاكتفاء بالطلبات المنطقيّة المشروعة ، ورعاية الأدب في بيانها وعرضها على اللّه سبحانه . ومن هنا ، فطرح الطلبات غير المعقولة والمشروعة والخالية من الأدب في القول وفي كلّ عمل يُذمّ عليه الداعي يُعدّ تجاوزا عن حدّ الدعاء .
في ضوء ذلك ، من طلب من اللّه تعالى شيئا رافعا صوته بوقاحةٍ وصلافةٍ ، أو من دعا على أحد لا يستحقّ الدعاء عليه أو أكثر ممّا يستحقّ ، أو طلب من اللّه حاجة غير مشروعة كقطع الرحم ، أو طلب شيئا بعيدا عن المنطق كأن يدعو بهلاك نفسه أو بفناء السماوات والأرض ، فهؤلاء تجاوزوا حدود الدعاء حقّا .
لكنّنا ينبغي أن نلتفت إلى أنّ تجاوز حدّ الدعاء لا يعني نفي الهمّة العالية في الدعاء والطلبات الكبيرة المعقولة ، فالهمّة العالية غير مذمومة في الدعاء ، بل هي على العكس ، ممدوحة مطلوبة . ۲
على هذا الأساس فان ما ورد في الروايتين الأخرتين عن سعد وعبد اللّه بن مغفل في بيان كلام رسول اللّه صلى الله عليه و آله حول تفسير التعدي في الدعاء لا يمكن قبوله .

1. الأعراف : ۵۵ .

2. راجع : ص ۳۶۶ : ( علو الهمة وعظم المسألة ) .


حكم النّبيّ الأعظم - المجلّد الخامس
384
  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم - المجلّد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    لجنةٍ من المحققين
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    02/01/1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4746
صفحه از 622
پرینت  ارسال به