۳ / ۲
أبو ثُمامَةَ (عَمرُو بنُ عَبدِ اللّهِ الصّائِدِيُّ)
أبو ثمامة كنية لأحد الوجوه البارزة من أصحاب الإمام الحسين عليه السلام ، وقد ورد ذكره في المصادر المختلفة بأسماء وكنى متعدّدة هي : عمرو بن عبد اللّه الصائدي ۱ ، عمرو بن عبد اللّه الأنصاري ۲ ، زياد بن عمرو بن عريب بن حنظلة بن دارم بن عبد اللّه بن كعب الصائد ۳ ، أبو ثمامة الصائدي ۴ ، أبو ثمامة الصيداوي ۵ ، ۶ وأبو ثُمامة بن عمر الصائدي ۷ . وقد كتب الطبري في هذا الصدد :
كان من فرسان العرب ووجوه الشيعة . ۸
واستناداً إلى بعض الروايات، فإنّه كان من أصحاب الإمام علي عليه السلام الأبطال الشجعان ، وقد شارك في الحروب التي وقعت في عصره ، وكان بعد ذلك من أصحاب الإمام المجتبى عليه السلام .
كان أبو ثمامة يسكن الكوفة ، وهو أحد الأشخاص الذين أرسلوا الكتب بعد موت معاوية إلى الإمام الحسين عليه السلام يدعوه إلى الثورة. ۹ وعندما جاء مسلم بن عقيل بوصفه سفيراً للإمام ، كان من أصحابه الموثوقين ، ونشط في خصوص إعداد الأسلحة والإمكانيات الماليّة ، ۱۰ وعيّنه مسلم قائداً على ربع تميم همدان ، وقد حاصر جيشُه ابنَ زياد في القصر ۱۱ ، وعندما خذل أهل الكوفة مسلماً وتركوه وحيداً، خرج أبو ثمامة من الكوفة والتحق بالإمام الحسين عليه السلام ۱۲ ، وصار في صفوف عشّاقه والمتفانين دونه .
ونظرة خاطفة إلى حياة هذا الرجل العظيم المليئة بالفخر والاعتزاز ، تُظهر أنّه كان يتمتّع بفطنة وذكاء سياسيّين ، ومعلومات أمنيّة وسيعة ، فضلاً عن ثباته في الإيمان وصلابته في ولاية أهل البيت وبطولته وشجاعته، لذا عندما أراد كثير بن عبد اللّه ـ الذي اقترح على ابن سعد اغتيال الإمام عليه السلام والكيد به ـ أن يدخل على الإمام مسلّحاً بوصفه حاملاً رسالة ابن سعد، حال أبو ثمامة دون ذلك . ۱۳
ومن النقاط البارزة والساطعة لهذا الرجل العظيم ، والتي سجّلت في تاريخ عاشوراء ، هي التذكير بإقامة الصلاة عند الظهر في بحبوحة الحرب في يوم عاشوراء، حيث خاطب أبو ثمامة الإمام في تلك الغوغاء :
يا أبا عَبدِ اللّهِ ، نَفسي لَكَ الفِداءُ ! إنّي أرى هؤُلاءِ قَدِ اقتَرَبوا مِنكَ ، ولا وَاللّهِ ، لا تُقتَلُ حَتّى اُقتَلَ دونَكَ إن شاءَ اللّهُ ، واُحِبُّ أن ألقى رَبّي وقَد صَلَّيتُ هذِهِ الصَّلاةَ الَّتي دَنا وَقتُها .
وعندما سمع الإمام الحسين عليه السلام كلام أبي ثمامة رفع رأسه وقال :
ذَكَرتَ الصَّلاةَ ، جَعَلَكَ اللّهُ مِنَ المُصَلّينَ الذّاكِرينَ ! نَعَم ، هذا أوَّلُ وَقتِها . ثُمَّ قالَ : سَلوهُم أن يَكُفُّوا عَنّا حَتّى نُصَلِّيَ .
فتجاسر حصين بن نمير على الإمام وقال : إنّ صلاتكم غير مقبولة! فأجابه حبيب بن مظاهر ، وقاتله واستشهد، كما قُتل ابن عمّ أبي ثمامة الذي كان في عسكر ابن سعد في هذا الاشتباك على يده ۱۴ ، وأخيراً فقد أقيمت صلاة الظهر في ظهر عاشوراء وباقتراح أبي ثمامة جماعةً ، فكانت صلاةً تاريخيّةً للإمام الحسين عليه السلام في ساحة الحرب . ۱۵
وقد تجلّى مسرح صلاة الجماعة بإمامة الحسين عليه السلام ، ووجهه ملطّخ بالدماء في ساحة القتال ، أمام النبال التي كانت تتقاطر عليهم .
وبعد استشهاد عدد من أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام ، دخل أبوثمامة ساحة القتال وهجم على صفوف الأعداء ، وهو يرتجز بهذه الأبيات :
عَزاءٌ لِالِ المُصطَفى وبَناتِهِعَلى حَبسِ خَيرِ النّاسِ سِبطِ مُحَمَّدِ
عَزاءٌ لِزَهراءِ النَّبِيِّ وزَوجِهاخَزانَةِ عِلمِ اللّهِ مِن بَعدِ أحمَدِ
عَزاءٌ لِأَهلِ الشَّرقِ وَالغَربِ كُلِّهِمُوحُزنا عَلى حَبسِ الحُسَينِ المُسَدَّدِ
فَمَن مُبلِغٌ عَنِّي النَّبِيَّ وبِنتَهُبِأَنَّ ابنَكُم في مَجهَدٍ ۱۶ أيَّ مَجهَدِ ۱۷
وأخيراً التحق بموكب شهداء كربلاء في اشتباك مع قيس بن عبد اللّه ؛ وقد ورد اسمه في الزيارتين الرجبيّة ۱۸ والناحية المقدّسة :
السَّلامُ عَلى أبي ثُمامَةَ عُمَرَ بنِ عَبدِ اللّهِ الصّائِدِيِّ . ۱۹
1.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۴۳۹ . و فى بعض النقول «عمر» بدل «عمرو» وراجع : ج ۱۲ ص۲۶۶ زيارة الناحيه وهذه الموسوعة : ج۶ ص ۱۹۰ ح ۱۶۷۳ .
2.رجال الطوسي : ص ۱۰۳ وفيه «ويكنى أبا ثمامه» ، كما عَدّ شخصاً آخر يُدعى «عمرو بن ثمامة» من أصحاب الإمام الحسين عليه السلام .
3.نسب معد : ج ۲ ص ۵۲۲ ، جمهرة أنساب العرب : ص ۳۹۵ ، النسب : ص ۳۳۷ وفيه «زياد بن عمرو» فقط ، الإصابة : ج ۵ ص ۱۱۵ ، وفيه «أبو عامر» بدل «أبو ثمامة» ، أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۴۰۵ وفيه «زياد بن عمرو بن عريب الصائدي من همدان فكان يكنى أبا ثمامة» .
وعَدَّ في تنقيح المقال : ج ۲ ص ۵ «زياد بن عمرو بن عريب أبو ثمامة» من شهداء كربلاء ، وفي نفس الكتاب : ص ۳۳۳ ، أورد «عمرو بن عبد اللّه الأنصاري أبو ثمامة» بشكل مستقل ، وأورد في إبصار العين : ص ۱۳۴ «زياد بن عريب» بشكل مستقلّ وجعله متّحدا مع أبي عمرة النهشلي ، إلّا أنّنا اعتبرناه متّحدا مع شبيب بن عبد اللّه .
4.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۶۴ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۶۸ ؛ الإرشاد : ج ۲ ص ۴۶ و۸۵ وراجع: الزيارة الرجبية و هذه الموسوعة : ج۶ ص ۱۹۰ ح ۱۶۷۴ .
5.الصائد : بطن من همدان . والصيداء : بطن من أسد بن خزيمة (راجع : تاج العروس : ج ۵ ص ۷۱ و ۷۳) . ويبدو أن «الصائد» هو الصواب (راجع : ص ۱۹۰ ح ۱۶۷۴) .
6.الأخبار الطوال : ص ۲۳۸ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۲ ص ۱۷ ، روضة الواعظين : ص ۲۰۰ ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۸۴ .
7.مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۰۶.
8.راجع: ج ۴ ص ۱۸۰ ح ۱۱۳۴ .
9.تنقيح المقال : ج ۲ ص ۳۳۳ ، إبصار العين : ص ۱۱۹ .
لم ترد هذه الروايات في المصادر القديمة ، لكنها وردت في الأمالي للشجري : ج ۱ ص ۱۷۳ والحدائق الورديّة : ج ۲ ص ۱۲۲ : وكان من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام .
10.راجع : ج ۴ ص ۱۷۸ (القسم السابع / الفصل الرابع / بثّ العيون والأموال لمعرفة مكان مسلم).
11.راجع : ج ۴ ص ۲۰۸ (القسم السابع / الفصل الرابع / دعوة مسلم قواته والحركة نحو القصر).
12.تنقيح المقال : ج ۲ ص ۳۳۳ ، إبصار العين : ص ۱۱۹ .
13.راجع : ج ۵ ص ۳۹۴ (الفصل الأوّل / وصول عمر بن سعد إلى كربلاء).
14.راجع : ص ۱۵۶ (الفصل الثاني / صلاة الجماعة في ظهر عاشوراء بإمامة الحسين عليه السلام ).
15.الجَهْدُ : المشقّة (النهاية : ج ۱ ص ۳۲۰ «جهد») .
16.المناقب لابن شهر آشوب : ج ۴ ص ۱۰۴ .
17.وفيها «أبي ثمامة الصائدي» وفي رواية مصباح الزائر «أبو تمامة» وفي نسخة «أبو ثمامة» راجع : ج ۱۲ ص ۱۱۸ (القسم الثالث عشر / الفصل الثاني عشر / زيارته في أوّل رجب) .
18.راجع: ج ۱۲ ص۲۶۶ (القسم الثالث عشر / الفصل الثالث عشر / الزيارة الثانِيَة برواية الإقبال).