وكان من شرطه ممّن يقوم على رأسه ـ وأيم اللّه، لو لا مكانه معي لكنت أبلغت أصحابه ما أمرني به، فلمّا خرجت إليهم قلت: إنّ الأمير لمّا بلغه مكانكم ومقالتكم في صاحبكم أمرني بالدخول إليه، فأتيته فنظرت إليه، فأمرني أن ألقاكم، وأن اُعلمكم أنّه حيّ، وأنّ الذي بلغكم من قتله كان باطلاً.
فقال عمرو وأصحابه: فأمّا إذ لم يقتل فالحمد للّه، ثمّ انصرفوا.
قال أبو مخنف: حدّثني الحجّاج بن عليّ، عن محمّد بن بشر الهمداني، قال: لمّا ضرب عبيد اللّه هانئاً وحبسه خشي أن يثب الناس به، فخرج فصعد المنبر ومعه أشراف الناس وشرطه و حشمه، فحمد اللّه وأثنى عليه، ثمّ قال:
أمّا بعد؛ أيّها الناس، فاعتصموا بطاعة اللّه وطاعه أئمّتكم، ولا تختلفوا ولا تفرّقوا؛ فتهلكوا وتَذِلّوا، وتُقتلوا وتُجفوا وتحرموا، إنّ أخاكَ من صَدَقَكَ، وقد أعذر من أنذر.
قال: ثمّ ذهب لينزل، فما نزل عن المنبر حتّى دخلت النّظارة المسجد من قبل التمّارين يشتدّون ويقولون: قد جاء ابن عقيل! قد جاء ابن عقيل! فدخل عبيد اللّه القصر مسرعاً، وأغلق أبوابه.
قال أبو مخنف: حدّثني يوسف بن يزيد، عن عبداللّه بن خازم، قال: أنا واللّه رسول ابن عقيل إلى القصر لأنظر إلى ما صار أمر هانئ، قال: فلمّا ضرب وحبس ركبت فرسي وكنت أوّل أهل الدار دخل على مسلم بن عقيل بالخبر، وإذا نسوةٌ لمراد مجتمعات ينادين: يا عثرتاه! يا ثكلاه! فدخلت على مسلم بن عقيل بالخبر، فأمرني أن أنادي في أصحابه وقد ملأ منهم الدور حوله، وقد بايعه ثمانية عشر ألفاً، وفي الدور أربعة آلاف رجل، فقال لي:
ناد: «يا منصور أمت»، فناديت: «يا منصور أمت»، وتنادى أهل الكوفة، ۵ / ۳۶۹
فاجتمعوا إليه، فعقد مسلم لعبيد اللّه بن عمرو بن عزيز الكندي على ربع كندة