قال: فأمر بهانئ بن عروة حين قتل مسلم بن عقيل، فقال: اخرجوا إلى السوق ۵ / ۳۷۹
فاضربوا عنقه، قال: فاُخرج بهانئ حتّى انتهى إلى مكان من السوق كان يباع فيه الغنم وهو مكتوف، فجعل يقول: وا مذحجاه! ولا مذحج لي اليوم؟! وا مذحجاه، وأين منّي مذحج؟! فلمّا رأى أنّ أحداً لا ينصره جذب يده فنزعها من الكتاف، ثمّ قال: أما من عصا أو سكّين أو حجر أو عظم يجاحش۱ به رجل عن نفسه؟
قال: ووثبوا إليه فشدّوه وثاقاً، ثمّ قيل له: امدد عنقك، فقال: ما أنا بها مجدٍ سخيّ، وما أنا بمعينكم على نفسي.
قال: فضربه مولى لعبيد اللّه بن زياد ـ تركي يقال له: رشيد ـ بالسيف، فلم يصنع سيفه شيئاً، فقال هانئ: إلى اللّه المعاد! اللّهمّ إلى رحمتك ورضوانك! ثمّ ضربه اُخرى فقتله.
قال: فبصر به عبد الرحمن بن الحصين المرادي بخازر، وهو مع عبيد اللّه بن زياد، فقال الناس: هذا قاتل هانئ بن عروة، فقال ابن الحصين: قتلني اللّه إن لم أقتله أو أقتل دونه! فحمل عليه بالرمح فطعنه فقتله.
ثمّ إنّ عبيد اللّه بن زياد لمّا قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة دعا بعبد الأعلى الكلبي الذي كان أخذه كثير بن شهاب في بني فتيان، فاُتي به، فقال له: أخبرني بأمرك.
فقال: أصلحك اللّه! خرجتُ لأنظر ما يصنع الناس، فأخذني كثير بن شهاب، فقال له: فعليك و عليك، من الأيمان المغلّظة، إن كان أخرجك إلاّ ما زعمت؟ فأبى أن يحلف.