۲۱۶۰.الخرائج و الجرائح : إنَّ جابِرا رَوى أنَّ سَبَبَ تَزويجِ خَديجَةَ بِمُحَمَّدٍ صلى اللّه عليه و آله كانَ أنَّ أبا طالِبٍ قالَ : يا مُحَمَّدُ ، إنّي اُريدُ أن اُزَوِّجَكَ ولا مالَ لي اُساعِدُكَ بِهِ ، وإنَّ خَديجَةَ قَرابَتُنا ،تُخرِجُ كُلَّ سَنَةٍ قُرَيشا في مالِها مَعَ غِلمانِها يُتَّجَرُ لَها ، ويأخُذُ وِقرَ۱ بَعيرٍ مِمّا أتى بِهِ ، فَهَل لَكَ أن تَخرُجَ ؟ قالَ : نَعَم .
فَخَرَجَ أبو طالِبٍ إلَيها وقالَ لَها ذلِكَ ، فَفَرِحَت وقالَت لِغُلامِها مَيَسَرةَ : أنتَ وهذَا المالُ كُلُّهُ بِحُكمِ مُحَمَّدٍ صلى اللّه عليه و آله . فَلَمّا رَجَعَ مَيسَرَةُ مِن سَفَرِهِ حَدَّثَ أنَّهُ ما مَرَّ بِشَجَرَةٍ ولا مَدَرَةٍ۲ إلاّ قالَت : السَّلامُ عَلَيكَ يا رَسولَ اللّهِ . وقالَ : وجاءَ بُحَيرا الرّاهِبُ وخَدَمَنا لَمّا رَأَى الغَمامَةَ عَلى رَأسِهِ تَسيرُ حَيثُما سارَ ، تُظِلُّهُ بِالنَّهارِ .
ورَبِحا في تِلكَ السَّفرَةِ رِبحا كَثيرا ، فَلَمَّا انصَرَفا قالَ مَيسَرَةُ : لَو تَقَدَّمتَ يا مُحَمَّدُ إلى مَكَّةَ وبَشَّرتَ خَديجَةَ بِما قَد رَبِحنا لَكانَ أنفَعَ لَكَ . فَتَقَدَّمَ مُحَمَّدٌ صلى اللّه عليه و آله عَلى راحِلَتِهِ ، وكانَت خَديجَةُ في ذلِكَ اليَومِ جالِسَةً عَلى غُرفَةٍ مَعَ نِسوَةٍ فَوقَ سَطحٍ لَها ، فَظَهَرَ لَها مُحَمَّدٌ صلى اللّه عليه و آله راكِبا ، فَنَظَرَت خَديجَةُ إلى غَمامَةٍ عالِيَةٍ عَلى رَأسِهِ تَسيرُ بِسَيرِهِ ، ورَأَت مَلَكَينِ عَن يَمينِهِ وعَن شِمالِهِ ، وفي يَدِ كُلِّ واحِدٍ سَيفٌ مَسلولٌ ، يَجيئانِ فِي الهَواءِ مَعَهُ .
فَقالَت : إنَّ لِهذَا الرّاكِبِ لَشَأنا عَظيما ، لَيتَهُ جاءَ إلى داري . فَإِذا هُوَ مُحَمَّدٌ صلى اللّه عليه و آله قاصِدا لِدارِها ، فَنَزَلَت حافِيَةً إلى بابِ الدّارِ ، وكانَت إذا أرادَتِ التَّحَوُّلَ مِن مَكانٍ إلى مَكانٍ حَوَّلَتِ الجوارِي السَّريرَ الَّذي كانَت عَلَيهِ ، فَلَمّا دَنَت مِنهُ قالَت : يا مُحَمَّدُ ، اُخرُج وأَحضِر لي عَمَّكَ أبا طالِبٍ السّاعَةَ . وقدَ بَعَثَت إلى عَمِّها : أن زَوِّجني مِن مُحَمَّدٍ إذا دَخَلَ عَلَيكَ .
فَلَمّا حَضَرَ أبو طالِبٍ قالَت : اُخرُجا إلى عَمّي لِيُزَوِّجَني مِن مُحَمَّدٍ ، فَقَد قُلتُ لَهُ في ذلِكَ . فَدَخَلا عَلى عَمِّها ، وخَطَبَ أبو طالِبٍ الخُطبَةَ المَعروفَةَ ، وعَقَدَ النِّكاحَ ، فَلَمّا قامَ مُحَمَّدٌ صلى اللّه عليه و آله لِيَذهَبَ مَعَ أبي طالِبٍ ، قالَت خَديجَةُ : إلى بَيتِكَ ، فَبَيتي بَيتُكَ وأَنا جارِيَتُكَ .۳
1.الوقر: الحمل، وأكثر ما يستعمل في حمل البغل و الحمار (النهاية: ج ۵ ص ۲۱۳ «وقر»).
2.المدر : الطينُ المتماسك (النهاية : ج ۴ ص ۳۰۹ «مدر») .
3.الخرائج والجرائح : ج ۱ ص ۱۳۹ ح ۲۲۶ ، بحار الأنوار : ج ۱۶ ص ۳ ح ۸ .