۳ / ۱۰
الحَثُّ عَلى بَساطَةِ العَيشِ
الكتاب
« يَـأَيُّهَا النَّبِىُّ قُل لأِّزْوَ جِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَوةَ الدُّنْيَا وَ زِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَ أُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً * وَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الدَّارَ الاْخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَـتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا » .۱
الحديث
۲۳۰۴.المعجم الأوسط عن عمر :إنَّ رَسولَ اللّهِ صلى اللّه عليه و آله صَلَّى الصُّبحَ ، فَلَم يَجلِس كَما كانَ يَجلِسُ ، ولَم يَدخُل عَلى أزواجِهِ كَما كانَ يَصنَعُ ، وقَدِ اعتَزَلَ في مَشرَبَتِهِ۲، وقَد تَركتُ النّاسَ يَموجونَ ولا يَدرونَ ما شَأنُهُ ، فَأَتَيتُ وَالنّاسُ فِي المَسجدِ يَموجونَ ولا يَدرونَ ، فَقُلتُ : يا أيُّهَا النّاسُ ، كَما أنتُم . ثُمَّ أتَيتُ رَسولَ اللّهِ صلى اللّه عليه و آله وهُوَ في مَشرَبَتِهِ ، قَد جُعِلَت لَهُ عَجَلَةٌ۳ ، فَرَقِيَ عَلَيها ، فَقُلتُ لِغُلامٍ لَهُ أسوَدَ ـ وكانَ يَحجُبُهُ ـ : اِستَأذِن لِعُمَرَ بنِ الخَطّابِ ، فَاستَأذَنَ لي ، فَدَخَلتُ ورَسولُ اللّهِ صلى اللّه عليه و آله في مَشرَبَتِهِ فيها حَصيرٌ واُهُبٌ مُعَلَّقَةٌ ، وقَد أفضى بِجَنبِهِ إلَى الحَصيرِ ، فَأَثَّرَ الحَصيرُ في جَنبِهِ ، وتَحتَ رَأسِهِ وِسادَةٌ مِن أدَمٍ مَحشُوَّةً ليفا ، فَلَمّا رَأَيتُهُ بَكَيتُ .
فَقالَ : ما يُبكيكَ ؟ قُلتُ : يا رَسولَ اللّهِ ، فارِسُ وَالرّومُ يَضطَجِعُ أحَدُهُم فِي الدّيباجِ وَالحَريرِ ! فَقالَ : إنَّهُم عُجِّلَت لَهُم طَيِّباتُهُم فِي الدُّنيا ، وَالآخِرَةُ لَنا .
ثُمَّ قُلتُ : يا رَسولَ اللّهِ ، ما شَأنُكَ ؟ فَإِنّي قَد تَرَكتُ النّاسَ يَموجُ بَعضُهُم في بَعضٍ ، فَعَن خَبرٍ أتاكَ اعتَزَلتَهُنَّ ؟
فَقالَ : لا ، ولكِن بَيني وبَينَ أزواجي شَيءٌ ، فَأَقسَمتُ ألاّ أدخُلَ عَلَيهِنَّ شَهرا .
ثُمَّ خَرَجتُ عَلَى النّاسِ ، فَقُلتُ : يا أيُّهَا النّاسُ ، اِرجِعوا ، فَإِنَّ رَسولَ اللّهِ صلى اللّه عليه و آله كانَ بَينَهُ وبَينَ أزواجِهِ شَيءٌ فَأَحَبَّ أن يَعتَزِلَ .
ثُمَّ دَخَلتُ عَلى حَفصَةَ فَقُلتُ : يا بُنَيَّةُ ، أتُكَلِّمي رَسولَ اللّهِ صلى اللّه عليه و آله وتَغَيَّظينَ وتَغارينَ عَلَيهِ ؟ فَقالَت : لا اُكَلِّمُهُ بَعدُ بِشَيءٍ يَكرَهُهُ . ثُمَّ دَخَلتُ عَلى اُمِّ سَلَمَةَ ـ وكانَت خالَتي ـ فَقُلتُ لَها كَما قُلتُ لِحَفصَةَ ، فَقالَت : عَجَبا لَكَ يا عُمَرَ بنَ الخَطّابِ! كُلَّ شَيءٍ تَكَلَّمتَ فيهِ حَتّى تُريدَ أن تَدخُلَ بَينَ رَسولِ اللّهِ صلى اللّه عليه و آله وبَينَ أزواجِهِ ! وما يَمنَعُنا أن نَغارَ عَلى رَسولِ اللّهِ صلى اللّه عليه و آله وأَزواجُكُم يَغِرنَ عَلَيكُم ؟
فَأَنزَلَ اللّهُ عزّ و جلّ : « يَـأَيُّهَا النَّبِىُّ قُل لأِّزْوَ جِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَوةَ الدُّنْيَا وَ زِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَ أُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً »۴حَتّى فَرَغَ مِنَ الآيَةِ .۵
1.الأحزاب : ۲۸ و ۲۹ .
2.المَشرَبة ـ بالضَمّ والفتح ـ :الغُرفة (النهاية : ج ۲ ص ۴۵۵ «شرب») .
3.العَجَلَة : هو أن يُنقَر جذع النخل ويُجعل فيه مثل الدرج ليُصعد فيه إلى الغُرف وغيرها (اُنظر : النهاية : ج ۳ ص ۱۸۶ «عجل») .
4.الأحزاب : ۲۸ .
5.المعجم الأوسط : ج ۸ ص ۳۲۵ ح ۸۷۶۴ ، سبل الهدى والرشاد : ج ۹ ص ۶۱ ، كنز العمّال : ج ۲ ص ۵۳۷ ح ۴۶۷۰ .