87
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل

( ۲ )

أجوبة الإمام عليه السلام على وصف السفر إلى الكوفة بأنه محفوف بالمخاطر

تُظهر دراسة الروايات التي جاءت في هذا المجال في المصادر التاريخية ، أنّ هناك أشخاصاً مختلفين كانوا يريدون - وبدوافع مختلفة - أن يثنوا الإمام عليه السلام عن السفر إلى العراق ، وكان البعض مكلّفين بشكلٍ مباشر من يزيد بمنع الإمام ، وكان البعض منفّذين لأمره بشكل غير مباشر ، وكان البعض ينفّذ إرادة حكومة يزيد في نفس الوقت الذي كانوا يعبّرون فيه عن حبّهم للإمام ، وكان البعض يتوجّس خيفة من هذا السفر بسبب بعض التنبّؤات التي وردت عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله والتي كانوا قد سمعوها منه ، وكان البعض الآخر يهدفون إلى أن يكون الإمام مثلهم مؤثِراً للعافية والسلامة ، وأخيراً فقد كان هناك بعضٌ ممّن لم يكن يدفعهم دافع سوى حبّهم له عليه السلام .
ومن أجل تحليل أجوبة الإمام عليه السلام للذين كانوا يسعون لثنيه عن هذا السفر من خلال تصوير مخاطره ، يجب أن نأخذ بنظر الاعتبار - كما أسلفنا - أنّ هدف الإمام من السفر إلى الكوفة كان بالدرجة الاُولى تأسيس الحكومة الإسلامية ، وبالدرجة الثانية تضعيف أركان الحكومةالاُموية، والدفاع عن أساس‏الإسلام، وإن‏استلزم ذلك شهادته هو وأهل بيته وأصحابه ، وعلى هذا فإنّ تحقيق هذا الهدف لا يتنافى مع الأخطار المحتملة ، بل الأكيدة لهذا السفر .
كان الإمام عليه السلام يعلم بمصير هذا السفر من جهة ، ويعي تماماً مخاطره ، ولم يكن يستطيع من جهة اُخرى - ومن أجل إتمام الحجَّة - أن يبوح بكلّ ما كان يعلمه لجميع الناس ، ولذلك فقد كانت أجوبة الإمام للذين وصفوا السفر إلى الكوفة بأنّه خطير ، مختلفةً . ويمكن تقسيم هذه الأجوبة إلى ثلاث طوائف :


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
86

يمنع الإمام من الذهاب إلى الكوفة ، كما سعى عمرو بن سعيد - والي مكّة - لأن يحول دون ذهاب الإمام ، وأرسل مجموعة تمنع الإمام عليه السلام من مغادرة مكّة ، إلّا أنّ الإمام عليه السلام اتّجه إلى العراق بعد قتال يسير . ۱
وعلى هذا ، فقد كانت الكوفة من حيث الموقع الثقافي والسياسي والاجتماعي والعسكري والجغرافي أفضل منطقة لبدء الثورة ضدّ حكومة يزيد ، ولذلك يقول السيّد المرتضى رحمة اللَّه عليه في تحليل وقعة كربلاء :
إنّ أسباب الظفر بالأعداء كانت [ظاهرة] لائحة متوجّهة ، وإنّ الاتّفاق عكس الأمر وقلبه حتّى تمّ فيه ما تمّ‏ . ۲
ورغم أنّنا لا نؤيّد هذا الرأي ، إلّا أنّنا نعتبر الكوفة أفضل خيارٍ لتحقيق أهداف النهضة الحسينية للأسباب السابقة ، وسوف نسلّط الضوء أكثر على هذا الموضوع .

1.راجع : ص ۶۱۶ (الفصل السابع / خيبة شرطة عمرو بن سعيد في منعهم الإمام عليه السلام عن الخروج) .

2.تنزيه الأنبياء : ص ۱۷۶ ، بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۹۸ .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 11064
صفحه از 850
پرینت  ارسال به