فَصاحَ النِّساءُ ، وخَرَجنَ مِنَ الفُسطاطِ .
قالَ : وصاحَ بِهِ الحُسَينُ عليه السلام : يَا بنَ ذِي الجَوشَنِ ! أنتَ تَدعو بِالنّارِ لِتُحَرِّقَ بَيتي عَلى أهلي ؟ حَرَّقَكَ اللَّهُ بِالنّارِ !
قالَ أبو مِخنَفٍ : حَدَّثَني سُلَيمانُ بنُ أبي راشِدٍ عَن حُمَيدِ بنِ مُسلِمٍ ، قالَ : قُلتُ لِشِمرِ بنِ ذِي الجَوشَنِ : سُبحانَ اللَّهِ ! إنَّ هذا لا يَصلُحُ لَكَ ، أتُريدُ أن تَجمَعَ عَلى نَفسِكَ خَصلَتَينِ ، تُعَذِّبُ بِعَذابِ اللَّهِ ، وتَقتُلُ الوِلدانَ وَالنِّساءَ ! وَاللَّهِ ، إنَّ في قَتلِكَ الرِّجالَ لَما تُرضي بِهِ أميرَكَ .
قالَ : فَقالَ : مَن أنتَ ؟ قالَ : قُلتُ : لا اُخبِرُكَ مَن أنَا . قالَ : وخَشيتُ وَاللَّهِ ، أن لَو عَرَفَني أن يَضُرَّني عِندَ السُّلطانِ .
قالَ : فَجاءَهُ رَجُلٌ كانَ أطوَعَ لَهُ مِنّي ، شَبَثُ بنُ رِبعِيٍّ ، فَقالَ : ما رَأَيتُ مَقالاً أسوَأَ مِن قَولِكَ ، ولا مَوقِفاً أقبَحَ مِن مَوقِفِكَ ، أمُرعِباً لِلنِّساءِ صِرتَ؟ قالَ : فَأَشهَدُ أنَّهُ استَحيا ، فَذَهَبَ لِيَنصَرِفَ ، وحَمَلَ عَلَيهِ زُهَيرُ بنُ القَينِ في رِجالٍ مِن أصحابِهِ عَشَرَةٍ ، فَشَدَّ عَلى شِمرِ بنِ ذِي الجَوشَنِ وأصحابِهِ ، فَكَشَفَهُم عَنِ البُيوتِ حَتَّى ارتَفَعوا عَنها ، فَصَرَعوا أبا عَزَّةَ الضِّبابِيَّ فَقَتَلوهُ ، فَكانَ مِن أصحابِ شِمرٍ ، وتَعَطَّفَ النّاسُ عَلَيهِم فَكَثَروهُم ، فَلا يَزالُ الرَّجُلُ مِن أصحابِ الحُسَينِ عليه السلام قَد قُتِلَ ، فَإِذا قُتِلَ مِنهُمُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلانِ تَبَيَّن فيهِم ، واُولئِكَ كَثيرٌ لا يَتَبَيَّنُ فيهِم ما يُقتَلُ مِنهُم . ۱
۸۸۵.الإرشاد : تَراجَعَ القَومُ إلَى الحُسَينِ عليه السلام ، فَحَمَلَ شِمرُ بنُ ذِي الجَوشَنِ لَعَنَهُ اللَّهُ عَلى أهلِ المَيسَرَةِ ، فَثَبَتوا لَهُ فَطاعَنوهُ ، وحُمِلَ عَلَى الحُسَينِ عليه السلام وأصحابِهِ مِن كُلِّ جانِبٍ ، وقاتَلَهُم أصحابُ الحُسَينِ عليه السلام قِتالاً شَديداً ، فَأَخَذَت خَيلُهُم تَحمِلُ ، وإنَّما هِيَ اثنانِ وثَلاثونَ فارِساً ، فَلا تَحمِل عَلى جانِبٍ مِن خَيلِ الكوفَةِ إلّا كَشَفَتهُ .