799
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل

بُطونُكُم مِنَ الحَرامِ ، فَطَبَعَ اللَّهُ عَلى‏ قُلوبِكُم ، وَيلَكُم ألا تُنصِتونَ ؟ ألا تَسمَعونَ ؟
فَلاوَمَ أصحابُ عُمَرَ بنِ سَعدٍ ، وقالوا : أنصِتوا لَهُ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : تَبّاً لَكُم أيَّتُهَا الجَماعَةُ وتَرَحاً ! أفَحينَ استَصرَختُمونا وَلِهينَ مُتَحَيِّرينَ ، فَأَصرَخناكُم مُؤَدّينَ مُستَعِدّينَ ، سَلَلتُم عَلَينا سَيفاً في رِقابِنا ، وحَشَشتُم عَلَينا نارَ الفِتَنِ الَّتي جَناها عَدُوُّكُم وعَدُوُّنا ، فَأَصبَحتُم إلباً عَلى‏ أولِيائِكُم ، ويَداً عَلَيهِم لِأَعدائِكُم ، بِغَيرِ عَدلٍ أفشَوهُ فيكُم ، ولا أمَلٍ أصبَحَ لَكُم فيهِم ، إلَّا الحَرامَ مِنَ الدُّنيا أنالوكُم ، وخَسيسَ عَيشٍ طَمِعتُم فيهِ ، مِن غَيرِ حَدَثٍ كانَ مِنّا ، ولا رَأيٍ تَفَيَّلَ لَنا .
فَهَلّا - لَكُمُ الوَيلاتُ - إذ كَرِهتُمونا تَرَكتُمونا ، فَتَجَهَّزتُموها وَالسَّيفُ لَم يُشهَر ، وَالجَأشُ طامِنٌ ، وَالرَّأيُ لَم يَستَحصِف ، ولكِن أسرَعتُم عَلَينا كَطَيرَةِ الدَّبا ، وتَداعَيتُم إلَيها كَتَداعِي الفَراشِ ، فَقُبحاً لَكُم ، فَإِنَّما أنتُم مِن طواغيتِ الاُمَّةِ ، وشُذّاذِ الأَحزابِ ، ونَبَذَةِ الكِتابِ ، ونَفَثَةِ الشَّيطانِ ، وعَصَبَةِ الآثامِ ، ومُحَرِّفِي الكِتابِ ، ومُطفِئِي السُّنَنِ ، وقَتَلَةِ أولادِ الأَنبِياءِ ، ومُبيري عِترَةِ الأَوصِياءِ ، ومُلحِقِي العُهّارِ بِالنَّسَبِ ، ومُؤذِي المُؤمِنينَ ، وصُراخِ أئِمَّةِ المُستَهزِئينَ ، الَّذينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضينَ ، وأنتُمُ ابنَ حَربٍ وأشياعَهُ تَعتَمِدونَ ، وإيّانا تَخذُلونَ ؟!
أجَل وَاللَّهِ ، الخَذلُ فيكُم مَعروفٌ ، وشَجَت عَلَيهِ عُروقُكُم ، وتَوارَثَتهُ اُصولُكُم وفُروعُكُم ، ونَبَتَت عَلَيهِ قُلوبُكُم ، وغُشِيَت بِهِ صُدورُكُم ، فَكُنتُم أخبَثَ شَي‏ءٍ ، سِنخاً ۱ لِلنّاصِبِ ، واُكلَةً لِلغاصِبِ ؛ ألا لَعنَةُ اللَّهِ عَلَى النّاكِثينَ ، الَّذينَ يَنقُضونَ الأَيمانَ بَعدَ تَوكيدِها ، وقَد جَعَلتُمُ اللَّهَ عَلَيكُم كَفيلاً ؛ فَأَنتُم - وَاللَّهِ - هُم .
ألا إنَّ الدَّعِيَّ ابنَ الدَّعِيِّ قَد رَكَزَ بَينَ اثنَتَينِ ، بَينَ القَتلَةِ وَالذِّلَّةِ ، وهَيهاتَ مِنّا أخذُ الدَّنِيَّةِ ، أبَى اللَّهُ ذلِكَ ورَسولُهُ ، وجُدودٌ طابَت ، وحُجورٌ طَهُرَت ، واُنوفٌ حَمِيَّةٌ ، ونُفوسٌ

1.السِّنْخ - بالكسر - من كلّ شي‏ء: أصله، والجمع‏أسناخ مثل حمل أحمال(مجمع البحرين: ج‏۲ ص‏۴۳۵ «سنخ»).


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
798

عَلَى النّاكِثينَ الَّذينَ يَنقُضونَ الأَيمانَ بَعدَ تَوكيدِها ، وقَد جَعَلُوا اللَّهَ عَلَيهِم كَفيلاً .
ألا وإنَّ البَغِيَّ قَد رَكَنَ بَينَ اثنَتَينِ ، بَينَ المَسأَلَةِ وَالذِّلَّةِ ، وهَيهاتَ مِنَّا الدَّنِيَّةُ ، أبَى اللَّهُ ذلِكَ ورَسولُهُ وَالمُؤمِنونَ ، وحُجورٌ طابَت ، وبُطونٌ طَهُرَت ، واُنوفٌ حَمِيَّةٌ ، ونُفوسٌ أبِيَّةٌ ، أن تُؤثَرَ مَصارِعُ الكِرامِ عَلى‏ ظِئارِ ۱ اللِّئامِ ۲ ، ألا وإنّي زاحِفٌ بِهذِهِ الاُسرَةِ عَلى‏ قُلِّ العَدَدِ وكَثرَةِ العَدُوِّ وخَذلَةِ النّاصِرِ ، ثُمَّ تَمَثَّلَ :

فَإِن نَهزِم فَهَزّامونَ قِدماًوإن نُهزَم فَغَيرُ مُهَزَّمينا
وما إن طِبُّنا جُبنٌ ولكِن‏مَنايانا وطُعمَةُ آخَرينا
ألا ثُمَّ لا يَلبَثوا إلّا ريثَ ما يُركَبُ فَرَسٌ ، حَتّى‏ تُدارَ بِكُم دَورَ الرَّحى‏ ، ويُفلَقَ بِكُم فَلَقَ المِحوَرِ ، عَهداً عَهِدَهُ النَّبِيُّ إلى‏ أبي : (فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَ شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُواْ إِلَىَّ وَ لَا تُنظِرُونِ)۳ ، الآيَةَ ، وَالآيَةَ الاُخرى‏ . ۴

۸۶۰.مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي عن عبد اللَّه بن الحسن : خَرَجَ الحُسَينُ عليه السلام مِن أصحابِهِ حَتّى‏ أتَى النّاسَ ، فَاستَنصَتَهُم ، فَأَبَوا أن يُنصِتوا .
فَقالَ لَهُم : وَيلَكُم ! ما عَلَيكُم أن تُنصِتوا إلَيَّ ، فَتَسمَعوا قَولي ، وإنَّما أدعوكُم إلى‏ سَبيلِ الرَّشادِ ، فَمَن أطاعَني كانَ مِنَ المُرشَدينَ ، ومَن عَصاني كانَ مِنَ المُهلَكينَ ، وكُلُّكُم عاصٍ لِأَمري ، غَيرُ مُستَمِعٍ لِقَولي ، قَدِ انخَزَلَت عَطِيّاتُكُم مِنَ الحَرامِ ، ومُلِئَت

1.يَظْأَرُ : أي يَعطِفُهم على الصلح (القاموس المحيط : ج ۲ ص ۸۰ «ظِئر») .

2.كذا في المصدر ، وفيه تأخير وتقديم ، والصواب : «أن تؤثر ظئار اللئام على مصارع الكرام (راجع : ترجمة الإمام الحسين المطبوعة بتحقيق المحمودي : ص ۲۱۷ الهامش ۸) .

3.يونس : ۷۱ .

4.تاريخ دمشق : ج ۱۴ ص ۲۱۸ ، بغية الطلب في تاريخ حلب : ج ۶ ص ۲۵۸۷ نحوه وراجع : الفتوح : ج ۵ ص ۱۱۶ ومطالب السؤول : ص ۷۲ .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 9589
صفحه از 850
پرینت  ارسال به