۸۵۷.تذكرة الخواصّ : قالَ هِشامُ بنُ مُحَمَّدٍ : لَمّا رَآهُمُ الحُسَينُ عليه السلام مُصِرّينَ عَلى قَتلِهِ ، أخَذَ المُصحَفَ ونَشَرَهُ وجَعَلَهُ عَلى رَأسِهِ ، ونادى : بَيني وبَينَكُم كِتابُ اللَّهِ وجَدّي مُحَمَّدٌ رَسولُ اللَّهِ ، يا قَومِ ، بِمَ تَستَحِلّونَ دَمي ؟ ألَستُ ابنَ بِنتِ نَبِيِّكُم ؟ ألَم يَبلُغكُم قَولُ جَدّي فِيَّ وفي أخي : «هذانِ سَيِّدا شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ» ؟ إن لَم تُصَدِّقوني فَاسأَلوا جابِراً وزَيدَ بنَ أرقَمَ وأبا سَعيدٍ الخُدرِيَّ ، ألَيسَ جَعفَرٌ الطَّيّارُ عَمّي ؟
فَناداهُ شِمرٌ : السّاعَةَ تَرِدُ الهاوِيَةَ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : اللَّهُ أكبَرُ ! أخبَرَني جَدّي رَسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله فَقالَ : رَأَيتُ كَأَنَّ كَلباً وَلَغَ في دِماءِ أهلِ بَيتي ، وما أخالُكَ إلّا إيّاهُ .
فَقالَ شِمرٌ : أنَا أعبُدُ اللَّهَ عَلى حَرفٍ إن كُنتُ أدري ما تَقولُ. ۱
۸۵۸.الملهوف : رَكِبَ أصحابُ عُمَرَ بنِ سَعدٍ ، فَبَعَثَ الحُسَينُ عليه السلام بُرَيرَ بنَ حُصَينٍ ، فَوَعَظَهُم فَلَم يَسمَعوا ، وذَكَّرَهُم فَلَم يَنتَفِعوا .
فَرَكِبَ الحُسَينُ عليه السلام ناقَتَهُ - وقيلَ فَرَسَهُ - فَاستَنصَتَهُم فَأَنصَتوا ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأثنى عَلَيهِ ، وذَكَرَهُ بِما هُوَ أهلُهُ ، وصَلّى عَلى مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله وعَلَى المَلائِكَةِ وَالأَنبِياءِ وَالرُّسُلِ ، وأبلَغَ فِي المَقالِ ، ثُمَّ قالَ :
تَبّاً لَكُم أيَّتُهَا الجَماعَةُ وتَرَحاً ۲ ! حينَ استَصرَختُمونا والِهينَ ۳ ، فَأَصرَخناكُم موجِفينَ ۴ ، سَلَلتُم عَلَينا سَيفاً لَنا في أيمانِكُم ، وحَشَشتُم ۵ عَلَينا ناراً اقتَدَحناها عَلى عَدُوِّنا وعَدُوِّكُم ، فَأَصبَحتُم أولِياءَ لِأَعدائِكُم عَلى أولِيائِكُم بِغَيرِ عَدلٍ أفشَوهُ فيكُم ، ولا
1.تذكرة الخواصّ : ص ۲۵۲ .
2.التَرَحُ : ضدّ الفَرَح ، وهو الهلاك والانقطاع أيضاً (النهاية : ج ۱ ص ۱۸۶ «ترح») .
3.الوَلَهُ : ذهاب العقل والتحيّر من شدّة الوَجْد (الصحاح : ج ۶ ص ۲۲۵۶ «وله») .
4.موجفين : أي مسرعين ، يقال : وَجَفَ الفرسُ والبعير : أسرَعَ (تاج العروس : ج ۱۲ ص ۵۱۷ «وجف») .
5.حَشَّ النارَ : أوقدها (القاموس المحيط : ج ۲ ص ۲۶۸ «حشَّ») .