وقالَ الحُسَينُ عليه السلام : يا عُمَرُ ! لَيَكونَنَّ لِما تَرى يَومٌ يَسوؤُكَ ، اللَّهُمَّ إنَّ أهلَ العِراقِ غَرّوني وخَدَعوني ، وصَنَعوا بِأَخي ما صَنَعوا ، اللَّهُمَّ شَتِّت عَلَيهِم أمرَهُم ، وأحصِهِم عَدَداً . ۱
۸۵۶.مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : تَقَدَّمَ الحُسَينُ عليه السلام حَتّى وَقَفَ قُبالَةَ القَومِ ، وجَعَلَ يَنظُرُ إلى صُفوفِهِم كَأَنَّهَا السَّيلُ ، ونَظَرَ إلَى ابنِ سَعدٍ واقِفاً في صَناديدِ ۲ الكوفَةِ ، فَقالَ :
الحَمدُ للَّهِِ الَّذي خَلَقَ الدُّنيا فَجَعَلَها دارَ فَناءٍ وزَوالٍ ، مُتَصَرِّفَةً بِأَهلِها حالاً بَعدَ حالٍ ، فَالمَغرورُ مَن غَرَّتهُ ، وَالشَّقِيُّ مَن فَتَنَتهُ ، فَلا تَغُرَّنَّكُم هذِهِ الدُّنيا ؛ فَإِنَّها تَقطَعُ رَجاءَ مَن رَكَنَ إلَيها ، وتُخَيِّبُ طَمَعَ مَن طَمِعَ فيها ، وأراكُم قَدِ اجتَمَعتُم عَلى أمرٍ قَد أسخَطتُمُ اللَّهَ فيهِ عَلَيكُم ، فَأَعرَضَ بِوَجهِهِ الكَريمِ عَنكُم ، وأحَلَّ بِكُم نَقِمَتَهُ ، وجَنَّبَكُم رَحمَتَهُ ؛ فَنِعمَ الرَّبُّ رَبُّنا ، وبِئسَ العَبيدُ أنتُم ، أقرَرتُم بِالطّاعَةِ ، وآمَنتُم بِالرَّسولِ مُحَمَّدٍ ، ثُمَّ إنَّكُم زَحَفتُم إلى ذُرِّيَّتِهِ تُريدونَ قَتلَهُم! لَقَدِ استَحوَذَ ۳ عَلَيكُمُ الشَّيطانُ ، فَأَنساكُم ذِكرَ اللَّهِ العَظيمِ ، فَتَبّاً لَكُم ولِما ۴ تُريدونَ ؛ إنّا للَّهِِ وإنّا إلَيهِ راجِعونَ ، هؤُلاءِ قَومٌ كَفَروا بَعدَ إيمانِهِم ؛ فَبُعداً لِلقَومِ الظّالِمينَ .
فَقالَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ : وَيلَكُم كَلِّموهُ فَإِنَّهُ ابنُ أبيهِ ، وَاللَّهِ ، لَو وَقَفَ فيكُم هكَذا يَوماً جَديداً لَما قَطَعَ ولَما حَصَرَ ، فَكَلِّموهُ ، فَتَقَدَّمَ إلَيهِ شِمرُ بنُ ذِي الجَوشَنِ ، فَقالَ : يا حُسَينُ ، ما هذَا الَّذي تَقولُ ؟ أفهِمنا حَتّى نَفهَمَ ؟
فَقالَ عليه السلام : أقولُ لَكُم : اِتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُم ولا تَقتُلونِ ؛ فَإِنَّهُ لا يَحِلُّ لَكُم قَتلي ولَا انتِهاكُ حُرمَتي ، فَإِنِّي ابنُ بِنتِ نَبِيِّكُم ، وجَدَّتي خَديجَةُ زَوجَةُ نَبِيِّكُم ؛ ولَعَلَّهُ قَد بَلَغَكُم قَولُ
1.سير أعلام النبلاء : ج ۳ ص ۳۰۱ ، الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) : ج ۱ ص ۴۶۸ نحوه وليس فيه ذيله من «فقال عمر» .
2.صناديد القوم : أشرافهم وعظماؤهم ورؤساؤهم (النهاية : ج ۳ ص ۵۵ «صند») .
3.استحوذ عليهم الشيطان : أي استولى عليهم وحواهم إليه (النهاية : ج ۱ ص ۴۵۷ «حوذ») .
4.في المصدر : «وما» ، والأصحّ ما أثبتناه كما في بحارالأنوار : ج ۴۵ ص ۶ .