فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : لا تَرمِهِ ، فَإِنّي أكرَهُ أن أبدَأَهُم . ۱
۸۴۱.الملهوف : فَلَمّا كانَ الغَداةُ أمَرَ الحُسَينُ عليه السلام بِفُسطاطِهِ فَضُرِبَ ، وأمَرَ بِجَفنَةٍ فيها مِسكٌ كَثيرٌ ، وجُعِلَ فيها نورَةٌ ، ثُمَّ دَخَلَ لِيَطَّلِيَ .
فَرُوِيَ أنَّ بُرَيرَ بنَ حُصَينٍ الهَمدانِيَّ وعَبدَ الرَّحمنِ بنَ عَبدِ رَبِّهِ الأَنصارِيَّ وَقَفا عَلى بابِ الفُسطاطِ لِيَطَّلِيا بَعدَهُ ، فَجَعَلَ بُرَيرٌ يُضاحِكُ عَبدَ الرَّحمنِ ، فَقالَ لَهُ عَبدُ الرَّحمنِ : يا بُرَيرُ ، أتَضحَكُ ؟! ما هذِهِ ساعَةُ ضِحكٍ ولا باطِلٍ .
فَقالَ بُرَيرٌ : لَقَد عَلِمَ قَومي أنّي ما أحبَبتُ الباطِلَ كَهلاً ولا شابّاً ، وإنَّما أفعَلُ ذلِكَ استِبشاراً بِما نَصيرُ إلَيهِ ، فَوَاللَّهِ ، ما هُوَ إلّا أن نَلقى هؤُلاءِ القَومَ بِأَسيافِنا نُعالِجُهُم بِها ساعَةً ، ثُمَّ نُعانِقُ الحورَ العينَ . ۲
۸۴۲.رجال الكشّي : لَقَد مَزَحَ حَبيبُ بنُ مُظاهِرٍ الأَسَدِيُّ ، فَقالَ لَهُ يَزيدُ بنُ خُضَيرٍ الهَمدانِيُّ - وكانَ يُقالُ لَهُ سَيِّدُ القُرّاءِ - : يا أخي ، لَيسَ هذِهِ بِساعَةِ ضِحكٍ ! قالَ : فَأَيُّ مَوضِعٍ أحَقُّ مِن هذا بِالسُّرورِ ؟ وَاللَّهِ ، ما هُوَ إلّا أن تَميلَ عَلَينا هذِهَ الطَّغامُ بِسُيوفِهِم ، فَنُعانِقَ الحورَ العينَ . ۳
۸۴۳.مثير الأحزان : دَخَلَ [الحُسَينُ] عليه السلام لِيَطَّلِيَ ، ووَقَفَ عَلى بابِ الفُسطاطِ بُرَيرُ بنُ خُضَيرٍ الهَمدانِيُّ وعَبدُ الرَّحمنِ بنُ عَبدِ رَبِّهِ الأَنصارِيُّ ، فَجَعَلَ بُرَيرٌ يُضاحِكُ عَبدَ الرَّحمنِ ، فَقالَ : يا بُرَيرُ ، ما هذِهِ ساعَةُ باطِلٍ .
فَقالَ بُرَيرٌ : وَاللَّهِ ، ما أحبَبتُ الباطِلَ قَطُّ ، وإنَّما فَعَلتُ ذلِكَ استِبشاراً بِما نَصيرُ إلَيهِ ۴ . ۵
1.أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۳۹۵ .
2.الملهوف : ص ۱۵۴ ، بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۱ .
3.رجال الكشّي : ج ۱ ص ۲۹۳ ح ۱۳۳ ، بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۹۳ ح ۳۳ .
4.وفي كتاب الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه : قد استشكل بعض المؤرّخين ممّن عاصرناه في التنوير والطلي مع عدم وجود الماء في ليلة عاشوراء أو تاسوعاء ، وأنّه لا يمكن التنوير والطلي إلّا بالماء !
وأجاب بما حاصله : إمكان التدبير في أجزاء النورة بحيث يزيل الشعر ، ولا يحترق ، ولا يحتاج إلى الماء . وما ذكره وإن كان ممكناً ، بل واقعاً ، كما شاهدنا في علم الصنعة ، أنّ اختلاط جسم يابس كالملح مع جسم يابس آخر كالزّاج يولّد رطوبة، بل يكون كالخمير باصطلاحهم ، بل مزاج الروح والنوشادر والسليمانيّ يصيّر الأرض ذائباً مائعاً بلا ماء ولا نار، بل وشاهدنا أنّ امتزاج مقدار اليمسو والشعر وعرق الكبريت، يحترق بنفسه احتراقاً ، ويشتعل اشتعالاً كالنار الموقدة بدون ملاقاة الحرارة والنار، وأمثال ذلك كثير. ويمكن أن يكون المسك بعد مزجه بالنورة يجعل النورة مائعاً.
إلّا أنّ الذي يُسهل الخطْب ، أنّ في ليلة عاشوراء وإن لم يكن ماء للشرب إلّا أنّ الظاهر وجود ماء البئر لغير الشرب وسائر الحوائج كما مرّ بيانه ، بل ويمكن وجود الماء العذب بناءً على ما مرّ آنفاً من إرسال الحسين عليه السلام عليّاً ابنه وإتيانه بالماء (الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه : ج ۱ ص ۲۶۰) .
ونحن أيضاً نضيف نقطة اُخرى ؛ وهي أنّ النصوص التي تنقل هذه القضيّة قد نسبتها إلى الإمام عليه السلام واثنين أو ثلاثة آخرين من أصحابه ، لا جميعهم ، وعلى هذا فإنّهم لم يكونوا بحاجة إلى كثيرٍ من الماء .
5.مثير الأحزان : ص ۵۴ .