لَنَا النّاسُ إن نَحنُ خَذَلنا شَيخَنا وكَبيرَنا وسَيِّدَنا ، وَابنَ سَيِّدِ الأَعمامِ ، وَابنَ نَبِيِّنا سَيِّدِ الأَنبِياءِ ، لَم نَضرِب مَعَهُ بِسَيفٍ ، ولَم نُقاتِل مَعَهُ بِرُمحٍ ؟ لا وَاللَّهِ ، أو نَرِدَ مَورِدَكَ ، ونَجعَلَ أنفُسَنا دونَ نَفَسِكَ ، ودِماءَنا دونَ دَمِكَ ، فَإِذا نَحنُ فَعَلنا ذلِكَ فَقَد قَضَينا ما عَلَينا ، وخَرَجنا مِمّا لَزِمَنا .
وقامَ إلَيهِ رَجُلٌ يُقالُ لَهُ زُهَيرُ بنُ القَينِ البَجَلِيُّ ، فَقالَ : يَا بنَ رَسولِ اللَّهِ ، وَدِدتُ أنّي قُتِلتُ ، ثُمَّ نُشِرتُ ۱ ، ثُمَّ قُتِلتُ ، ثمَّ نُشِرتُ ، ثُمَّ قُتِلتُ ، ثُمّ نُشِرتُ فيكَ وفِي الَّذينَ مَعَكَ مِئَةَ قَتلَةٍ ، وإنَّ اللَّهَ دَفَعَ بي عَنكُم أهلَ البَيتِ .
فَقالَ لَهُ و لِأَصحابِهِ : جُزِيتُم خَيراً . ۲
۸۱۲.مثير الأحزان : جَمَعَ الحُسَينُ عليه السلام أصحابَهُ ، وحَمِدَ اللَّهَ وأثنى عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ :
أمّا بَعدُ ، فَإِنّي لا أعلَمُ لي أصحاباً أوفى ولا خَيراً مِن أصحابي ، ولا أهلَ بَيتٍ أبَرَّ ولا أوصَلَ مِن أهلِ بَيتي ، فَجَزاكُمُ اللَّهُ عَنّي جَميعاً خَيراً ، ألا وإنّي قَد أذِنتُ لَكُم ، فَانطَلِقوا أنتُم في حِلٍّ ، لَيسَ عَلَيكُم مِنّي ذِمامٌ ۳ ، هذَا اللَّيلُ قَد غَشِيَكُم ، فَاتَّخِذوهُ جَمَلاً .
فَقالَ لَهُ إخوَتُهُ وأبناؤُهُ وأبناءُ عَبدِ اللَّهِ بنِ جَعفَرٍ : ولِمَ نَفعَلُ ذلِكَ ، لِنَبقى بَعدَكَ ؟! لا أرانَا اللَّهُ ذلِكَ ، وبَدَأَهُمُ العَبّاسُ أخوهُ عليه السلام ، ثُمَّ تابَعوهُ .
وقالَ لِبَني مُسلِمِ بنِ عَقيلٍ : حَسبُكُم مِنَ القَتلِ بِصاحِبِكُم مُسلِمٍ ، اِذهَبوا فَقَد أذِنتُ لَكُم ، فَقالوا : لا وَاللَّهِ ، لا نُفارِقُكَ أبَداً حَتّى نَقِيَكَ بِأَسيافِنا ، ونُقتَلَ بَينَ يَدَيكَ ... ثُمَّ قالَ مُسلِمُ بنُ عَوسَجَةَ : نَحنُ نُخَلّيكَ وقَد أحاطَ بِكَ العَدُوُّ ؟! لا أرانَا اللَّهُ ذلِكَ أبَداً حَتّى أكسِرَ في صُدورِهِم رُمحي ، واُضارِبَهُم بِسَيفي ، ولَو لَم يَكُن لي سِلاحٌ لَقَذَفتُهُم بِالحِجارَةِ ، ولَم اُفارِقكَ .
1.نُشِرتُ : أي اُحْيِيتُ ، يُقال : أنْشَرَهُم اللَّه : أي أحياهم (الصحاح : ج ۲ ص ۸۲۸ «نشر») .
2.الأمالي للصدوق : ص ۲۲۰ ح ۲۳۹ ، بحارالأنوار : ج ۴۴ ص ۳۱۵ ح ۱ وراجع : تاريخ اليعقوبي : ج ۲ ص ۲۴۴ .
3.الذِمَامُ : الحقّ والحُرمة (لسان العرب : ج ۱۲ ص ۲۲۱ «ذمم») .