مِنهُ حَتّى تَشرَبوا مِنَ الحَميمِ !
فَقالَ عَبّاسُ بنُ عَلِيٍّ عليه السلام : يا أبا عَبدِ اللَّهِ ، نَحنُ عَلَى الحَقِّ ، فَنُقاتِلُ ؟ قالَ : نَعَم . فَرَكِبَ فَرَسَهُ ، وحَمَلَ بَعضَ أصحابِهِ عَلَى الخُيولِ ، ثُمَّ حَمَلَ عَلَيهِم ، فَكَشَفَهُم عَنِ الماءِ ، حَتّى شَرِبوا وسَقوا . ۱
۷۹۰.مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي - في قَضِيَّةِ مَنعِ الإِمامِ مِنَ الماءِ - : ودَعا [ابنُ سَعدٍ ]بِرَجُلٍ يُقالُ لَهُ : عَمرُو بنُ الحَجّاجِ الزُّبَيدِيُّ ، فَضَمَّ إلَيهِ خَيلاً كَثيرَةً ، وأمَرَهُ أن يَنزِلَ عَلَى الشَّريعَةِ الَّتي هِيَ حِذاءَ مُعَسكَرِ الحُسَينِ عليه السلام ، فَنَزَلَتِ الخَيلُ عَلَى شَريعَةِ الماءِ .
فَلَمَّا اشتَدَّ العَطَشُ بِالحُسَينِ عليه السلام وأصحابِهِ دَعا أخاهُ العَبّاسَ عليه السلام ، وضَمَّ إلَيهِ ثَلاثينَ فارِساً وعِشرينَ راجِلاً ، وبَعَثَ مَعَهُم عِشرينَ قِربَةً في جَوفِ اللَّيلِ حَتّى دَنَوا مِنَ الفُراتِ ، فَقالَ عَمرُو بنُ الحَجّاجِ : مَن هذا ؟ فَقالَ لَهُ هِلالُ بنُ نافِعٍ الجَمَلِيُّ : أنَا ابنُ عَمٍّ لَكَ مِن أصحابِ الحُسَينِ عليه السلام ، جِئتُ حَتّى أشرَبَ مِن هذَا الماءِ الَّذي مَنَعتُمونا عَنهُ ، فَقالَ لَهُ عَمرٌو : اِشرَب هَنيئاً مَريئاً .
فَقالَ نافِعٌ : وَيحَكَ كَيفَ تَأمُرُني أن أشرَبَ مِنَ الماءِ وَالحُسَينُ عليه السلام ومَن مَعَهُ يَموتونَ عَطَشا ؟! فَقالَ : صَدَقتَ قَد عَرَفتُ هذا ، ولكِن اُمِرنا بِأَمرٍ ولا بُدَّ لَنا أن نَنتَهِيَ إلى ما اُمِرنا بِهِ .
فَصاحَ هِلالٌ بِأَصحابِهِ ودَخَلُوا الفُراتَ ، وصاحَ عَمرٌو بِأَصحابِهِ لِيَمنَعوا ، فَاقتَتَلَ القَومُ عَلَى الماءِ قِتالاً شَديداً ، فَكانَ قَومٌ يُقاتِلونَ وقَومٌ يَملَؤونَ القِرَبَ حَتّى مَلَؤوها ، وقُتِلَ مِن أصحابِ عَمرِو بنِ الحَجّاجِ جَماعَةٌ ، ولَم يُقتَل مِن أصحابِ الحُسَينِ عليه السلام أحَدٌ ، ثُمَّ رَجَعَ القَومُ إلى مُعَسكَرِهِم بِالماءِ ، فَشَرِبَ الحُسَينُ عليه السلام ومَن كانَ مَعَهُ ، ولُقِّبَ العَبّاسُ عليه السلام يَومَئِذٍ السَّقّاءَ . ۲