مِنكَ إلّا أن تَكشِفَ هذِهِ الغُمَّةَ ، وأنتَ الحَبيبُ القَريبُ ، وإلَّا اردُد عَلَينا عَهدَنا وَالزَم مَنزِلَكَ ، فَإِنّا لا نُكرِهُكَ .
قالَ : فَسَكَتَ عُمَرُ ، فَقالَ لَهُ ابنُ زِيادٍ : يَابنَ سَعدٍ ، وَاللَّهِ ، لَئِن لَم تَسِر إلَى الحُسَينِ وتَتَوَّلَ حَربَهُ وتَقدَم عَلَينا بِما يَسوؤُهُ ، لَأَضرِبَنَّ عُنُقَكَ ، ولَأَنهَبَنَّ أموالَكَ .
قالَ : فَإِنّي سائِرٌ إلَيهِ غَداً إن شاءَ اللَّهُ ، فَجَزاهُ ابنُ زِيادٍ خَيراً ، ووَصَلَهُ وأعطاهُ وحَيّاهُ ۱ ، ودَفَعَ إلَيهِ أربَعَةَ آلافِ فارِسٍ ، وقالَ لَهُ : سِر حَتّى تَنزِلَ بِالحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ ۲ .
۷۵۷.الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) : فَوَجَّهَ إلَيهِ [أي إلَى الحُسَينِ عليه السلام] عُبَيدُ اللَّهِ بنُ زِيادٍ عُمَرَ بنَ سَعدِ بنِ أبي وَقّاصٍ في أربَعَةِ آلافٍ ، وقَد كانَ استَعمَلَهُ قَبلَ ذلِكَ عَلَى الرَّيِّ وهَمذانَ ، وقَطَعَ ذلِكَ البَعثَ مَعَهُ ، فَلَمّا أمَرَهُ بِالمَسيرِ إلى حُسَينٍ عليه السلام تَأَبّى ذلِكَ وكَرِهَهُ وَاستَعفى مِنهُ .
فَقالَ لَهُ ابنُ زِيادٍ : اُعطِي اللَّهَ عَهداً لَئِن لَم تَسِر إلَيهِ وتُقدِم عَلَيهِ ، لَأَعزِلَنَّكَ عَن عَمَلِكَ ، وأهدِمُ دارَكَ ، وأضرِبُ عُنُقَكَ ! فَقالَ : إذَن أفعَلُ .
فَجاءَتهُ بَنو زُهرَةَ ، قالوا : نَنشُدُكَ اللَّهَ أن تَكونَ أنتَ الَّذي تَلي هذا مِن حُسَينٍ ، فَتَبقى عَداوَةٌ بَينَنا وبَينَ بني هاشِمٍ ، فَرَجَعَ إلى عُبَيدِ اللَّهِ فَاستَعفاهُ فَأَبى أن يُعفِيَهُ ، فَصَمَّمَ وسارَ إلَيهِ . ومَعَ حُسَينٍ عليه السلام يَومَئِذٍ خَمسونَ رَجُلاً ، وأتاهُم مِنَ الجَيشِ عِشرونَ رَجُلاً ، وكانَ مَعَهُ مِن أهلِ بَيتِهِ تِسعَةَ عَشَرَ رَجُلاً .
فَلَمّا رَأَى الحُسَينُ عليه السلام عُمَرَ بنَ سَعدٍ قَد قَصَدَ لَهُ في مَن مَعَهُ قالَ : يا هؤُلاءِ ، اسمَعوا يَرحَمُكُمُ اللَّهُ ! ما لَنا ولَكُم ؟ ! ما هذا بِكُم يا أهلَ الكوفَةِ ؟ ! قالوا : خِفنا طَرحَ العَطاءِ ، قالَ : ما عِندَ اللَّهِ مِنَ العَطاءِ خَيرٌ لَكُم . ۳
1.هكذا في المصدر ، ولا يبعد صحّتها ، ويحتمل أيضاً أن تكون «وحَباه» بالباء الموحّدة .
2.الفتوح : ج ۵ ص ۸۵ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۳۹ وراجع : مطالب السؤول : ص ۷۵ وكشف الغمّة : ج ۲ ص ۲۵۹ .
3.الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) : ج ۱ ص ۴۶۴ ، سير أعلام النبلاء : ج ۳ ص ۳۰۰ ، تاريخ الإسلام للذهبي : ج ۵ ص ۱۳ ، تاريخ دمشق : ج ۴۵ ص ۵۵ وليس فيه ذيله من «فجاءته بنو زهرة» وكلّها نحوه .