707
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل

ثُمَّ ناوَلَ الحُرَّ كِتاباً مِن عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ ، فَقَرَأَهُ ، فَإِذا فيهِ : أمّا بَعدُ ، فَجَعجِع بِالحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ وأصحابِهِ بِالمَكانِ الَّذي يُوافيكَ كِتابي ، ولا تُحِلَّهُ إلّا بِالعَراءِ عَلى‏ غَيرِ خَمَرٍ ۱ ولا ماءٍ ، وقَد أمَرتُ حامِلَ كِتابي هذا أن يُخبِرَني بِما كانَ مِنكَ في ذلِكَ ، وَالسَّلامُ .
فَقَرَأَ الحُرُّ الكِتابَ ، ثُمَّ ناوَلَهُ الحُسَينَ عليه السلام ، وقالَ : لا بُدَّ مِن إنفاذِ أمرِ الأَميرِ عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ ، فَانزِل بِهذَا المَكانِ ، ولا تَجعَل لِلأَميرِ عَلَيَّ عِلَّةً .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : تَقَدَّم بِنا قَليلاً إلى‏ هذِهِ القَريَةِ الَّتي هِيَ مِنّا عَلى‏ غَلوَةٍ ۲ ، وهِيَ الغاضِرِيَّةُ ، أو هذِهِ الاُخرَى الَّتي تُسَمَّى «السَّقَبَةَ» ، فَنَنزِل في إحداهُما .
قالَ الحُرُّ : إنَّ الأَميرَ كَتَبَ إلَيَّ أن اُحِلَّكَ عَلى‏ غَيرِ ماءٍ ، ولا بُدَّ مِنَ الاِنتِهاءِ إلى‏ أمرِهِ .
فَقالَ زُهَيرُ بنُ القَينِ لِلحُسَينِ عليه السلام : بِأَبي واُمّي يَابنَ رَسولِ اللَّهِ ! وَاللَّهِ لَو لَم يَأتِنا غَيرُ هؤُلاءِ لَكانَ لَنا فيهِم كِفايَةٌ ، فَكَيفَ بِمَن سَيَأتينا مِن غَيرِهِم ؟ فَهَلُمَّ بِنا نُناجِز هؤُلاءِ ؛ فَإِنَّ قِتالَ هؤُلاءِ أيسَرُ عَلَينا مِن قِتالِ مَن يَأتينا مِن غَيرِهم .
قالَ الحُسَينُ عليه السلام : فَإِنّي أكرَهُ أن أبدَأَهُم بِقِتالٍ حَتّى‏ يَبدَأوا .
فَقالَ لَهُ زُهَيرٌ : فَهاهُنا قَريَةٌ بِالقُربِ مِنّا عَلى‏ شَطِّ الفُراتِ ، وهِيَ في عاقُولٍ ۳ حَصينَةٍ ، الفُراتُ يُحدِقُ بِها إلّا مِن وَجهٍ واحِدٍ .
قالَ الحُسَينُ عليه السلام : ومَا اسمُ تِلكَ القَريَةِ ؟
قالَ : العَقرُ . ۴
قالَ الحُسَينُ عليه السلام : نَعوذُ بِاللَّهِ مِنَ العَقرِ . ۵

1.الخَمَر - بالتحريك - : كلّ ما سترك من شجر أو بناء أو غيره (النهاية : ج ۲ ص ۷۷ «خمر») .

2.الغَلْوَةُ : مقدار رمية (الصحاح : ج ۶ ص ۲۴۴۸ «غلا») .

3.العاقول : الأرض لا يُهتدى لها لكثرة معاطفها ، والعاقول : نبت معروف له شوك ترعاه الإبل (تاج العروس : ج ۱۵ ص ۵۰۹ «عقل») .

4.العَقر : عدّة مواضع ، منها : عَقرُ بابل قُرب كربلاء من الكوفة (معجم البلدان : ج ۴ ص ۱۳۶) وراجع : الخريطة رقم ۴ في آخر الكتاب .

5.العَقر : الجَرح ، وأيضاً : أثَرٌ كالحَزِّ في قوائم الفَرَس والإبل ، يقال : عَقَرَه - أي الفرس والإبلَ - بالسيف : قَطَعَ قوائِمَهُ (راجع : تاج العروس : ج ۷ ص ۲۴۶ و ۲۴۷ «عقر») .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
706

فَقالَ : اِنزِلوا ، هاهُنا - وَاللَّهِ - مَحَطُّ رِكابِنا ، وسَفكُ دِمائِنا ۱ ، هاهُنا - وَاللَّهِ - مَخَطُّ قُبورِنا ، وهاهُنا - وَاللَّهِ - سَبيُ حَريمِنا ، بِهذا حَدَّثَني جَدّي . ۲

۷۴۹.الفتوح - بَعدَ ذِكرِ وُصولِ أمرِ عُبَيدِ اللَّهِ بِالتَّضييقِ في وَراءِ عُذَيبِ الهِجاناتِ ۳ - : خَرَجَ الحُسَينُ عليه السلام ووُلدُهُ وإخوَتُهُ وأهلُ بَيتِهِ - رَحمَةُ اللَّهِ عَلَيهِم - بَينَ يَدَيهِ ، فَنَظَرَ إلَيهِم ساعَةً وبَكى‏ ، وقالَ : اللَّهُمَّ إنّا عِترَةُ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله ، وقَد اُخرِجنا وطُرِدنا عَن حَرَمِ جَدِّنا ، وتَعَدَّت بَنو اُمَيَّةَ عَلَينا ، فَخُذ بِحَقِّنا ، وَانصُرنا عَلَى القَومِ الكافِرينَ .
قالَ : ثُمَّ صاحَ الحُسَينُ عليه السلام في عَشيرَتِهِ ، ورَحَلَ مِن مَوضِعِهِ ذلِكَ ، حَتّى‏ نَزَلَ كَربَلاءَ في يَومِ الأَربِعاءِ ، أو يَومِ الخَميسِ ، وذلِكَ فِي الثّاني مِنَ المُحَرَّمِ ، سَنَةَ إحدى‏ وسِتّينَ ، ثُمَّ أقبَلَ إلى‏ أصحابِهِ ، فَقالَ لَهُم : أهذِهِ كَربَلاءُ ؟ فَقالوا : نَعَم .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام لِأَصحابِهِ : اِنزِلوا ، هذا مَوضِعُ كَربٍ وبَلاءٍ ، هاهُنا مُناخُ رِكابِنا ، ومَحَطُّ رِحالِنا ، وسَفكُ دِمائِنا .
قالَ : فَنَزَلَ القَومُ ، وحَطُّوا الأَثقالَ ناحِيَةً مِنَ الفُراتِ ، وضُرِبَت خَيمَةُ الحُسَينِ عليه السلام لِأَهلِهِ وبَنيهِ ، وضَرَبَ عَشيرَتُهُ خِيامَهُم مِن حَولِ خَيمَتِهِ . ۴

۷۵۰.الأخبار الطوال : وسارَ الحُسَينُ عليه السلام مِن قَصرِ بَني مُقاتِلٍ ، ومَعَهُ الحُرُّ بنُ يَزيدَ ، كُلَّما أرادَ أن يَميلَ نَحوَ البادِيَةِ مَنَعَهُ ، حَتَّى انتَهى‏ إلَى المَكانِ الَّذي يُسَمّى‏ «كَربَلاءَ» ، فَمالَ قَليلاً مُتَيامِناً ، حَتَّى انتَهى‏ إلى‏ نِينَوى‏ ، فَإِذا هُوَ بِراكِبٍ عَلى‏ نَجيبٍ ، مُقبِلٍ مِنَ القَومِ ، فَوَقَفوا جَميعاً يَنتَظِرونَهُ ، فَلَمَّا انتَهى‏ إلَيهِم سَلَّمَ عَلَى الحُرِّ ، ولَم يُسَلِّم عَلَى الحُسَينِ عليه السلام .

1.في بعض نسخ المصدر : «ومسفك دمائنا» .

2.الملهوف : ص ۱۳۹ ، مثير الأحزان : ص ۴۹ نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۸۱ وفيه «الثامن» بدل «الثاني» وراجع : الحدائق الورديّة : ج ۱ ص ۱۱۴ .

3.راجع : الخريطة رقم ۳ في آخر الكتاب .

4.الفتوح : ج ۵ ص ۸۳ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۳۶ بزيادة «فقال : الناس عبيد الدنيا ، والدِّين لعق على ألسنتهم ، يحوطونه ما درّت معايشهم ، فإذا مُحّصوا بالبلاء قلَّ الديّانون» بعد «أصحابه» ؛ بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۸۳ .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8692
صفحه از 850
پرینت  ارسال به