693
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل

أن اُجَعجِعَ بِكُم فِي المَكانِ الَّذي يَأتيني فيهِ كتابُهُ ، وهذا رَسولُهُ ، وقَد أمَرَهُ ألّا يُفارِقَني حَتّى‏ اُنفِذَ رَأيَهُ وأمرَهُ .
فَنَظَرَ إلى‏ رَسولِ عُبَيدِ اللَّهِ ، يَزيدُ بنُ زِيادِ بنِ المُهاصِرِ - أبُو الشَّعثاءِ الكِندِيُّ ثُمَّ البَهدَلِيُّ - فَعَنَّ لَهُ ، فَقالَ : أمالِكُ بنُ النُّسَيرِ البَدِّيُّ ؟ قالَ : نَعَم - وكانَ أحَدَ كِندَةَ - فَقالَ لَهُ يَزيدُ بنُ زِيادٍ : ثَكَلَتكَ اُمُّكَ ! ماذا جِئتَ فيهِ ؟ قالَ : وما جِئتُ فيهِ ! أطَعتُ إمامي ، ووَفَيتُ بِبَيعَتي ، فَقالَ لَهُ أبُو الشَّعثاءِ : عَصَيتَ رَبَّكَ ، وأطَعتَ إمامَكَ في هَلاكِ نَفسِكَ ، كَسَبتَ العارَ وَالنّارَ ، قالَ اللَّهُ عزّ وجلّ : (وَ جَعَلْنَهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَ يَوْمَ الْقِيَمَةِ لَا يُنصَرُونَ )۱ فَهُو إمامُكُ .
قالَ : وأخَذَ الحُرُّ بنُ يَزيدَ القَومَ بِالنُّزولِ في ذلِكَ المَكانِ عَلى‏ غَيرِ ماءٍ ، ولا في قَريَةٍ ، فَقالوا : دَعنا نَنزِل في هذِهِ القَريَةِ ؛ يَعنونَ نينَوى‏ ، أو هذِهِ القَريَةِ ؛ يَعنونَ الغاضِرِيَّةَ ، أو هذِهِ الاُخرى‏ ؛ يَعنونَ شُفَيَّةَ . فَقالَ : لا وَاللَّهِ ما أستَطيعُ ذلِكَ ، هذا رَجُلٌ قَد بُعِثَ إلَيَّ عَيناً .
فَقالَ لَهُ زُهَيرُ بنُ القَينِ : يَابنَ رَسولِ اللَّهِ ، إنَّ قِتالَ هؤُلاءِ أهوَنُ مِن قِتالِ مَن يَأتينا مِن بَعدِهِم ، فَلَعَمري لَيَأتينا مِن بَعدِ مَن‏تَرى‏ ما لا قِبَلَ لَنا بِهِ .
فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : ما كُنتُ لِأَبدَأَهُم بِالقِتالِ ، فَقالَ لَهُ زُهَيرُ بنُ القَينِ : سِر بِنا إلى‏ هذِهِ القَريَةِ حَتّى‏ تَنزِلَها فَإِنَّها حَصينَةٌ ، وهِيَ عَلى‏ شاطِئِ الفُراتِ ، فَإِن مَنَعونا قاتَلناهُم ، فَقِتالُهُم أهوَنُ عَلَينا مِن قِتالِ مَن يَجي‏ءُ مِن بَعدِهِم .
فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : وأيَّةُ قَريَةٍ هِيَ ؟ قالَ : هِي العَقرُ ۲ ، فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : اللَّهُمَّ إنّي أعوذُ بِكَ مِنَ العَقرِ ۳ ، ثُمَّ نَزَلَ ، وذلِكَ يَومُ الخَميسِ ، وهُوَ اليَومُ الثّاني مِنَ المُحَرَّمِ سَنَةَ

1.القصص : ۴۱ .

2.العَقْرُ : عدّة مواضع ؛ منها : عقر بابل قرب كربلاء من الكوفة (معجم البلدان : ج ۴ ص ۱۳۶) وراجع : الخريطة رقم ۴ في آخر الكتاب .

3.العَقْر : الجرح ، وأيضاً أثرَه ، كالحَزِّ في قوائم الفَرَس والإبل ، يقال : عَقَر - أي الفرسَ والإبلَ - بالسيف : قَطَعَ قوائِمَهُ (تاج العروس : ج ۷ ص ۲۴۶ و ۲۴۷ «عقر») .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
692

فَرَأَيتُ فارِساً عَلى‏ فَرَسٍ وَقَفَ عَلَيَّ ، وقالَ : يا حُسَينُ ، إنَّكُم تُسرِعونَ وَالمَنايا تُسرِعُ بِكُم إلَى الجَنَّةِ . فَعَلِمتُ أنَّ أنفُسَنا نُعِيَت إلَينا .
فَقالَ لَهُ ابنُهُ عَلِيٌّ : يا أبَه ، أفَلَسنا عَلَى الحَقِّ ؟ قالَ : بَلى‏ يا بُنَيَّ ، وَالَّذي إلَيهِ مَرجِعُ العِبادِ ، فَقالَ ابنُهُ عَلِيٌّ : إذَن لا نُبالي بِالمَوتِ .
فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : جَزاكَ اللَّهُ يا بُنَيَّ خَيرَ ماجَزى‏ بِهِ وَلَداً عَن والِدِهِ . ۱

۷ / ۳۳

كِتابُ ابنِ زِيادٍ إلَى الحُرِّ يَأمُرُهُ بِتَضييقِ الأَمرِ عَلَى الإِمامِ عليه السلام‏

۷۳۵.تاريخ الطبري عن عقبة بن سمعان : فَلَمّا أصبَحَ [الحُسَينُ عليه السلام‏] نَزَلَ فَصَلَّى الغَداةَ ، ثُمَّ عَجَّلَ الرُّكوبَ ، فَأَخَذَ يَتَياسَرُ بِأَصحابِهِ يُريدُ أن يُفَرِّقَهُم ، فَيَأتيهِ الحُرُّ بنُ يَزيدَ فَيَرُدُّهُم فَيَرُدُّهُ ، فَجَعَلَ إذا رَدَّهُم إلَى الكوفَةِ رَدّاً شَديداً امتَنَعوا عَلَيهِ فَارتَفَعوا ، فَلَم يَزالوا يَتَسايَرونَ [الحُسَينُ عليه السلام وَالحُرُّ ]حَتَّى انتَهَوا إلى‏ نينَوى‏ ؛ المَكانِ الَّذي نَزَلَ بِهِ الحُسَينُ عليه السلام .
قالَ : فَإِذا راكِبٌ عَلى‏ نَجيبٍ لَهُ ، وعَلَيهِ السِّلاحُ ، مُتَنَكِّبٌ قَوساً ، مُقبِلٌ مِنَ الكوفَةِ ، فَوَقَفوا جَميعاً يَنتَظِرونَهُ .
فَلَمَّا انتَهى‏ إلَيهِم سَلَّمَ عَلَى الحُرِّ بنِ يَزيدَ وأصحابِهِ ، ولَم يُسَلِّم عَلَى الحُسَينِ عليه السلام وأصحابِهِ ، فَدَفَعَ إلَى الحُرِّ كِتاباً مِن عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ فَإِذا فيهِ : أمّا بَعدُ ، فَجَعجِع بِالحُسَينِ حينَ يَبلُغُكَ كِتابي ، وَيقدَمُ عَلَيكَ رَسولي ، فَلا تُنزِلهُ إلّا بِالعَراءِ في غَيرِ حِصنٍ وعَلى‏ غَيرِ ماءٍ ، وقَد أمَرتُ رَسولي أن يَلزَمَكَ ولا يُفارِقَكَ ، حَتّى‏ يَأتِيَني بِإِنفاذِكَ أمري ، وَالسَّلامُ .
قالَ : فَلَمّا قَرَأَ الكِتابَ قالَ لَهُمُ الحُرُّ : هذا كِتابُ الأَميرِ عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ ، يَأمُرُني فيهِ

1.مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۲۶، الفتوح : ج ۵ ص ۷۰ ؛ الملهوف : ص ۱۳۱ ، مثير الأحزان : ص ۴۴ كلّها نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۶۷ وراجع : المناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۹۵ .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8197
صفحه از 850
پرینت  ارسال به